سورة البقرة | حـ 333 | آية 277 - 278 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 333 | آية 277 - 278 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وهذه الخاتمة للآية متكررة قلنا إنها في الدنيا والآخرة أو واحدة في الدنيا واثنتان في الدنيا والآخرة لهم أجرهم عند ربهم هذا يمكن أن يكون في الآخرة يمكن أن يكون في الدنيا ولا خوف عليهم في
الدنيا والآخرة ولا هم يحزنون في الدنيا والآخرة وقلنا إن هذا الختام هو الذي جعل الناس تتمسك بالدين فإن من تمسك بالدين رأى الله في كل شيء وشعر بالسعادة وبالراحة وبعدم الخوف وبالطمأنينة إلا بذكر الله تطمئن القلوب وبعدم الحزن فإن الدين فيه سعادة الدارين فإن الدين فيه سعادة الدارين دار الدنيا ودار الآخرة وليس دار الآخرة فقط ولذلك يحاول الناس أن يخرجوا الدين من قلوب الناس لكنهم لا ويتساءلون لماذا فشلت مشاريعنا، لأنك تسير ضد التيار الذي خلقه الله. الكون
يسبح والكون يسجد والكون يعبد ربه، وأنت تسير في الاتجاه المعاكس. لا فائدة من ذلك. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فلا بد من الأمرين معا. وأن أقواما قد غرهم بالله الغرور. النبي يقول هكذا صلى الله عليه وسلم. والغرور هو الشيطان يقولون نحن نحسن الظن بالله، لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل، فلا بد من إيمان في القلب يصدقه العمل، والإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، فإذا كان في القلب وحده فهو محل شك وريبة، وصدق المرء يكون في صدقه مع ربه وليس
في الشك. متشككون هل هذا مؤمن حقا أم مؤمن منافق أم ماذا تكون القصة، وما هو فليس هناك مؤمن منافق مؤمن في دعواه يعني، ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، في ذلك يجب أن يكون الإيمان والعمل الصالح وليس هناك في القرآن كله الكلام على الإيمان دون الكلام عن العمل الصالح معه، إذا فالعبرة ليست بالتصديق القلبي فقط وإنما لا بد أن ينعكس هذا التصديق القلبي على الأعمال وتكون من الأعمال الصالحة. وما الأعمال الصالحة؟ الأعمال الصالحة منها ما هو قاصر على نفسك بأن تمتنع
عن الحقد والحسد والبغضاء والكراهية. والكبر وهذا يمثله إقامة الصلاة يعني عندما تصلي في جوف الليل في أحد يراك، من الذي انتفع بصلاتك هذه؟ لم ينتفع بها أحد مباشرة، إنما الذي انتفع بها هو أنت، وكذلك إذا ما خليت قلبك من القبيح وزينته بالصحيح، من انتفع به؟ أنت انتفعت به، وكذلك لو أنك ذكرت الله على كل حال ولا يزال لسانك رطبا بذكر الله من انتفع به أنت انتفعت به فهناك من الأعمال ما فيها عبادة ولكنها راجعة إلى الإنسان نفسه قاصرة لا تتعدى في نفعها إلى
غيره مباشرة لأن الصلاة تتعدى إلى الغير أيضا وذكر الله يتعدى إلى الغير ولكن ليس مباشرة وإنما عن طريق أن تكون صالحا فتؤدي حقوق الناس ولا تؤذي جيرانك ولا أهلك ولا عشيرتك وتدافع عن وطنك وتجاهد في سبيل الله قال هكذا يعني هي التي تدفعك إلى هذا فهذه مسألة غير مباشرة ولذلك فصل الأعمال الصالحة أولا على ما يعود إلى نفسك فقال وأقاموا الصلاة وهناك من الأعمال ما يتعدى إلى غيرك وقال فيها وآتوا الزكاة، إذن عبارة عن ماذا؟ مبلغ تدفعه للفقير والمسكين والمدين وغيرهم
وفي سبيل الله. حسنا وبعد ذلك هذا الدفع هل ينفع أم لا ينفع الآخرين مباشرة؟ لأن المسكين يأكل به والفقير يكسو نفسه به وهكذا إلى آخره، وهناك من الأفعال أيضا كالهبة كالوصية عمارة الأرض كل ذلك يرجع مباشرة في نفعه إلى الناس ولذلك فأنت مطالب بالإيمان الذي قد وقر في قلبك وبالعمل الصالح سواء كان قاصرا على نفسك أو متعديا لغيرك فما العمل الصالح قالوا العبادة والعمارة والتزكية هذا العمل
الصالح أن تعبد الله وأن تعمر الأرض وأن تزكي نفسك أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، يبقى إذا عندما نزل التشريع نزل بما يسمى بفورية القوانين، مبدأ فورية القوانين عرفه أهل القانون يعني متأخرا قليلا، فورية القوانين تعني ماذا؟ تعني عندما يصدر قانون اليوم فإنه لا يحاسبك بأثر رجعي من شروط تشريعات القانون تكون الفنية الخاصة بها ألا تكون بأثر رجعي، فلما نزلت الآية التي تحرم
عليك الربا يجب أن تأخذ رأس مالك وتتوقف عن الربا في المستقبل، أما الربا الذي أخذته من قبل فقد عفا الله عما سلف، هذه هي فورية القوانين، إذن الشريعة تعلمنا هنا فورية القوانين، يا أيها الذين آمنوا من الربا إن كنتم مؤمنين، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.