سورة البقرة | حـ 348 | آية 286 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة وفي ختامها يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يقرر لنا حقائق ويعلمنا أدب الخطاب معه والحديث مع ربنا سبحانه وتعالى كيف يكون عن طريق الدعاء والالتجاء إليه دون سواه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت إذا فهناك عدالة حيث أن الله سبحانه وتعالى لا يطلب منك فوق طاقتك ولا يمكن أن يكلفك بالمحال ولا بما لا يطاق لا
يكلف الله نفسا إلا وسعها فكل ما كلفك الله به من أفعال أو من طرق يعني جمع اترك، الخمر واترك السرقة واترك القتل واترك الفاحشة واترك الزنا واترك ما إلى ذلك والغيبة والنميمة وما شابه ذلك، هذا مقدور عليه تستطيع أن تفعله وأن تترك كل هذا، لكن ما لا يناسبك اترك شرب الماء نهائيا واترك الطعام نهائيا، حسنا ألست ستموت؟ اترك النوم نهائيا حسنا، ألا تسقط من طولك وإنما عندما كلفنا بما نطيق ولما قال لك اذهب توضأ وصل وصم وحج وكذا إلى آخره وزك وقل الصدق كلفك بما تطيق لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وتستمر العدالة فإن الله عادل بأنه
لك ما كسبت وعليك ما اكتسبت يعني لا يخترع لك إثم زائد عن إثمك ولا يخترع لك فعل زائد عن فعلك إلا أنه من كريم وواسع فضله سبحانه وتعالى من كريم فضله ومن سعة عدله ورحمته بنا فإنه يحسب الحسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة غير متناهية والسيئة واحدة فقط وإلا كنا ماذا يعني ضعفاء ومن هنا فنحن نعبد ربا قد خلق وربا قد أكرم وربا عدل فينا ابتداء وانتهاء في الدنيا بعدم التكليف بما
فوق الطاقة وفي الآخرة إذا كان الأمر كذلك فكيف ندعوه فيعلمنا إذن يعلمنا كيف ندعوه سبحانه وتعالى ربنا أي يا ربنا أي دعاء لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا أنا يمكن أن أنسى بعض الواجبات أو أخطئ في ترك الفروض، فإذا فعلت ذلك يا رب فلا تؤاخذني. يبقى إذن عندما ندخل ونكلم ربنا إنما نكلمه بأن يطبق علينا الرحمة وليس العدل، لأنه عادل من غير طلب. ما من أحد يقول له يا رب احكم في بعدلك،
أصلا أنا أعني لا، هذا يعني أنه قد أضاع نفسه، وإنما يقول له: يا رب ارحمني ولا تؤاخذني، لماذا؟ لأن هذا العمل الذي فعله ظنا منه أنه عمل صحيح قد يتبين أنه عمل غير صحيح، لماذا؟ لأنك قاصر تنسى وتخطئ ومحدود الإدراك، وفي الحديث أن رجلا قد تصدق بالليل فوقعت الصدقة في يد يتحدثون تصدق اليوم على غني، خطأ، هو لم يكن يريد الغني، هو كان يريد أن يعطي للفقير، ثم تصدق في ليلة أخرى فتصدق فوقعت الصدقة في يد بغي، هو
كان يريد أن تقع في يد تقي مسكين عفيف متعفف عن الحرام فتأتيه الصدقة تسنده، ولكن سبحان الله وقعت في يد قام أهل القرية فقالوا تصدقوا اليوم على امرأة يتطهرون بها، أي انظروا كيف، فحزن الرجل ولكنه لم يكن مصيبا في حزنه، انظروا عندما لا يؤاخذنا ربنا إن نسينا أو أخطأنا، كيف يبدل سيئاتنا حسنات، فقال له: لا، هذا لما وقعت في يد الغني لعلها أن تكون له ذكرى يقول الله تعالى إن هناك أناسا سيتصدقون فيتذكرون الصدقة فيتصدقون فيكون الدال على الخير كفاعله،
وعندما وقعت في يد امرأة بغي يمكن أن تدفعها إلى البغاء الحاجة، فلما جاء المال تستعف به فيدفعها إلى العفاف فتحسب له أيضا صدقة وفي مكانها، بل يمكن أن تكون هذه أفضل، والله سبحانه وتعالى إذن المسألة نسبية وليست بأيدينا هذه بيد ربنا، أحيانا تخطئ وخطؤك يتبين صحيحا، هذا هو الكلام إذن، وخطؤك يتبين صحيحا، وأحيانا تصيب وإصابتك في ظنك تتبين خطأ، فماذا نقول له إذن عندما ظهر العجز وعدم الإدراك وعدم القدرة على الوصول إلى الحقيقة في ذاتها وعنده سبحانه ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا
أو أخطأنا وهنا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي النسيان والخطأ وما أكرهوا عليه النسيان نسيت أفعل ماذا حسنا أنا ظننت أنني صليت الظهر وبعد ذلك اتضح يوم القيامة أنني لم أصلها لن تحاسب عليها ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ولكن لم تتعمد ذلك قلوبنا أما النسيان فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها أخطأت ففي أثناء صلاة الظهر صليت العصر لم أنتبه ظننت أننا في وقت العصر أي أن الزمن
التبس علي وهذا يحدث مع كبار السن كثيرا عندما يمن الله عليك بثمانين وتسعين سنة تحدث لك هذه الحالة قم ما قم، ربنا أيضا يتقبلنا عنده لأنه رفع عن الأمة الخطأ وكذلك ما أكرهنا عليه بالإكراه، فلا يوجد أبدا تكليف، يعلمنا ربنا كيف نسأله وندخل إليه من طلب الرحمة، ولذلك وإلى لقاء آخر نستودعكم الله حتى نكمل هذا الحديث بين العبد وبين ربه كما علمنا ربنا في آخر سورة البقرة فإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته