سورة البقرة | حـ 35 | آية 6 : 7 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله سبحانه وتعالى نعيش هذه اللحظات مع قوله تعالى وهو يتحدث في شأن الكافرين "إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون" وكان هذا تسلية لقلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي لا تذهب نفسك عليهم حسرات، القضية هي أنك مبلغ ولست خالقا للهداية، لست يا محمد خالقا للهداية بل الذي يخلق الهداية في قلوب العباد ويوفق هو الله، أما
بالنسبة لهؤلاء الذين كفروا فإنه سواء، أي يستوي الأمران، إذ سواء يبقى هناك أمران وكل أمر مساو للأمر الثاني سواء أن الذين كفروا سواء عليهم هذا أو هذا ما دام في سواء يبقى لا بد علينا أن نرى أمرين ما الأمران أأنذرتهم أم لم تنذرهم هذا أمر وهذا عكسه يبقى استوى النفي والإيجاب يبقى هذه طبيعة فيه بقي كذلك خلقه فيه خاصة ربنا أنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، يبقى هو ما عليك إلا البلاغ فقط، بلغه فقط، إذا كان سيد المرسلين
بهذا الشأن فما بالك بالدعاة الحاملين عنه في قوله "بلغوا عني ولو آية"، يبقى كذلك بل أعمق، هذا يمكن أن يكرم ربنا واحدا من الكافرين فيجعله يؤمن، أي كرامة للنبي كذلك يؤمن وأنا لست نبيا فيجب أيضا أن أبلغه ولكن أقول الحق أنا أقول الحق وهو سبحانه وتعالى يهدي السبيل وليس أنا لو عرف الدعاة هذا لأراحوا أنفسهم ولارتاحوا ولبلغوا وهم لا ينتظرون النتيجة وإنما يبلغون لله ولما حدث في البلاغ تشنج أو حزن أو أسى أو نوع من أنواع حب الفرض
والقهر بالكلام على الناس أبدا والسبب في ذلك ما هي الآية التي ذكرها الله في أول ما يذكر شأن الكافرين أن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ويأتي لك أم هنا لكي تبقى كأنها أم التي تبين الاستواء ففي همزة هنا أأنذرتهم الهمزة التي أأنذرتهم أم أنثرتهم؟ فيها همزة وحدها لكن هذا قبل الهمزة همزة أخرى وهي همزة التسوية وهمزة التسوية تقتضي ماذا؟ أن تأتي بـ"أم" معها لكي تعمل مثل القبان الخاص بالميزان هكذا لكي تعمل
الكفتين "أم" هذه إذن الهمزة هذه اسمها همزة التسوية وإذن "أم" عملت قبان الميزان يعني هذه مثل هذه هذا طيب أنا أنذرتهم فلن يهتدوا، طيب ما أنذرتهم فلن يهتدوا أيضا، أنا أنذرتهم فلن يهتدوا فماذا يوجد؟ يوجد عناد، ما أنا أنذرت ها هو سمع ولكنه لم يستجب، سمع بأذنه فقط ولكنه لم يستجب، طيب ما أنذرته فلم يعمل عقله فماذا يوجد؟ يوجد نوع من أنواع نقول عليه الجهل ولا نقول عليه ضد التفكير، ما هذا الذي ضد التفكير؟ إنه لا يفكر، فسواء عليه سمع وأبى عنادا أو لم
يسمع فلم يستعمل عقله ابتداء فإنه لا يهتدي، فيكون إذن العناد والجهل وعدم التفكير هذه من أساليب المؤمنين أم من أساليب غير المؤمنين؟ لا، هذه من أساليب غير المؤمنين فماذا يفعل المؤمن ليعاكس ذلك فلا يكون عنيدا ولا يكون جاهلا يجب أن يكون بالسياسة هكذا فلا يوجد عناد، فمن أين يأتي هذا العناد؟ يأتي من الهوى، يأتي من حب الأنا التي يسمونها الأنانية، يأتي من التكبر، فهذه كلها صفات يجب أن ننهى عنها لأنها توصل إلى العناد الذي يوصل إلى الكفر والكلام أصبح الشائع فينا هكذا العناد يورث الكفر العناد
يورث الكفر من أين نأتي بها من هنا انظر أثر القرآن في ثقافة الناس نحن نقول كلمات هكذا لكن من أين نأتي بها يعني هذه العناد يورث الكفر من أنه سواء عليهم أأنذرتهم أم يؤمنون، فلما ونحن نربي الأولاد وهم صغار، قم فنقول لهم هذه العبارة: يا ولد لا تعاند، فإن العناد يورث الكفر، يعني نحذره من صفة هي من الصفات المذمومة لأنها لا تؤدي إلى نور القلب، لأنها لا تؤدي إلى نور العقل، لأنها لا تؤدي إلى الإيمان، بل تؤدي إلى عكس ذلك إلى الظلمة إلى الاضطراب إلى عدم الاستفادة من النصيحة، عدم الاستفادة من الكبير وهكذا. إن الذين كفروا، إن هذه يقولون عليها إنها للتوكيد،
فهذا يؤكد وما دام يؤكد فإنه يريد أن ينبه طائفتين: طائفة الذين كفروا يؤكد لهم أن الذي هم عليه خطأ، والآخر الذي يتشكك. إن الذين كفروا يعني ما هم بجيدين فيقولون لا تأكد أنهم على ضلالة، فر يعني ماذا؟ الكفر يعني ستر والزراع يكفرون الحب، يكفرون الحب يعني يضعون الحب يحفرون له هكذا في الخطوط في الحقل ويضعونه في داخل التربة وإلا فإن أي قليل من المياه يأتي يحمل الحب هذا ويذهب
به ولذلك كفر يعني ستر كافر لماذا؟ لأنه ستر الإيمان في قلبه، فالله هو الإيمان موجود حتى يستره، قال نعم فأين؟ قال في فطرة الإنسان "وهديناه النجدين" أي كأننا حين نسمي غير المؤمن كافرا نعترف بوجود الإيمان في قلبه من الداخل، لكن هذا الإيمان قد ستره فكفر، إذن فالإيمان هذا أمر فطري، فقالوا أقم الدليل على وجود الله قال له ومتى غاب حتى أقيم الدليل عليه هل يوجد
شيء اسمه أقيم الدليل على وجود الله هذا ربنا نراه في كل شيء وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد أنت أيها الكافر هات لي دليلا أنه غير موجود بحكم أننا بوجودنا هذا وفطرتنا تعلمون أنه موجود انتبه هذه كلمة كافر نفسها والكفر يثبت فطرية الإيمان ويثبت أن الكافر هذا غير معذور لماذا؟ لأنه يخدع نفسه لأنه يشعر من داخله أن هناك ربنا ويشعر من داخله بأن هناك إيمانا والقلب هذا متوجه إلى هذا الإيمان ولكن يا للأسف هو كفره يعني ستره على فكرة قد يجد في ذلك صعوبة
في كفره، أي في ستره، قبل أن يستره تجد فيه صعوبة. واحدة كانت من عجائز نيسابور وكانوا قد أقاموا لإمام من الأئمة، قيل إنه الإمام الغزالي وقيل إنه الإمام الرازي، أقامت له احتفالا لأنه ألف كتابا أورد فيه ألف دليل على وجود الله، هذا قالوا إن الإمام فلان أقاموا له حفلة بسبب هذا الكتاب، فقالت وهل عنده ألف شك في وجود الله حتى يؤلف ألف دليل؟ فليذهب هذا الشك! قال اللهم، لقد سمع هذه العبارة من المرأة العجوز "اللهم ارزقني إيمانا كإيمان عجائز نيسابور". الإيمان الفطري أن كل واحد يعرف أن هناك ربا. وعندما يقع في أزمة يقول يا رب والله يستجيب له فمن الذي يستجيب إذن وهذه استجابات غريبة عجيبة
إذا سمى الكافر كافرا والكفر كفرا لأن فيه أي ستر يقول أنذرت والإنذار فيه نوع من أنواع الوعيد والإشعار فيه نوع من أنواع الوعد أو التنبيه فهنا ينذرهم أي يهددهم وسبب تهديده لهم أنه سبب التهديد لهم أنهم قساة القلوب وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته