سورة البقرة | حـ 38 | آية 9 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله سبحانه وتعالى نعيش هذه اللحظات، عسى أن نطلب منه الهداية كما وصف الله ربنا سبحانه كتابه بذلك فجعله هدى للمتقين. يقول ربنا سبحانه وتعالى: "يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون يخادعون الله لأن الله عليم بذات الصدور، فعندما يقول أحدهم بلسانه آمنت بالله وهو لا يؤمن بالله في قلبه، وعندما يقول آمنت باليوم الآخر وهو لا يصدق أن هناك يوما آخر ولا يعد له
عدته، وعندما يخادع فيتكلم في القول ولا يتكلم في العمل، والإيمان تصديق بالقلب. وعمل بالأركان فعندما لا يفعل ذلك فإنه يخادع الله وهو يقصد أن يخادع الله والله لا يخدع فالله موجود ومطلع وعليم بذات الصدور سبحانه وتعالى فماذا يفعل هذا؟ هو يخدع نفسه ويضحك على نفسه يقول لك من يضحك على من؟ نعم أنت تضحك على نفسك لست تضحك علينا أنت تضحك على نفسك لأن الله سبحانه وتعالى يعلم ما في قلبك والذين آمنوا ما هو يخدع فماذا يقول الذي يضطر إلى هذا لأنه يريد مصالح مع
الذين آمنوا فيبدأ النفاق هذا لا يرضي الله ولا رسوله ولا المؤمنين أبدا لا نريد منافقين ومن هنا بني الإسلام على التبليغ ومنع الله الإكراه لأنك إذا أكرهته فسوف يقول لك حسنا أنا مؤمن معك وهو غير مؤمن فتكون قد أنشأت منافقا الذي نحاربه ونقول إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار أي لهم أشد العذاب ونرى خمس آيات للمؤمنين وآيتين للكافرين وثلاث عشرة آية للمنافقين ونرى أن النفاق هذا ليس هو هؤلاء البشر بل ومن الناس بعض الناس ولكن هو الذي يكون في هذه الطائفة يخادعون الله والذين آمنوا
للمصالح، ومن هنا قال لكم دينكم ولي دين، ومن هنا قال ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، ومن هنا قال لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ومن هنا قال إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء فواضح في دين الإسلام أنه ليس فيه إكراه لأنه يقاوم المنافقين والإكراه يولد المنافقين لا نريد أبدا هذه الطائفة وننعى عليها هذه طائفة خبيثة أرادت أن تظهر الإيمان وإن لم تكن قادرة نفسيا على أن تبطن أن تظهر الكفر الذي في باطنها وذلك من أجل ضعفها وخوارها والمؤمن
القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف، ربنا يريدنا أقوياء لا يريدنا ضعفاء. يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، عدم الشعور من أين يأتي؟ من الجهل لأنهم ما قدروا الله حق قدره. لما لم يفهموا صفات الله، لم يفهموا من هو الله، ولذلك لما خدعوا أنفسهم لم يلتفتوا إلى ذلك ولم يشعروا بهذا الذي فعلوه في أنفسهم، والسبب أن الله قد غاب عن قلوبهم، والله سبحانه وتعالى أغنى الأغنياء عن الشرك، فمن نازعه سبحانه وتعالى في شيء تركه ولا يبالي، ومن تركه لا حول
ولا قوة إلا بالله، ضاع. اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك ولا أقل من ذلك أقل من طرفة عين لأن الله لو تخلى عنك ضعت، فغاب الله عن قلوبهم فلم يشعروا بالحقائق البديهية الأولية في قلوبهم مرضوا القلب لا يخلو إما يكون فيه القبيح إذا أخرجت الصحيح احتل بالقبيح، إذا طردت القبيح امتلأ بالصحيح. القلب لا يخلو أبدا، ما من شيء اسمه قلب خال. القلب الخالي لا يكون إلا في حالة واحدة فقط وهو المجنون الذي غاب عنه عقله
تماما، فهذا أصبح القلب فارغا لا في قبيح ولا صحيح، ولذلك هو خارج التكليف ربنا لا يكلفه ولا يسأله يوم القيامة بل يكرمه كذلك من خلقه لكن قلبك كلما كان فيه قبيح فهو قبيح بقدر ما فيه من قبح والباقي صحيح وكلما ازداد القبيح قل الصحيح وكلما ازداد الصحيح قل القبيح فهؤلاء الناس سليمة صحيحة قال لا هذا في قلوبهم مرض داخل قلبه متمكن المرض، والمرض هذا له مقدار، فعندما يمرض الإنسان
يصبح المرض موجودا في مكان معين، لكنه يزداد إذا لم تعالجه، فماذا يحدث؟ يزداد حتى نصل في الأمراض إلى السرطان والعياذ بالله تعالى، يستمر في الازدياد هكذا ويزداد حتى يهلك الإنسان، لكن أي مرض هكذا كذلك إذا تركناه من غير علاج يتفاقم ويزداد في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا، ولم يرض أن يعالج نفسه، فلو عالج نفسه ومن تاب الله عليه، ولو أنه رجع إلى الله لوجده توابا رحيما وغفورا رحيما، لكنه لم يرض وسار في غيه ومضى في حالة تصبح مصيبة
سوداء، لماذا؟ في المرض أنك إن لم تعالج ازدادت سوءا هكذا خلق الكون هكذا عندما يأتي الواحد منا يمرض يجب أن يسارع إلى العلاج هذا العلاج قد يكون بالغذاء قد يكون بالدواء قد يكون بالجراحة قد يكون بالحجامة قد يكون بالأعشاب قد يكون بأي شيء لكن المهم أن تعالج نفسك قد يكون بالحمية أن تمتنع عن شيء قد يكون بالراحة أن ترتاح وتنام فإذا بالجسم يقاوم المقاومة التي خلقها الله والمهم كل ذلك مندرج تحت مقاومة المرض يعني المرض ليس لازما أن تتخذ وسيلة معينة أي وسيلة والمهم في هذه الوسيلة أن تكون
علاجا يجب أن تكون علاجا فإن تركت المرض سنة الله في كونه أن يزداد ويتفاقم حتى يصبح مزمنا، قول هذا أن لدي مرضا مزمنا يعني لا يريد أن يذهب انتهى سيبقى هكذا، وإذا تركته ينتقل من عضو إلى عضو ويتداعى هم تركوا يبقى كلمة فزادهم الله مرضا معناها ماذا أنهم قد تركوا هذا المرض لم يحاولوا علاجه لم يحاولوا يخرجوا من نفاقهم إلى الإيمان بعد التحذير والتنبيه والشرح والإيضاح لم يحاولوا، طيب ولم يحاولوا، لماذا مسرور بالمرض الذي له مسرور وهذا هو الذي
يجعل المرض الذي هو النفاق يزداد النفاق له صورتان كبيرتان صورة قلبية وهو المنافق الحقيقي الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر وصورة ظاهرية كان فيها تقليد الأصل يعني أن الكفر هذا مثل شجرة لها فروع، والإيمان هذا مثل شجرة لها فروع، والنفاق هذا مثل شجرة لها فروع. فمن فروع النفاق إذا حدث كذب وإذا ائتمن خان وإذا خاصم فجر، من شعب النفاق هكذا ثلاث من كن فيه كان منافقا وإن وجدت مثل هذه الصفات.
فالنفاق الظاهر مصيبة ولكنه خفيف قليلا، والنفاق الباطن أكثر في المصيبة ولكن ينبغي على الإنسان أن يخرج من كليهما. وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.