سورة البقرة | حـ 41 | آية 13 : 14 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله نعيش هذه الدقائق في سورة البقرة، يقول ربنا سبحانه وتعالى في شأن المنافقين: وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون. وقلنا أن ذلك لفقدان المعيار، لأن المعيار الذين معهم معيار دنيوي فيه صناعة وفيه زراعة وفيه مصلحة، نعم، فإذا كانوا أقوياء في هذا الجانب فإنهم لا يبالون أأطاعوا الله أم عصوه. ربنا يأمر بالقوة: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، والمؤمن القوي كما ورد في الحديث خير من المؤمن الضعيف وفي كل خير، إلا أن هذه القوة
إنما هي قوة ربانية تأتمر بأمر الله وتقف عند نهي الله حتى لا يعيثوا في الأرض فسادا ولا يفسدوا في الأرض ولكن الذي فقد هذا الأمر الإلهي فإنه يفعل ما يحلو له فعندما ينبه إلى أن هذا ليس من الصلاح وأنه من القبح وليس من الصواب قال إنما أنا مصلح لأنه يرى في نفسه ذلك ولذلك أكد الله بعدها أنهم ليسوا كما ظنوا ولا كما يظنون فقال ألا إنهم هم المفسدون للتأكيد ألا للتأكيد وإن للتأكيد هم مرة ثانية والتكرار
للتأكيد ألا إنهم هم المفسدون فعبر بالاسم الذي يفيد الدوام ولم يعبر بالفعل الذي يفيد التجدد والحدوث والخفة لم يقل إلا أنهم هم يفسدون، قال إلا أنهم هم المفسدون. يا له من تأكيد شديد، والتأكيد الشديد يحدث متى؟ عندما يكون الظاهر من الأمر ينبئ بغير الحقيقة. عندما يمكن للناس من المؤمنين أن يقولوا كيف؟ حسنا أليسوا مصلحين، لماذا هم مصلحون؟ لأنهم تمكنوا. من عمارة الأرض قلنا لهم أما التمكن من عمارة
الأرض فهذا أمر نؤمر به، أما أنهم يستغلون هذا التمكن في غير ما أمر الله فهذا وجه الفساد، فربنا سبحانه وتعالى خاطب حتى المؤمنين، خاطب الجميع فكرر وأكد على أن هذا ليس من الصلاح في شيء، بل هو فساد. في فساد ثم قال تعالى ولكن لا يشعرون تأكيدا على أنهم لا يعرفون المعيار وإنما هم يظنون أنهم على حد الصلاح وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس فنقل المسألة إلى الإيمان وليس إلى العمران قد يكونون يشاركون في العمران لكن لا بد لك أن تؤمن بالله وأن تؤمن بتكاليفه فما بالكم إذا آمنتم
مثل ما آمن المؤمنون أيها المدعون أنكم تعمرون قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء نحن الذين نعمر الأرض وهؤلاء سفهاء لا يعمرون الأرض فأنت تريدنا أن نصبح مثل هؤلاء المتخلفين قال لهم ما كان الإيمان بالله تخلفا قط إن ترككم للإيمان بالله بتنحيتكم إياه بعدم الاهتمام به التخلف لا يتأتى مع الإيمان بالله، قال ما أنتم مؤمنون بالله ولكن ما أنتم مثله، فلماذا لا تؤمنون أنتم، وإذا آمنتم بالله وعمرتم الكون ستصبحون أفضل
منا ألف مرة، نحن الذين آمنا بالله ولم نعرف كيف نعمر الكون، لأن ما هي الحكاية؟ الحكاية هي الإيمان بالله، تفضل آمن بالله حتى يكون فكرك فكرا مستنيرا فهناك فكر سطحي لا تتأتى به العمارة وهناك فكر عميق تتأتى به العمارة وهناك فكر مستنير يربط ما توصل إليه بالحقيقة الكبرى وهي الله فينال سعادة الدارين نحن قلنا لك نال سعادة الدار الواحدة ما هو من أراد أن ينال سعادة دار واحدة يكون مقصود هذا هو سعادة الدارين الدنيا والآخرة، فإذا كنت تلومنا لأننا لم نحصل على الدنيا يا أخي احصل عليها أنت
وآمن وستكون مؤمنا وحصلت على الدنيا والآخرة، ولا يشوش عليك ضعف قوتي في الدنيا وهو أمر مذموم على إيمانك بالله سبحانه وتعالى، وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا آمن السفهاء الضعفاء الذين لم ينجحوا، هؤلاء إلا أنهم هم السفهاء لأن الكفر بالله سفه، الالتفات إلى الدنيا ونسيان الآخرة سفه. الأمور لا تسير إلا على قدمين، فمن أراد الآخرة ولم يعمر الدنيا فهو أعرج، ومن أراد الدنيا ولم يعمر آخرته فهو
أعرج، ومن لم يرد هذه ولا هذه فهو مجنون مقطوع الرجلين والحق أن الإنسان يجب أن تكون له رجلان ليعمر الدنيا لله ويعبد الله لله ويزكي نفسه حتى يستطيع أن يسير في طريق الله فإذا تمسكنا بالأديان وتمسكنا بالعمران أما القول بأحدهما فهو سفه فكما وصفوا هؤلاء بالسفه وصفهم الله بالسفه جزاء وفاقا وجزاء سيئة مثلها أنتم على هؤلاء الذين يتمسكون بالآخرة أنهم سفهاء لماذا لأنهم يتمسكون بالآخرة فقط فلماذا لا تكونون أنتم سفهاء أيضا بكلامكم لأنكم تتمسكون بالدنيا فقط فإذا كان هؤلاء سفهاء
عندكم فمن كلامكم تكونون أنتم أيضا سفهاء ألا إنهم هم السفهاء أيضا ألا وإنهم هذا تأكيد السفهاء هم إنهما الحياة الطويلة والحياة الطويلة الآخرة، طيب إذن الذي قصر في الدنيا مخطئ، وكذلك الذي قصر في الآخرة مخطئ، وتذهب لتمدها هكذا أربعة وعشرين حركة، إذا كان هذا خطأ في القراءة فإذن هذا خطأ في أربعة وعشرين قراءة، إذا كنت تقول إن الذي ترك هذه الدنيا سفيه، فإذن الذي ترك إذن ماذا نكون ما يكون أسفا منه ويكون المؤمن مطالبا بماذا بالأمرين هو أنشأكم من الأرض واستعمركم
فيها وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون قد أفلح من زكاها فسار على الطريقين هذين وقد خاب من دساها فترك أحدهما أو تركهما ولكن لا يعلمون هناك لا يشعرون لأنهم فقدوا المعيار هنا لا يعلمون أن لديهم معيارا لعمارة الدنيا ولكن عقلهم غير منظم ولذلك طعن في علمهم هناك طعن في شعورهم في فقدانهم ولكن هنا طعن في علمهم وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا هذا شأن كثير من المنافقين أنه إذا وجد المؤمن كي يريح
نفسه قال هؤلاء أناس سيبقون يجادلوننا ويأتوننا بحجج ويفعلون بنا، دعك منه قل أنا مؤمن وانتهى دعنا ننتهي، وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، هذا كثير جدا في كل العصور، وإذا خلوا إلى شياطينهم شياطين الإنس قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون، هذه تحتاج إلى شرح كبير، فإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة