سورة البقرة | حـ 50 | آية 22 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله نعيش هذه الدقائق المعدودة، نستهديه سبحانه وتعالى، وهذا الكتاب هدى للمتقين. يقول ربنا سبحانه وتعالى: "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون"، والتقوى كما قلنا من وقع يقي وقاية والعرب تبدل الواو في أول الكلام تاء مثل الوجه تجاه تقول أنا الآن متوجه إلى اتجاه كذا متوجه اتجاه
ومثل الوراث تجدها في تراث تراثنا يعني وراثنا يعني من الميراث يعني تراث تبحث عنها في المعجم فأي مادة في وارثها وتجاه في وجهها وتقوى في وقع تبحث فيها في الواو ولا تبحث فيها في التاء، ستذهب إلى التاء فلا تجد شيئا، فلا تجد شيئا، فتقول: يا الله، هذا القاموس خاطئ. لا، هو يردها إلى أصلها. و"اتقوا" يعني ماذا؟ "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، إذن الوقاية معناها أنك قد جعلت بينك وبين النار حاجزا، إذن الوقاية فيها الحماية وتحمي
نفسك من ماذا، تحمي نفسك من غضب الله، تحمي نفسك من عقابه، تحمي نفسك من كدر المعصية. إن للمعصية كدرا بطبيعة الحال. أيترك الله العبد وهو في المعصية؟ أبدا! فإن بعض الناس يستمرون في عصيان ربهم حتى تسود قلوبهم ولا يستطيعون أن يعودوا إليه. واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ويبقى في الجحيم ولا يعرف كيف يخرج منه ولذلك نور الطاعة وهدوء البال أمر مهم ويأتي أول ما يأتي بتقوى
الله اتركوا الذنوب كبيرها وصغيرها ذلك التقي واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى لا تحتقرن صغيرة إن الجبال من الحصى تبقى إذا تركناها من الصغيرة لأننا إذا فعلنا الصغائر حصاة بجانب حصاة تصنع جبلا إن الجبال من الحصى كما قالوا ومعظم النار من مستصغر الشرر سيدنا عمر سأل أبي بن كعب كانوا جالسين يتذاكرون وينصح بعضهم بعضا ما التقوى يا أبي قال أسرت في واد فيه شوك قال نعم قال فماذا فعلت قال شمرت أي أمسك
ثيابه هكذا وشمرها كي لا تتعلق بالشوك هذا شمرت عن ثيابي وحذرت مما أرى يضع قدمه بعيدا عن الشوك وهو حذر قال هكذا التقوى ها أنت الآن أصبحت تتقي ولكن تتقي ماذا هنا تتقي الشوك فابن المعتز ذهب فأخذ هذا المعنى من القصة المروية عن سيدنا عمر وسيدنا أبو بكر قال هذا الشعر: دع الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى، واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى، لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى. إذن التقوى، وقوله سبحانه وتعالى "لعلكم تتقون" يعني
حتى تتقوا، من أجل أن تتقوا يعني، وليس "لعلكم تتقون" بمعنى يمكن أن تتقوا، هذا يعني أن اللغة العربية تحتمل المعنيين، فماذا نفعل نحن عندما تحتمل اللغة العربية المعنيين؟ والله إن جاز الجمع بين المعنيين فاجمع بين المعنيين ويكون كلام الله واسعا، فهو صفة من صفاته سبحانه وتعالى أنه واسع، فإذا جاز الجمع بين المعنيين فاجمع بينهما وتكون الآية تعني ذلك وأيضا تعني هكذا وهذا يظهر لك عندما تختلف القراءات فالقراءة هذه تعني شيئا والقراءة
هذه تعني شيئا وتبقى الآية تدل عليهما معا ما دام لا يوجد تناقض، طيب وإذا كان هناك تناقض فيجب أن ننتقل في ترجيحه إلى شيء آخر، السياق، العصر الذي نحن فيه، المعلومات التي لدينا تدل على ما خير المجتمع هذا العام إجماع الناس وهكذا وهذا الذي يوجه معنى عن معنى إذا تعذر الجمع بينهما فإذا أمكن فكتاب الله واسع الحقيقة هذه لا يعرفها كثير من المعترضين على كتاب الله ممن جهلوا حقائق اللغة وأساليب العربية التي نزل بها القرآن فيقول لك انظر المفسر هذا يقول كذا يقول هكذا نحن احترنا لا تحتر يا أخي
هذا وهذا صحيح هما الاثنان لا يجري شيئا هذا كتاب الله واسع هذا معجز هذا هداية للعالمين إلى يوم الدين فتجاوز الزمان والمكان والأشخاص والأحوال قال الذي أيضا ستكون صفة لربكم جعل لكم الأرض فراشا الأرض سماها سبحانه وتعالى فراشا نفترشها أي ننام عليها، فالأرض جعلها الله صلبة ولم يجعلها تبتلعنا. فالإنسان عندما يقف على قدميه يتعب، وعندما يتعب يحب أن يستريح. وبما أنه
لا يملك من الدنيا شيئا، فإن الله يريحه فيجعله ينام على الأرض، يمد طوله ويريح ظهره من تعب الوقوف، فالله جعله يمشي على قدمين. وأن جعله منتصب القامة إلا أنه أيضا جعله يتعب ممن يتعب من الوقوف فينام ويستريح فيجد الأرض فراشه وهذه نعمة فإذا أضيفت إليها نعمة هداية الله لنا في السكن فخلق لنا بيوتا تقينا الحر وتقينا البرد أيضا سننام على الأرض ثم جاء معلمنا فصنع الأسرة والكراسي فلو تأملت أين
هو الإنسان وكيف يحيا الآن لعرفت نعمة الله عليه، علم الإنسان ما لم يعلم ولا استعظمت نعمة الله عليه ولا شكرت الله سبحانه وتعالى عند استعظامك للنعم. فانظر إلى الكلمة "والذي جعل لكم" انظر إلى كلمة "لكم" هذه يعني هي ليست للحيوانات ولا للنبات ولا للجماد، هذا لك أنت سبحانه وتعالى لك كل ما في الأرض وكل ما في السماء والسماء بناء لما تنظر إلى السماء وقد حرمنا من النظر
إليها بعد التلوث الضوئي وبعد التلوث السمعي وبعد الأضواء والكهرباء ولو حاولت أن تخرج هكذا بعيدا عن ضياء المدينة وتنظر إلى السماء تجدها شيئا بديعا وإذا بها وهي كذلك لا يضرب وكل في فلك يسبحون، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون. والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون. تجد في البناء ما من نجم يصطدم بنجم آخر، ما تنهدم علينا من الكهرومغناطيسية ومن الجاذبية. اجلس ففسر إذن، اجلس ففسر وتعلم، ولكن
المنظور أمامنا أنها بناء وأنها بناء محكم وأنزل من السماء ماء والماء جعل الله فيه كل شيء حي فيبقى إذن به حياة البشر وبه حياة الحيوان قال وأنزل من السماء يعني من جهة السماء وليس من ذات السماء ما هو المياه آتية من السحاب فيبقى إذن من جهة السماء ينفع في العربية هكذا أينفع من جهة السماء أم من ذات السماء هي تنفع أيضا في العربية، وأما المياه فمن أين تنزل؟ لقد تأكدنا أنها من السحاب والسحاب بخار من البحر وهكذا إلى آخر هذه الدورة المعروفة، فأخرج به أي بسببه من الثمرات رزقا لكم وهذه تحتاج إلى مزيد
إيضاح فالله لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته