سورة البقرة | حـ 53 | آية 23 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله سبحانه وتعالى نعيش هذه اللحظات مع قوله تعالى في سورة البقرة: "وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين هنا بدأ التحدي، تحدي القرآن للعالمين، وإن كنتم في ريب، والريب هو الشك والريب هو التهمة، فإذا كنتم في شك من أن
هذا القرآن قد نزل من عند الله، أو كنتم تتهمون هذا النبي الصادق بأنه قد أتى بالقرآن من عند نفسه أو من عند بشر، فأتوا بسورة من مثله. واختلف علماء التفسير في عود الضمير في قوله من مثله، مثل من أو مثل ما؟ هل مثل القرآن يعني هاتوا سورة مثل سورة القرآن، أو من مثله الضمير يعود على النبي صلى الله عليه وسلم فأتوا بسورة من مثل ذلك الأمي؟ هاتوا إذن سورة من واحد مثله، القرآن يشتمل
على كلام الله فهو قد صدر من عالم الأمر وهذا الكون بما فيه من كائنات ومن أحداث تجري عبر التاريخ صدر من الله خلقا ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين فالله قد صدر منه هذا الكون خلقا وقد صدر منه هذا القرآن أمرا ولذلك المسلمون يقولون إن القرآن كلام الله غير مخلوق بل هو صفة من صفاته، أما هذا الذي هو مسطور في المصحف فهو دال على كلام الله النفسي القديم القائم بذاته سبحانه وتعالى، فالقرآن
باعتباره مدلولا غير مخلوق، وباعتباره دالا في المصحف ونحفظه في صدورنا ونتلوه بألسنتنا ونسمعه بآذاننا لا مخلوق، مثل عندما تكتب الله على الورقة أنت كتبت عليها الله مخلوق، فما بال الله نفسه جل جلاله خالق الأكوان رازق الناس المحيي المميت لا غير مخلوق، ما الفرق بين الذي مكتوب على الورقة وبين الذات العلية، الدال والمدلول، فكذلك المصحف هذا دال وما فيه من رسوم وكلمات وما هو مقابل هذا الدال من مدلول فهو غير الدال مخلوق والمدلول غير مخلوق، حسنا
إن كنتم في شك أو كنتم في اتهام فأتوا بسورة، هناك يقول بعشر سور مفتريات، لا عشر سور ثقيلة عليهم قليلا، قال حسنا هاتوا بسورة، من مثله، من مثل القرآن يجوز أن تنجح أم من مثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجوز وتمضي ولا أحد عرف يأتي ولا أحد سيأتي يقول الله سبحانه وتعالى فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ولن يقول عليها الزمخشري لها للتأبيد فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا طيب لن
يفعلوا ماذا محاولة أم فعلا لا هو يدعوهم إلى أن يفعلوا فيجب أن يحاولوا وبعد ذلك ستظهر المحاولات وهي ليست عظمة القرآن تكمن في أن الله سبحانه وتعالى سيدفع بعض الذين في قلوبهم ريب إلى أن يحاولوا تقليد القرآن وقد كانت هناك سبع محاولات في التاريخ لتقليد القرآن سبع محاولات بدأت مع مسيلمة الكذاب مسيلمة الكذاب قالوا له هات سورة من مثله الناس حتى أتباعك فذهب وقال حسنا ائتوني بسورة نقلد عليها قالوا
له يقول إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر إنا أعطيناك الكوثر معجزة فصل لربك تكليف قاصر على المصلي وانحر تكليف متعد بالخير إلى الآخرين إن شانئك هو الأبتر معجزة الله هذه حاجة غريبة يعني أنا أعطيناك الكوثر معجزة إن شانئك هو الأبتر معجزة وفي وسطهم تكليف قاصر وتكليف متعد، ما هذه الحلاوة؟ إنا أعطيناك الكوثر يعني الأمة الكثيرة، وورد أنهم
قالوا أهل البيت هم الكوثر، وورد إنا أعطيناك أهل البيت يعني سنعطيك ناسا كثيرين، لماذا؟ قال أبو جهل لما جاء يقول له ماذا، قيل إنه هو أبو جهل وقيل إنه العاص بن وائل أنه عقبة بن أبي معيط، وقيل إنه أبو لهب عمه، وقيل إنهم جماعة قريش، وقيل إنه كعب الأشراف أو ابن الأشرف كعب بن الأشرف. فما معنى أيضا أنه غير معروف من هو الأبتر الذي قال له هذا الكلام أن شانئك هو الأبتر، ولكن على كل حال أولاد هؤلاء جميعا هشام بن العاص أسلم، عكرمة بن أبي جهل أسلم، وهكذا لا أحد
يعرفهم الآن ولا حتى المفسرون لا يعرفون من هو هذا الأبتر الذي ذهب في التاريخ، والنبي خمس مرات وأشهد أن محمدا رسول الله في الأذان في العالم كله، والنبي مليار وثلاثمائة يصلون عليه في التحيات في خمس صلوات والنبي أكثر من سمي باسم محمد في العالم هو الأكثر تسمية، موسوعة جينيس تقول سبعون مليون شخص اسمه محمد غير أحمد وغير مصطفى وغير طه وغير ياسين، فإن شانئك هو الأبتر ونحن لا نعرفه ولكن أنت أعطاك الله الكوثر في أمته وأهل بيته أهل
بيته هؤلاء منحصرون في الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما، الحسن أنجب اثنين الحسن المثنى وزيد الأبلج، الحسين أنجب علي بن علي زين العابدين، هذا كان سيقتل أولاده جميعا، فلو كان قتل أولاد الحسن والحسين أكان بقي للنبي نسل؟ وهل كان يريد سيدنا محمد أن يبقى له نسل؟ فيتكاثر ويملأ من طنجة إلى جاكارتا ومن غانا إلى فرغانة، لم يترك سوى العقلاء، هل بيده أن يعطي نفسه الكوثر بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، أم أن ذلك بيد ربنا، أمعجزة هو بيده أن يقطع نسل من عيره بأنه لا ولد له، وطبعا ليس بيده أن ينسي التاريخ ذكر طبعا لا فلماذا
مسلمها قال لك إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر طيب هذا الهذيان رص الكلام بعضه بجانب بعض فيما لا معنى له ولا دعوة له ولا قضية له هل يقارن بكلام ربنا فسبحان الله متى تبرز إنا أعطيناك الكوثر التي يحفظها كل أحدنا وتبرز معانيها عندما يأتي أحد سفيه مثل مسلمة فيقول لي إننا أعطيناك التفاح قال والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فقال والعاجنات عجنا فالخابزات خبزا فما معناه فهذا
كلام له معنى وهذا المعنى فيه معجزة وهذا المعنى فيه قضية يخاطب بها الإنسان وهذا المعنى في تأييد لكلام الله سبحانه وتعالى واظهر لمنته إنما صل لربك وانحر وإذا فرغت فانصب أليس كذلك أليس مرتاحا قال يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا لما قام الليل فتورمت قدماه من القيام صلى الله عليه وسلم واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم فلننظر ما الأحسن ونعمله قالوا القرآن هو الأحسن إذا لما يأتي لي واحد في آخر الزمان وهذا الواحد يأتي مؤلفا شيئا اسمه الفرقان، ما
الفرقان يا أخانا؟ قال والله هذا أنا سأعارض به القرآن، يقول فأتوا بسورة من مثله، أنا سآتيكم بسبع وسبعين سورة، فهيا أرونا إذن، فظهر الفرقان، قلنا الحمد لله على ظهوره، أو الفرقان هذا لولا الملامة كان المرء طبعه ووزعه لكل واحد مسلم كي يجلس يضحك على ما قضى فيها صاحبنا لا يعرف اثنتي عشرة سنة وأحيانا يقول عشرين وأحيانا يقول خمس عشرة وأحيانا يقول كذا وما الأمر يا أخانا أنت ماذا معك ماذا قال أنا معي ثلاث شهادات دكتوراه من هنا ومن هنا ومن من مثله هذا ليس من شخص أمي بل من شخص حاصل على ثلاث درجات دكتوراه ويجلس يا عزيزي يعاني في الهذيان اثني عشر
سنة يقول لك إلى خمسة عشر إلى كذا حسنا دعنا من الدكتوراه ودعنا من كذا هات ما يكتبه بنفسه واجلس انظر ماذا يقول وقارنه مع كلام الله هل يشتمل ما أمامك على قضية، هل يشتمل ما أمامك على تربية للنفس البشرية، هل يشتمل ما أمامك على برنامج عمل، هل يشتمل ما أمامك على دستور للاجتماع البشري أو للنفس أو للتوبة أو للسياسة أو للاقتصاد، هل يشتمل ما أمامك على بناء الإنسان على مستواه الفردي وعلى مستوى الأمة؟ هل يشتمل ما أمامك على شيء يهز المشاعر، يداعبها، يشرح
لك حقيقة نفسك؟ أبدا لا يشتمل، ولنفصل ذلك في حلقة قادمة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.