سورة البقرة | حـ 54 | آية 23 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 54 | آية 23 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله نعيش هذه الدقائق المعدودة مع قوله تعالى في سورة البقرة وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين الشهداء جمع شهيد كعلماء، جمع ماذا؟ عليم، إياك أن تقول جمع عالم، هذا الوزن شهداء إذن جمع شهيد، علماء إذن جمع عليم، جمع عالم عالمون، جمع شاهد
شاهدون أو شهود بالمصدر لأن المصدر يطلق ويراد منه الجمع، قعود يعني أناس قاعدون هكذا، القعود هذا مصدر، شهود الشهود هذا مصدر لكنه يطلق منه جماعة الشاهدين ظهور الظهور هذا مصدر لما الوردة تظهر هكذا لكن ظهور نطلقها على ماذا مجموعة الظهر ظهر وظهر قوم نقول عليهم ظهور إطلاقا للمصدر على الجمع فشهداء هذا جمع شهيد وشهيد هذا فعيل وفعيل يطلق ويراد منه اسم الفاعل ويطلق ويراد منه اسم المفعول طيب وكيف تفرق ما هو أي يا شاهد يا مشاهد، ولذلك ادعوا
الذين أنتم قادرون عليهم، ما الذي معكم والذي سيرونكم لكي يروا ما النتيجة. الدعوة هنا عامة، لم يقل ادعوا الشاهدين، قال ادعوا الشهداء. شهداء جمع شهيد، تطلق ويراد منها اسم الفاعل وتطلق ويراد منها اسم المفعول، فإذن تعالوا جميعكم سواء الناس الذين معكم والذين يريدون أن يحاولوا هذه المحاولة أو الناس الذين ينتظرونكم لكي يروا ماذا ستفعلون من دون الله ولكن انتبهوا إلى أن الذين معكم والذين ينتظرونكم لا علاقة
لهم برب السماوات والأرض لأن كثيرا من الناس يتحكمون في رب السماوات والأرض ويدعون أنهم مع الله يقول هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد، ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد. ففي صفين فعلى
فكرة الشهداء هؤلاء سيكونون خارج الإطار، لكن لا يوجد مانع نحن مؤمنون بحرية الفكر وحرية المعتقد فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وليس علينا إلا البلاغ والتنبيه أن الحرية لا تعني تكافؤ الآراء وتكافؤ العقائد، الحرية تعني الاختيار وإننا لا نريد منافقين، نريد من يؤمن أن يؤمن من قلبه ومن يسلم أن يسلم من وجدانه حقيقة، ولكن من لا يؤمن فلا خطأ هنا وفي عذاب والأمر بيد الله يوم القيامة، ولذلك تجد بعدها آية فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ولكن إلى أي مدى إلى مدى أننا سوف نرجع إلى ربنا فينبئنا بما كنا نعمل وينبئنا بما كنا فيه نختلف أما في الدنيا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر لكم دينكم ولي دين يعني لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فانتبهوا إنه نعم ادعوا الذين تريدونهم من الشهداء ولكن هؤلاء أيضا في الواقع من دون الله إن كنتم صادقين حسنا فأتوا بسورة من مثله كلما حاول محاول أن يأتي
بسورة من مثله أو أن يفعل هذا، القرآن الكريم يعلو درجات كل محاولة، القرآن الكريم يعلو درجات، فمن الذي يسخر من هؤلاء المحاولين؟ الله لكي يثبت إعجاز كلامه وأنه سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق، إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون، لا تخف لأن أنا لا شأن لي، ما اسم هذا؟ هو عبد المطلب عندما هجم الأحباش على الكعبة ماذا قال؟ أنا للبيت رب يحميه وأنا ما لي، هذا بيت ربنا، سيحميه. وأخذ قومه وخرج هو والمشركون
من مكة وجلسوا في الشعاب حتى يدخل هذا الرجل أبرهة مكة ويكسرها البيت ويعود مرة أخرى إلى بلاده كسر أخي البيت فماذا حدث أرسل الله عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم والحمد لله كالعصف المأكول أليس هذا ما حدث وهذا تاريخ قريب يرويه العرب ويعيشون حتى أن عائشة قالت رأيت قائد الفيل وكان اسمه الفيل يعني محمود نسميه محمودا وهو هذا الفيل هو الذي رأيت حارسه الأعمى
يتسول من الناس بمكة، وإذا لم يكن هذا غائبا عنهم فإن الحارس لا يزال حيا حتى عهد السيدة عائشة الصغيرة التي رأته، أتدرك ما يعني هذا؟ يقول لك هل هذه الحادثة وقعت أم لم تقع؟ ماذا حدث؟ هؤلاء أناس شاهدوا هذا الأمر وعاصروه الأمر وروت بالرواية المتصلة التي لا مثيل لها في تاريخ البشرية أن يروي أحد عن أحد مثل ما روى المسلمون عن نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم بالسند المتصل وبالتوثيق المستمر، مصطفى صادق الرافعي رحمه الله تعالى ألف كتابا في إعجاز القرآن ينبغي أن يطبع وأن ينشر وأن يوزع وأن
يطلع عليه الناس وهو مطبوع مشهور في كل محاولة لتعلو على القرآن، فرصد محاولة لمسيلمة لعلنا قد تكلمنا في حلقة سابقة عنها، ورصد محاولة لأبي العلاء المعري في كتاب أسماه الفصول والغايات حاول فيها أبو العلاء كما يقال لأننا لسنا متأكدين من هذه الروايات هل حقا حدث هذا من أبي ولا لا فنقول على الفور هكذا كما يقال فصول والغايات أنه عارض بها القرآن الكريم أبو العلاء هذا من هو هذا شاعر كبير وكان مطلعا اطلاعا عجيبا على اللغة العربية ومتمكنا فيها
تمكنا عجيبا جدا مرة يمشي في الطريق وهو ضرير يسمونه رهين المحبسين وهو يمشي اصطدم برجل رجل ممدود رجله ولم يكن منتبها لأنه ضرير، فقال له ألا تنتبه يا كلب شاتما، فقال له الكلب من لا يعرف أن للكلب أربعين اسما في لغة العرب، الكلب الذي لا يعرف أن للكلب أربعين اسما في لغة العرب وسردها عليه، فقال أنت أبو العلاء، والله ما من أحد يعرف هكذا إلا أن أبا العلاء هذه العبارة وصلت إلى الإمام السيوطي، وكان الإمام السيوطي واسع الاطلاع
في القرن، توفي في القرن العاشر تسعمائة وإحدى عشر هجرية، فذهب وألف كتابا اسمه التبري من معرة المعري، أي يقول إن الذي لا يعرف أربعين اسما فهو كلب، فقالوا حسنا لا هذا أنا أعرف أربعون اسما أكثر وألف منظومة سماها "أتبرأ من معرة المعري" أورد فيها ستين اسما للكلب في لغة العرب، أخذها أحمد باشا تيمور ونشرها في "المختطف" وزاد عليها ونقص وقال إن أغلب هذه صفات، وأتى كذلك بأكثر من الستين التي أتى بها السيوطي من تتبع معاجم العرب. أبو العلاء المعري هذا الفصول والغايات الحمد لله طبع كان قديما مخطوطا والعلماء يرونه هكذا في دار الكتب أو شيء مخطوط، لكن
الحمد لله طبع مرة في مصر منه الجزء الأول ومرة في بيروت كاملا وأصبح بين أيدينا. هلم بنا نقرأه، هلم بنا نقرأه وكما قيل إن الناس في عصر أبي العلاء قالوا له ما لنا لا نجد له حلاوة ولا عليه بهاء، هذا كلام مرصوف بجانب بعضه البعض، القرآن هكذا هل يفعل شيئا؟ فقال لهم: اقرؤوه في المحاريب أربعمائة سنة تجدوا له حلاوة، يعني يريد أن يقول إن القرآن حلاوته لأننا اعتدنا عليه وليس في ذاته، قالوا له: فلماذا لم ينتظر النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة سنة بل ولم ينتظر الوليد بن المغيرة حيث قال إن
أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة ووالله ما هذا بكلام البشر متى هذا، أول ما نأتي لم ننتظر له أربعمائة سنة حسنا هذه هي الفصول والغايات هذه له الآن ألف سنة وليس عليه رونق وليس عليه جمال وتقرأ ولا تفهم ولا تعرف ماذا تقول، ليس له قضية وليس له تربية وليس له أي شيء، فالحمد لله الذي حفظ لنا هذه المحاولات من أجل أن نقارن ويقارن كل العقلاء، وإلى لقاء آخر ومع محاولة أخرى نعيش مع قوله تعالوا فأتوا بسورة من مثله، والحمد لله أن جعلنا مسلمين من
غير حول منا ولا قوة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.