سورة البقرة | حـ 55 | آية 23 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 55 | آية 23 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى "فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين" في سورة البقرة. نعيش هذه الدقائق، ذكرنا بعض المحاولات التي عدها الأستاذ مصطفى صادق الرافعي في كتابه إعجاز القرآن ذكر سبع محاولات منها محاولة ابن المقفع في كتاب له يسمى بالدرة اليتيمة، الدرة اللؤلؤة الماسة اليتيمة التي لا مثيل لها ولا
شبيه لها، الدرة اليتيمة حاول فيها أن يحاكي القرآن فلم يستطع، والحمد لله من فضل الله علينا أن الدرة اليتيمة موجودة ومطبوعة عدة مرات رأيتموه أمة تفعل هكذا تأتي بالناس الذين يطعنون عليها وتطبع لهم كتبها نعم الأمة القوية الأمة الشفافة الأمة المخلصة الأمة الواثقة من دينها وربها الأمة التي قد اختلط القرآن بقلبها فحار الناس فيهم لماذا هؤلاء يتمسكون بدينهم لأنهم وجدوا حلاوة طرية غضة قد دخلت القلب فداعبت الروح
والوجدان ونور المسلم إلى العالم من حوله فوجده جميلا لأنه من صنع ربنا سبحانه وتعالى وعامل ربه ببسم الله الرحمن الرحيم فالله الرحمن الرحيم والعلاقة بين العبد وبين ربه قائمة على العفو والصفح والرحمة والمغفرة مسلم أسلم أمره لله فاطمأن قلبه في توكله عليه ابن المقفع لما ألف الدرة اليتيمة أحضرها وقرأها واقرأ أي سورة، افتح القرآن في أي موضع، اقرأ لك صفحة واقرأ من الدرة اليتيمة صفحتين أو ثلاث، فلا يوجد ما يناسب، لا تستطيع أن تقارب، لا
تستطيع أن تؤلف كتابا ترد فيه على الدرة اليتيمة، فليس هناك شيء، ولكن هناك شيء واحد وهو أن تقول: سبحان الله لا إله وهناك أمر آخر وهو أن يطمئن قلبك لذكر الله، وبعد ذلك جاءت المحاولات ولم يعد منها ما صدر عن بعض أدباء العصر كبيرم التونسي، وبيرم التونسي جاء وكان متمردا في نفسه في بداية حياته فكان ضد الحكومة فنفي إلى فرنسا وضاقت به الأحوال وكان متمكنا جدا من اللغة العربية والعامية حتى قال أحمد شوقي أمير الشعراء قال
أخاف على العربية من بيرم لأنه كلامه حلو بالعامية فأخاف أن يصرف الناس عن حلاوة العربية أراد أن يتكلم في شأن حزب الوفد فذهب وألف مقطوعة يحاكي بها القرآن يعني هذا أصبح بيرم لم يكن قصده أن يتكلم بهذا فماذا يقول سورة الوفد سين عين دال صاد يعني أنت منتبه فكان مشايخنا ينهون حتى عن ذكر هذه الأشياء بيرم تاب إلى الله وكان يبكي وهو هناك يجلس في مقهى زين العابدين ويقول
لا أحلل لمن يروي عني هذا الذي ذكرت بالرغم من ذلك أخطأ جامع مجموعته الكاملة فطبعوا هذه الأشياء طبعوها في المجموعة الكاملة ما عليها حظر والحمد لله هو الرجل لا يريدنا أن نرويها عنه لأنه تاب وأناب وقال أنا مخطئ هذا استهزاء وسخرية لا لزوم لها لا فيها بلاغة ولا فيها أي شيء إلا الضحك والسخرية تاب بيرم رحمه الله تعالى توبة نصوحا وألف روائعه ناداني إلى بيته حتى باب بيته التي غنتها أم كلثوم وهو
يتحدث عن كيفية توبته وكيفية نداء الله له مرارا في فطرته من الداخل وهو عاص ويعصي ثم بعد ذلك هداه الله وكان كثير الذكر في آخر حياته ملتزما بالصلاة وتاب إلى الله معلنا توبته في هذه الروائع التي ما زالت إلى يومنا هذا دعاني إلى بيته حتى باب بيته انظر إلى الجمال والحلاوة كيف فالله سبحانه وتعالى يتقبل منه صالح عمله ويعفو عن كثير من المحاولات حتى ظهر لنا في الآخر رجل كان في فلسطين غادرها سنة أربعة وسبعين من
الاحتلال الإسرائيلي إلى أمريكا اسمه سورس أو شورش أنيس سورس ألف كتابا بعد مناظرة مع أحد الدعاة المسلمين أحمد ديدات فقال له أي استيقظت بسورة مسلم أنا أستطيع أن آتي بمثل ذلك قال له هيا حاول ذلك فحاول وأخرج سبعا وسبعين سورة كل سورة صفحة وصفحة ونصف تقرؤها تجد الركاكة بعينها أي أن الله وفقه أن يجمع الكلمات الركيكة ويضع الله سبحان الله، طيب، ماذا يفعل يا أخي؟ يحاول المسكين أن يقلد القرآن، فيقول مثلا: هذا كتاب فرقان لو كنتم تعلمون، هكذا. الله أي أنه لم يخرج من إطار القرآن، أي أن القرآن
سيطر على عقله فلم يستطع أن يصنع مثله. أنت أتيت به لكي يختتم الآية "لعلكم تتقون" إن كنتم تعلمون أنك منتبه فيبقى إذن طالما أن القرآن غالب لا مغلوب فهذا أنك لم تستطع أن تخرج منه وإذا خرجت فيكون الكلام فاسدا يسمى الكلام الفاسد والناس يقولون لك يا الله هذا حرام وهذا كذلك حرام ما هذا؟ رجل غير مسلم فما له دعوة بالحرام ولا بالحلال لكن أنت يا مسلم هاته واكشف عنه للعالمين قل هذا كتابنا هذا انظر كيف أن لكل كلمة فيه معنى انظر كيف أن لكل كلمة فيه علاقة بما قبلها
وما بعدها بالسياق والسباق واللحاق انظر كيف أن كل آية متصلة بما بعدها وتكون مكونات انظر كيف أن القرآن من أوله إلى القرآن من أوله إلى آخره يدعو إلى السلام انظر كيف يدعو إلى القوة وإلى الحق وإلى العدل ولا يدعو إلى سلام مخنث أو إلى عدل خجل بل يدعو المؤمن أن يكون قويا فإن المؤمن القوي خير وأحب عند الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير لا تخافوا لأن الخوف سمة ولكن هيا بنا قل تعالوا وندعو أبناءنا وأبناءكم وأنفسنا وأنفسكم ونساءنا ونساءكم وكلنا هكذا معا قل تعالوا إلى كلمة سواء
بيننا وبينكم قل تعالوا وليس قولوا امضوا لا تعال أنت لم تفعل هكذا حسنا افتح إذن الصفحة وافتح الحكاية وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته