سورة البقرة | حـ 60 | آية 26 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 60 | آية 26 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله في قوله تعالى في سورة البقرة وهو أول الربع: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما، وقلنا أن هذا الكلام يجعل كلام الله في المكان الأعلى الذي يوجب على الإنسان أن يدخل إلى القرآن مستهديا لا ناقضا بالضاد ولا ناقدا بالدال، النقض هو الهدم فمن دخل إلى القرآن ويريد هدمه أغلق القرآن عليه نفسه، ومن
دخل القرآن يريد هدايته فتح القرآن له أبوابه وهو كلام واحد، والنقد بالدال بيان الإيجابيات والسلبيات كما يقولون المناقب والمثالب، هذا هو النقد أن تبين هذا وذاك فلا ينفع مع هذا الكلام نقد ولا ينفع مع هذا الكلام نقد، هذا الكلام مدخله إيمان وما يزيد الظالمين إلا خسارا أبدا، فيجب علينا أن ندرك هذه الحقيقة أن القرآن ككلمة واحدة يتماسك ويغلق
نفسه على من أراد أن يلعب معه وينفتح لمن أراد أن يستهدي به إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها، فقد تحدث عن الذباب وتحدث عن النحل وتحدث عن النمل وتحدث عن أشياء كثيرة كذلك، فما فوقها يا ترى أمعناها ما هو أعلى منها في الحجم في الأهمية أم فما فوقها يعني ما هو أقل منها، ما فوقها يعني ما هو أشد منها في مضرب المثل هو يضرب
المثل بالبعوضة، والبعوضة هذه شيء تافه، فيكون ما هو أتفه منها ما فوقها معناه ماذا؟ ليس أكبر من البعوضة، بل ما فوقها معناه أنه تكلم عن الذر، والذر هو النمل الصغير الأصغر من البعوضة، فما فوقها يعني ما فوقها في القلة. الشأن يعني منتبه فتقول ليس معي جنيه ولا ما فوقه تعني به عشرة جنيهات أو تعني به ولا مليما ما فوقه يعني ما دون منه فأما الذين آمنوا انظر إذن الكلمتين في تعاملهم مع القرآن كيف يكون فيعلمون أنه الحق من ربهم وهو يدخل قلبه مطمئنا
من غير نقض ولا نقد فيعلمون يعني جازمون العلم هو ما الإدراك الجازم إذن والإدراك غير الجازم هذا ظن والإدراك المتساوي هكذا هذا شك والإدراك الأقل هذا وهم إذن العلم إدراك يكون جازما أهو العلم فيعلمون وإدراك جازم فقط أم إدراك جازم مطابق للحقيقة وللواقع الإدراك الجازم المطابق للحقيقة وللواقع وهذا هو العلم في القرآن فيعلمون يبقى في إدراك رقم اثنين جازم رقم ثلاثة مطابق للواقع ورقم أربعة ناشئ عن دليل طيب
والذي ليس ناشئا عن دليل هذا يكون تقليدا وقد يكون الذي تقلده صحيحا عندما نقلد الإمام الشافعي أو الإمام أبا حنيفة أو الإمام مالكا أناس طيبون ولكن العلم لازم يكون ناشئا عن دليل، فإذا كان هؤلاء الناس الذين آمنوا يعلمون، فإنهم بذلوا أربعة أشياء: أدركوا وتأكدوا وطابقوا بالمقارنة مع الواقع وأقاموا الدليل، فهذه أمة علم وليست أمة خرافة، فكل ما يوصل إلى الحق فهو تابع لنا، وكل ما يصل إليه الناس في العالم من الحق فنحن نؤمن به لأننا لا نسعى
إلى الخرافة ولا إلى الانتزاعات ولا إلى الآراء والأهواء نحن نسعى إلى الحقائق حتى نصل إلى الحق فيعلمون أنه الحق من ربهم فدخل وهو متأكد ومدرك ومطمئن وثابت الاطمئنان الخاص به أنه يتعامل مع كتاب رب العالمين وهذا سيجعل القرآن الكريم ينفتح له شيئا فشيئا وأما الذين في المقابل النمط الثاني في التعامل مع القرآن فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا نقض أو نقض
لما تأتي تسأل السؤال الذي أنت سألته غرضه ما هو الإنكار أو الاستفهام إما كأنك منكر وإما كأنك مستفهم طيب فلنبق مع المنكر يبقى نقض ما هو يقول ماذا والله أراد بذلك لا ليس معقولا معناه كذلك يعني الإنكار كذلك هو ربنا أراد بهذا ماذا وهو ينكر يعني رافض يبقى نقض الثاني الذي يستفسر إما أن يكون لا إدراك المعنى وإما أن يكون لإيراد إشكال يريد أن يسألك لكي يحرجك يعني يريد أن يسألك ويرى هي آتية من أين هاهو ذا
أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا يقفل ويفتح، فسيقفل على من؟ على اللاعب الذي يريد أن يلعب فسيقفل عليه، وسيفتح على من؟ على الذي دخل وهو يعلم أنه الحق فأراد أن يسترشد به، وما يضل به إلا الفاسقين، فسق أي خرج، فسق عن شريعته سبحانه يعني شريعته يبقى كارها للتكليف، وهنا ربط عجيب بين
النظر والعمل. الأفكار والآراء المنحرفة وراءها كراهية للتكليف. لم نر أحدا رأيه متمرد ومنحرف ويصلي، قل له أنت تأتي إلى المسجد يعني لم أرك، ولذلك الربط ما بين العمل والنظر ربط مهم. ربط الله في حالة المؤمنين بين الإيمان والعمل الصالح، وربط حالة غير المؤمنين بين
النظر والعمل السيء فوصفهم بصفة ما لم يقل وما يضل به إلا الكافرين كان سيبقى أنت كافر وانتهى الأمر هذا يصف الذي يعمل هذا النظر وربط مع الفسق الذي هو خروج عن العمل الصالح فهناك مواءمة وارتباط بين النظر والعمل دائما إما في مجموعة الإيمان وإما مجموعة الكفر وأن كراهية العمل الصالح من قبل بعضهم تؤثر على أذهانهم وتجعلهم ضد الدين، وهذه المعارضة ليست من
فكر مستقيم بل هي من اتباع الشهوات. يقول ربنا سبحانه وتعالى: الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون هذه صفة أولئك الفاسقين وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته