سورة البقرة | حـ 63 | آية 29 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى نعيش هذه اللحظات مع قوله تعالى في سورة البقرة هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات السماوات وهو بكل شيء عليم بعد أن نعى على الكافرين كفرهم وأنكر عليهم حالهم وذكرهم بأنه هو الذي أخرجهم من دائرة الموت إلى دائرة الحياة ومن دائرة الحياة إلى دائرة الموت وهذا
نشاهده فنشاهد الإنسان بعد أن كان عدما يولد ويوجد وهو حادث في هذه الحياة الدنيا ثم يحيا إلى أن يموت ونرى الموت أيضا فنرى إحياءه ونرى إماتته ونعلم أن قبل هذا الإحياء كان ميتا وأن بعد هذا الموت لا بد أن نعتقد أن هناك حياة أخرى في يوم القيامة نقوم فيه إلى ربنا ونرجع إليه سبحانه فينبئنا بما كنا فيه نختلف وينبئنا بما كنا نعمل ويقوم هذا اليوم مقاما عظيما في نفس المؤمن في التزامه بالصراط المستقيم أرجعنا إلى الحياة التي خلقها فقال هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا
إجابة واضحة أن هذا العالم مخلوق بعض الناس يرون أن هذا العالم قديم لا بداية له الله يقول لنا من العقائد الأساسية حتى نسعى في إطارها أن هذا العالم مخلوق ومخلوق معناه أن له بداية، حسنا ثانيا أن الخالق هو الله، هذه الثانية أن الخالق هو الله، والله وصف نفسه بأنه على كل شيء قدير، وصف نفسه أنه
فعال لما يريد، وصف نفسه بأنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وصف نفسه بأنه بديع السماوات والأرض وصف نفسه بأنه حكيم ووصف نفسه بأنه الأعلى سبح اسم ربك الأعلى ووصف نفسه بصفات وهذه الصفات التي وصف الله نفسه بها قد تجلت في هذا الكون إذن هذا الكون هو كتاب الله المنظور الذي ننظر إليه ونحيا فيه فماذا نرى فيه نرى فيه نظاما بديعا لا يتخلف نرى فيه أسبابا ومسببات
نرى فيها تنوعا واختلافا ففي ثلاثة أشياء نريد أن نعالجها هناك أشياء كثيرة لكن سنقف عند هذه الثلاثة أسباب ومسببات إنني عطشان أريد أن أشرب الماء فيذهب العطش فيكون الماء سببا للري جائع آكل الطعام فيذهب الجوع فيكون إذن الطعام سببا للشبع أريد أن أذبح كتكوتا أم فرخة ولا أقطع قطعة لحم ولا زبدة فأقوم فآتي بالسكين وأفعل كذلك فأجد في السكين سببا
للذبح أو القطع أريد أن أشوي قطعة اللحم فآتي بنار فالنار سبب للإحراق ما العلاقة بين السبب والمسبب فقام أهل السنة والجماعة فقالوا علاقة عادية بمعنى أن هناك تلازما بين السبب والمسبب كلما أشرب ما أشبع كلما أجلب النار كلما يحدث الاحتراق فهناك علاقة بين السبب والمسبب لا تتخلف عادة قلت له عادة تعني ماذا قال تعني غالبا قلت له غالبا تعني ماذا قال تعني أحيانا تتخلف قلت له وهل يوجد أحد يضع يده هكذا في النار فلا تحترق قال لي سيدنا إبراهيم سيدنا
إبراهيم، الله طيب وسيدنا إبراهيم ربنا فعل به ذلك لماذا وقال يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم، قال حتى يبين أن العلاقة بين السبب والمسبب علاقة تلازم لا تتخلف غالبا لكنها قد تتخلف قد تتخلف، الفكر الثاني يقول ماذا يقول أبدا لا تتخلف أبدا قال ولا لا تتخلف أبدا هكذا، فهو قال وما معنى هذا؟ قال معناه أن كتابكم هذا كاذب لما قال "يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم" فيكون هذا كذبا، فماذا بعد ذلك؟ قال إذن ما دام هذا كذبا فلنغلق أبواب الدين هذه نهائيا، والأسباب
لا تتخلف أبدا، قال أبدا لا يمكن، فلما يأتي إلي ليقول لي إن موسى ضرب بعصاه فصار كله فرقا كالطود العظيم، وعندما يأتي ليقول لي إن إبراهيم دخل النار من هنا وخرج من هنا ولم يصبه شيء، وعندما يأتي ليقول إن عيسى رفع إلى السماء، وعندما يأتي كل هذا الكلام فهو مخالف للأسباب لأن السبب والمسبب العلاقة بينهما الحقيقة شيء محتم في حين أن عقائد أهل السنة والجماعة تقول إنه ما هي العلاقة ما هي علاقة غالبة نعم كل واحد يضع يده في النار يحترق إلا سيدنا إبراهيم كل واحد لا يعرف أن يطير بنفسه هكذا في السماء إلا سيدنا عيسى كل واحد لا يعرف أن يشق موسى لا يجرؤ على شيء غالبا لأن الله على كل شيء قدير
لأنه وما أوتيتم من العلم إلا قليلا لأنه فوق كل ذي علم عليم لأنه هكذا يعني مفاهيم كهذه خاصته قوم تدور الأيام وتذهب الأيام وتأتي الأيام ويرون أسبابا غير راضية أن تسير مع مسبباتهم وبعد ذلك يأتون ليقولوا حدث سبب ولم يحدث المسبب الخاص به، وحدث سبب ولم يحدث المسبب الخاص به، وحدث المسبب ولم يحدث السبب الخاص به، ونحن لا نعرف له نظاما، والنظام الذي نعرفه صغير جدا ثلاثة في المائة، وسبعة وتسعون في المائة من العالم الذي حولنا ليس له نظام، ففي فوضى الله أي لا يوجد أحد أخيرا
بعد أن جلستم تضحكون علينا لمدة قرنين من الزمان وتجعلون الذين يقولون إنه لا توجد حتمية مجانين ومتخلفين وشيء كهذا يعني عقلية الخرافة وبعد ذلك الآن تأتون في النصف الثاني من القرن العشرين وتبدؤون تؤمنون بالله وتبدؤون تؤمنون أن العلاقة بين السبب والمسبب ليست حتما وإنما هي غالبا كما قال أهل السنة والجماعة عبر القرون، بدلا من ذلك تذهبون إلى الناحية الأخرى من الكفر وتقولون إن هذا العالم عشوائي، حسنا يبقى إذن ابق وأنت تفكر وأنت تنظر لتعرف أن هذا الكلام صحيح وهذا الكلام صحيح،
ولكن الإيمان بالله هو الذي يجعلنا نقرأ القراءة لكتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور فهما لا يختلفان، كتاب الله المسطور الذي هو القرآن، كتاب الله المنظور الذي هو الكون، فانظر هو يقول لك هو سبحانه الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا، فيجب أن يستقر مبدأ الخلقية في عقلك وبعد ذلك تعرف أن هذا الخلق إنما هو مسخر لك وأنت بينك وبين هذا الكون اتساق وليس صراع هناك يقول لك هذا عشوائي وصدفة وبينك وبينه صراع ونحن حيارى ولسنا نعرف ماذا نفعل الأمر ليس كذلك فانظروا ماذا خسر
العالم بانحطاط المسلمين انظروا لما لم يفكر المسلمون وأخذ غيرهم الريادة في أيديهم ونحوا رب العالمين إلى ما وصلوا فيقول هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم عالم لكل شيء ولذلك لا بد عليك أن تتخلق بأخلاق الله وتسعى لترى النظام جليا وراء ما ظننته أولا أنه عشوائي لأنه من عند الله الحكيم البديع وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته