سورة البقرة | حـ 66 | آية 30 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله نعيش هذه اللحظات نطلب منه الهداية في حياتنا يقول ربنا سبحانه وتعالى في سورة البقرة وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة أي يقول لهم هذا وهو يعلم أنهم سوف يعترضون فردوا عليه بما مؤداه أننا في عبادة خالصة لا يشوبها أبدا نقص ولا تقصير قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون فهم يريدون أن تستمر
العبادة الخالصة ماذا تريد من هؤلاء يا رب هؤلاء سوف يخلطون عملا صالحا بآخر سيل، والله عالم أنه قد خلقنا في عالم تداخلت فيه المصالح بالمفاسد، وعالم تداخل فيه الخير مع الشر، وعالم تداخل فيه الإيمان مع الكفر، وعالم تداخل فيه الشكر مع الجحود، فهو يعلم ما الذي يخلق، ولكن عبادة الله سبحانه وتعالى اختيارا أعلى عنده من عبادته قسرا وقهرا. فالملائكة تعبده
قسرا وقهرا لا تعرف سوى ذلك ولكن بني آدم أمامه الخير وأمامه الشر فهنيئا لمن سلك طريق الخير اختيارا وويل لمن سلك طريق الشر اختيارا وعندما رسم الله لنا طريق الخير وأمرنا به أعاننا عليه ونبهنا كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون يا ابن آدم لو جئتني بتراب الأرض ذنوبا ثم جئتني تائبا لغفرت لك، يغفر الله للتائب ما دام قبل الغرغرة أي قبل الموت. فتح لنا باب التوبة لأن الإنسان صنعة الله والله
يحب صنعته وقدر الله، والله هو الذي قدرنا وأمر الله، والله سبحانه وتعالى واسع رحيم. ولذلك بدأ الكلام فقال بسم الله الرحمن الرحيم. ما هو قال لك الجواب يعرف من عنوانه فالقضية مبنية على الرحمة كان يقول بسم الله المنتقم الجبار تنفع بسم الله الرحمن المنتقم تنفع لكنه قال بسم الله الرحمن الرحيم بعضهم يسأل يقول لك طيب لماذا كرر رحمن الرحيم لكي تبقى جمالا في جمال رحمة في رحمة تتجلى الرحمة عليك هو الأصل لأنك عبد لله، إذا علمنا ربنا من هذه الآية أن
ارتكاب أخف الضررين واجب، علمنا ربنا من هذه الآية أن المصالح نسبية، علمنا ربنا من هذه الآية أن الذي يقرر المصالح المعتبرة وينفي المصالح غير المعتبرة وإن كانت عند العقلاء معتبرة هو الله، وهذا هو الذي لخصه أصحاب الفقه بالاتفاق بين جميع مذاهب المسلمين أن الحاكم هو الله، الحاكم هو الله، أي لا يجوز لنا أن نتفق فيما بيننا ولو بدا لنا ذلك ونحلل الزنا أو نحلل اللواط والشذوذ أو نحلل القتل أو نحلل غير ذلك، لماذا؟ لأن هذه الأشياء قد حرمها الله وقال كل ذلك كان سيئا
مكروها يكره الله سبحانه وتعالى هذا النوع من الفساد في الأرض هذا هو الفرق بين الإسلام وبين غيره من النماذج المعرفية المختلفة لمن الحول والقوة لمن الحكم لله إن الحكم إلا لله هناك قال لا للبشر ليس لله نحن نقول البشر يطبقون حكم الله يستمرون على حكم الله يفهمون حكم الله سبحانه وتعالى وهم في تطبيقهم لذلك قد وضح الله لهم الضوابط التي يطبقون بها إني أعلم ما لا تعلمون، كلمة أسكتت الملائكة. أساس وجودنا في هذا الكون هو العلم، فلماذا يتخلى
المسلمون عن العلم فتصبح هناك جريمة، وصلت إلى حد الجريمة الإنسانية إن نحن تخلينا عن العلم لأن أساس الوجود البشري هو العلم، فإذا تخلينا عن أساس الوجود البشري ونحن بشر وتخلينا عن العلم الذي أمرنا به فيما يخص الإسلام ونحن مسلمون، فإن هناك جريمة مركبة جريمة ترجع إلى تركنا للعلم وتحصيله بكل وسائله وفي كل مجالاته لأننا بشر، وجريمة ترجع مرة أخرى لآيات أخرى لأننا من
المسلمين لنا أنه إذا كان العلم مرتبطا بالبشرية فإن من تعلم فله القيادة ومن لم يتعلم فله ذيل القائمة سواء كان من تعلم لا يدين بالإسلام أو من لم يتعلم يدين بالإسلام، والقضية كلها أن هذا المسلم قد جمع على نفسه جريمتين: جريمة ترجع إلى بشريته وجريمة ترجع إلى إسلامه وعلمه وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ونحن منا
طيبون قال ابن عباس علمه كل شيء حتى القصعة والقصيعة يعني علموا كل شيء الأشياء كلها عرضهم عليه ووضعهم في ذهنه هذا من القرص المدمج الموجود الآن في الحاسوب، تقارب الحكاية، رسمهم جميعا في ذهنه أن الله على كل شيء قدير، علم الإنسان ما لم يعلم، إذا كان علمنا الحاسوب وفتح علينا كبشر بهذه الصنعة فما بالك هو سبحانه وتعالى إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، علم آدم الأسماء وعلى ذلك فقد علمه اللغة وعلى ذلك فاللغة
موروثة، الطائرات الجديدة التي تعمل الآن يقولون لك لا نريد أن نلغي اللغة، كيف لا تفهمون كيف تلغون اللغة، كيف قال ما هذه اللغة هي سبب عدم الإبداع، كيف ستبدعون في أي شيء، قال والله من الذي قال لك إن الأسرة تتكون وامرأة قالت له فماذا تريدها أن تتكون منه، قال لي إنه يمكن أن تكون من امرأتين أو رجلين، قلت له إن هذه هي اللغة هكذا الأسرة العائلة التي هي بالإنجليزية فاميلي، قال لي ومن الذي قال لك أن تسميها فاميلي، اتركك من فاميلي هذه واتركك من أسرة واتركك من كل ما نقوله هذا، فماذا ستسمونهم؟ القابل قابل يعني ماذا؟ الزوج اثنان وانتهى الأمر،
هذان الاثنان يمكن أن يكونا رجلين، يمكن أن يكونا امرأتين، يمكن أن يكون رجلا وامرأة، ولكي نتخيل هذه الأشياء يجب أن نلغي اللغة، ما هذا؟ إلى أين نحن ذاهبون؟ فعندما يأتي الإنسان وينظر إلى هذه هذا الهراء الذي نعيشه وعلم آدم الأسماء كلها يعني هذا من عند الله هذا رجل وهذه امرأة وهذا ولد وهذه بنت وهذه سماء وهذه أرض وهذه عائلة وهذا زوج وهذه زوجة هذا من عند الله هذا نظام خلقي
لا نستطيع أن نهدمه ولذلك هم يردون على هذه المصائب التي حلت بالعالم هم قالوا والله خلق الله الخلق من آدم وحواء لا من آدم وستيف، ستيف هذا اسم رجل. قال فربنا لما خلق الخلق خلقهم من آدم وحواء التي هي حواء يعني أم من آدم وستيف؟ قال لا من آدم وحواء، هذا خلق يا إخواننا هذا علم. انظر يا آدم، انظر إلى هذا الكلام، كان القرآن قد نزل اليوم يرد على من أراد أن يتلاعب باللغة، يتلاعب باللغة هذه أشياء يعني ماذا يطلقون عليها المذاهب المتطرفة مما بعد الحداثة، أشياء يعني ما زالت في العشر سنوات
الماضية هذه يقول وعلم آدم الأسماء كلها، هل أنت جئت بهذا سورة البقرة ما زلنا الآن في الآية الحادية والثلاثين ويأتي هذا الكلام بعد وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة فإذا به يؤكد على أهمية اللغة وأنها ليست شيئا يتلاعب به بل هي من عند الله وعلم آدم الأسماء كلها حتى نستوفي هذا سنستوفيه في حلقة أخرى فالذي لقاء آخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته