سورة البقرة | حـ 68 | آية 33 : 34 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 68 | آية 33 : 34 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
يقول ربنا سبحانه وتعالى قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم بأسماء هؤلاء الذين حاضرون من أهل العلم العميق فلما أنبأهم بأسمائهم فإن ذلك ليس مجرد حفظ بل علم حقيقي قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون فيجب عليكم جميعا أيها الملائكة وأيها البشر تصلوا إلى العلم المستنير بنسبة الشيء إلى أهله وعدم الكفران برب العالمين وأن كل ما قد وهبه
لكم من علوم إنما وهبه لكم حتى تستدلوا عليه وعلى وحدانيته وعلى صدق وحيه فإن لم تفعلوا فقد غرقتم في العمق وتركتم الاستنارة وكلما نزلتم في البحر كلما اشتدت بكم الظلمة ظلمات بعضها فوق بعض لكن هناك نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء إذا الاستنارة هذه تكليف لأنك بعد ما وصلت إلى العلم السطحي وبعد ما وصلت إلى العلم العميق فأنت مكلف بربط هذا بالله رب العالمين العالم على قسمين من امتثل
لهذا فربط العلم بالإيمان ومن لم يمتثل فنزع الإيمان من العلم ونزع العلم من الإيمان وأوجد بينهما تناقضا موهوما وأوجد بينهما صراعا جاهلا لأنه ليس هناك صراع بين العلم والإيمان، بل العلم يؤدي إلى الإيمان والعلم هو محراب الإيمان وكل علم سواء كان شرعيا يتعلق بالوحي أو كونيا يتعلق بالكون قال يا آدم يبقى في إذا صلة بين الله وبين عباده يوجد أناس في الأرض يقولون لا، ربنا خلقنا وليس له شأن بنا. قم! ربنا هنا مع
كل حرف له معنى، عندما يقول قال ربنا يا آدم، يا آدم، فيكون هناك صلة، ربنا يكلم آدم، أنبئهم بأسمائهم، فيكون ربنا يأمر نعم وينهى، وهذه حقيقة التوحيد أن الله فنطيع وينهى فننتهي يا آدم أنبئهم فعل أمر إنه أمر الله سبحانه وتعالى قد يأتي في صورة فعل أمر وقد يأتي في صورة فعل مضارع مقترن بلام الأمر لتفعلن لتأكلن لتسجدن أو يأتي في
صورة مصدر فتحرير رقبة فضرب الرقاب فتحرير رقبة يعني تحرير رقبة أو يأتي في صورة فعل اسم فعل أمر عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين يعني الزموا سنتي وسنة الخلفاء الراشدين أو يأتي بصيغة الخبر ومن دخله كان آمنا والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة والوالدات يرضعن يعني ارضعن هو فعل مضارع لكن المقصود منه الأمر ومن دخله كان آمنا يعني اطمئنوا
من دخل فيه وهكذا إذا ربنا يأمر فيأمر منذ متى منذ أول ما خلق الخلق ونحن محل للأمر نعم محل للأمر ونحن محل للطاعة والعصيان ونحن محل للطاعة والعصيان ولذلك تجد سيدنا آدم أطاع فأطاعهم وعصى فأكل من الشجرة فيبقى إذا نحن طبيعتنا كذلك فيبقى لا نيأس من طبيعتنا كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون قاعدة تجعلك سعيدا دائما مهما كثرت ذنوبك فإن باب الرحمة مفتوح ومهما عظمت ذنوبك فإن باب التوبة مفتوح لا تيأس
روحك كل ابن آدم خطاء وخطاء أيضا صيغة مبالغة وخير الخطائين التوابون قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم أسماء هؤلاء ولم يقل بمهاياهم وليس ضروري أن تعرف الملائكة المهايا لأن معرفة الأسماء دالة على ما وراءها، فلما أنبأهم يصبح امتثل أم لم يمتثل، امتثل، فلما أنبأهم امتثل آدم وأخبر الله عنه أنه امتثل، آدم قدم الامتثال أم قدم المعصية؟ لا، قدم الامتثال، إذن الأصل في الإنسان أنه
يرتاح عندما يقدم الامتثال والمعصية تسبب له هذه الحكاية نأخذها ونجعلها قاعدة في علم النفس بخلاف ما يقول به فرويد، يقول لك إذا كنت متضايقا فلماذا لا تفسد في الأرض وتفسد فيها وتعمل ما تشاء وتشرب الخمر وتترك نفسك هكذا حتى لا تكبت، يا للعجب! لا، هذا الكلام كلام فساد ولا ينتج منه شيء، بل العكس تورث لذة في القلب وكلنا نعرف هذا الكلام والإمعان في المعصية يورث اضطرابا وضيقا وحرجا والإنسان يصبح لا يطيق نفسه فلما وجدوا ذلك قالوا لا هذا من التربية لا ليس من التربية
هذا من الفطرة التي فطر الله الناس عليها ولذلك لم يعرفوا كيف يقضون على الدين بعد كل هذا يقضوا عليه لا يعرفون كيف ينزعونه من قلوب الناس لأن هذه فطرة فماذا سنفعل ولذلك قالوا لك في النهاية إذن فلنتعامل معه ما دمنا لا نعرف كيف ننزعه من قلوب الناس فالدين لا ينزع من قلوب الناس والفطرة لا تنزع من قلوب الناس ومن يريد أن يلحد بالله سبحانه وتعالى طويلة يقوم بنفسه لكي يعرف كيف يلحد، هذا الكفر هو الذي صعب، ولكن الإيمان سهل ومريح والإنسان هكذا يرتاح في الإيمان، فذهبوا قالوا نعم ما هو أصل هذا أفيون الشعوب، قلنا له ما حدث، أنت تسمي الأسماء بغير اسمها، أنت جاهل، أنت تفعل شيئا أبوك المؤدب ما فعله
والملكة ما عليها سميت المنكر معروفا والمعروف سميته منكرا لا يصح هذا الكلام أن يقال وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا فورا والفاء يسمونها للتعقيب فاء التعقيب فسجدوا فورا سجدوا اسجدوا هم سمعوا الأمر من هنا وهم ذهبوا ممتثلين من هنا والفاء التي تفيد التعقيب معناها ماذا أنهم سارعوا في الخيرات والمسارعة في الخيرات ربنا مادحها في الكتاب أم لا مادحها، انظر
ما ليس في الكتاب تناقض، كيف الكتاب هذا من عند ربنا هذا فيه كل كلمة عمق متفق مع عمق كل كلمة أخرى، لو كان هذا من عند البشر كنت تجد فيه تضاربا وكنت تجد الأعماق الخاصة به مختلفة لكن مياه واحدة هذا صحيح مياه واحدة اسجدوا فسجدوا فيكون في مسارعة للخيرات وفي مسارعة لعمل الخير ولذلك يجب علينا أن نسارع في الخيرات وهذه حاجة محمودة عند الله اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس سمي بذلك لأنه يخلط
الحق والباطل ولذلك إبليس يمكن أن يدخل إليك من الحق ليوصلك إلى الباطل سيدنا علي في الخوارج قال كلمة حق أريد بها باطل كانوا يقولون ماذا لا إله إلا الله أي لا حاكم إلا الله فما هو نعم صحيح لا حاكم إلا الله إن الحكم إلا لله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم إلى آخر الأيام لا حاكم إلا الله نعم صحيح وهذه تستفيد منها ماذا قال إذن يصبح ما ليس هناك رئيس للدولة ولا يوجد خليفة ولا يوجد قائد قال له إذن أنت ضال تصبح ضلالة لأن الناس من غير رئيس ومن غير خليفة ومن
غير قائد فوضى وتبقى مصيبة أن تريد هدم الكيان فتبقى كلمته حقا صحيحا ولكن فهمها مقترن بالباطل ومن هنا سمي إبليس وربنا قال لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ما هو من الأبلسة من صنف الإبلاس من إبليس أنك تدخل بمدخل حق وتلبس به الباطل أما الرفض فيبقى مصيبة سوداء رفضت الأوامر، أما هؤلاء فماذا قالوا؟ قالوا سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير. حسنا، إبليس رفض، قال
له اسجد فلم يسجد، قال له أطع فلم يطع، لكنه أضاف إليها مصيبة أخرى، أي أن إبليس رفض الطاعة واستكبر، بل تكبر أيضا، كيف تكبر؟ هذا يريد والعياذ بالله تعالى وكأنه يعلم لما رأى أنه قد غاب عنه رؤية الحكمة، ولذلك ربنا هنا يقول وكأنه يشير إلى احتمال رحمة لإبليس قبل أن يخطئ: إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون. فكان ينبغي ألا يتجرأ إبليس فيستكبر على ربه
ويقول لا خلقتني من نار وخلقته من طين. أنت لا تنتبه أم ماذا، يا الله يا الله يا الله، هذا لم يقف عند الاعتراض مع الاعتراف بالخطأ، حسنا أنا لم أصل أنا مخطئ، حسنا أنا لم أنته عن المنكر الفلاني من قبل أنا مخطئ، لكن أيضا تقول لا هذا أنت لا تنتبه هذا هكذا أفضل، وهذا يحدث عند من جهلهم أن أحدهم كتب يقول: يا رب لا تعاملني برحمتك، عاملني بعدلك. هذا جاهل مسكين لا يدرك أن رحمة ربنا سبحانه وتعالى من عدله، وأننا ضعفاء. فعلى أي شيء تتكبر؟ وأين المصلحة؟ هذا أيضا لا يدعو على الناس بل يدعو على نفسه. الكبر نوع
من أنواع الأبلسة وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين