سورة البقرة | حـ 71 | آية 37 : 39 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه يقول ربنا سبحانه وتعالى فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين قال تعالى مستقر ولم يقل سكن فالأرض ليس فيها سكن والدنيا سميت بكلمة دنيا لأنها دنيئة، فالإنسان يتهيأ فيها للمشاق والكلفة والجهاد، جهاد النفس وجهاد الشر، وللتعب والنصب. الدنيا ليست محلا للسكن، وإنما
لنا أن نتخذ فيها سكنا نعمل فيه، وعمل قوم نتزوج ونسكن إلى الزوج ونبني الأسرة، وقوم نجتمع ونسكن إلى الاجتماع ونعمل جماعات مختلفة، جماعة في المسجد وجماعة في وجماعات في العمل وجماعات في الدولة وهكذا جماعات ونسكن إلى هذا إنما بمقاومة وبمجهود وبعمل وببذل وقت وتعب وكد وليس بالراحة إن لله عبادا فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتن نظروا فلما رأوها أنها لم
تكن قط لحي وطنا جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا يعني أن الدنيا ليست وطنا لأنها ليست باقية، كم ستعيش؟ مائة سنة، إذن يجب أن يكون في العمل الصالح عمارة الأرض وتقوية الناس والسعي فيها، حسنا، ولكن هذه مائة سنة لا فائدة منها، ثلاث دقائق عند ربنا، إن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون، تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف كل ثلاث وثلاثين سنة بدقيقة عند ربنا يعني مائة سنة تصبح قد مرت ثلاث دقائق إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا إذا كانت حقيقة الدنيا كذلك فماذا نفعل
فيها اتخذها مستقرا وحولها أنت بأعمالك الصالحة إلى سكن ولكن اعلم الحقيقتين الحقيقة الأولى إنها ليست بسكن في ذاتها والحقيقة الثانية إنها مؤقتة حين وليست دائمة ومن هنا فإن تحصيل ذلك المتاع لا يكون بارتكاب الحرام لأنه إلى حين، يعني لو أنك ارتكبت الحرام وتوصلت به إلى المتاع الذي تريده وأن تنقل نفسك من دائرة إلى دائرة بواسطة الحرام، لا يستحق أن أعمل لآخرتك يا أخي إذا ومتاع إلى حين هذه كلمة ولكم في
الأرض مستقر ومتاع إلى حين أتركها أمامي تمتلئ فماذا تفعل في الإنسان تمنعه من الحرام والشر كلما أراد أن يفعل شيئا حراما يقول لنفسه إن هذا لله وهذا له وهذا مسكن وهذا عبارة عن مستقر وكذلك ليس دائما بل إلى حين فلماذا أفعل هكذا وأجلب الحرام هذا من أجل استمتع به هذه الدقائق الثلاث ما هذا بلا حرام فإذا عملت العمل الصالح وعملت بالحلال تحول المؤقت إلى سكر وتحول العمل الصالح إلى مدخر لك يوم القيامة فلم يكن مقتصرا إلى حين لا ليس لحين فقط هكذا لا بل أنت
تعمل لما بعد هذا الحين ما رأيك هذه الكلمة هي ربنا لما أنزلنا أعطاهما بداية للطريق الأرض مستقر والمتاع إلى حين فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إن الله تواب رحيم تاب عليه فورا يبقى في العقاب حتى ولو كان من معصية التشريف كان يعني إيه بالتأني هكذا وفي الثواب على الفور وفورا يبقى هذا كريم أم لا كريم هناك يقول ماذا يقول "وقلنا
اهبطوا" لم يقل فقلنا قال "وقلنا" لأن الهبوط فيه عقاب وهنا يقول ماذا "فتاب عليه" بسرعة هو تاب من هنا والله قبله من هنا يا ابن آدم إذا جئتني بتراب الأرض ذنوبا ثم جئتني تائبا لغفرت لك يا سبحان الله والسؤال يا ابن آدم أتقدر لربنا بتراب الأرض ذنوبا تكره أن تعملها، فكيف ستعملها؟ كيف ستأتي ربنا بتراب الأرض ذنوبا؟ يعني الكرة
الأرضية فيها تراب، كم عدد حبات التراب؟ سيخرج رقم، ائتني بمعاص بهذا الرقم. فهذا الرقم سيخرج قدر عمرك بالسنين، سنوات عمرك ملايين المرات، فادع حتى تحصل عليه، يجب أن تقدم. ملايين المعاصي في كل ثانية فكيف ستفعلها؟ فلو كنت رجلا افعلها. أتتصور أنك لا تستطيع أن تعصي ربك هكذا لأنه ليس لديك وقت؟ فإذا برحمة الله وسعت هذا المتخيل لو يقول لك حرف امتناع الامتناع يعني ممتنع أن تفعل هكذا لو جئتني بتراب الأرض ذنوبا
وهذا غير ممكن ثم جئتني تائبا لغفرت لك، الكلام الذي يصدر من سيدنا رسول الله ينسبه إلى الله في الحديث القدسي متسق في هذه الفاء، فلو كان القرآن هذا من عند محمد لأخطأ وقال وتاب علي، ولكن هكذا هو ليس فيه أي خطأ ولا شيء، كلما نأخذ كلمة وننزل بها في عمقها فاذكروا حديثا أو آية أو ما إلى ذلك، الآية هذه تساق هذه شبكة ننظر من خلالها إلى الحياة وتجعل وتنظم العلاقة بيني وبين الله وبيني وبين نفسي
وبيني وبين الخلق فتاب عليه، إن الفاء هذه هي قول القرآن الذي يدعونا إلى التوبة والذي يصف الله بأنه تواب وأنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن كثير فتلقى آدم من ربه كلمات وفي قراءة فتلقى آدم من ربه كلمات يعني الكلمات هي التي تلقت آدم وقيل لك أن كل ما هو يتلقاك فأنت تتلقاه يبقى آدم يتلقى الكلمات هي كما أن الكلمات تلقت آدم والقراءتان معا تعطيان أن آدم كان مشتاقا للكلمات كما أن الكلمات
كانت مشتاقة لآدم مثل اثنين يجريان نحو بعضهما البعض ليحتضنا بعضهما البعض وهذا ما معناه؟ معناه أن نية آدم كانت مخلصة لأنه يريد هذه الكلمات وهو تلقى آدم من ربه كلمات يعني الكلمات تجري إليه وتلقى آدم من ربه كلمات يعني هو يجري وراء هذه الكلمات يعني أنه مشتاق والمشتاق هذا معناه أنه يخلص النية لله أنه هو التواب كثير قبول التوبة عن عباده الرحيم ويكرمهم أيضا فوق التوبة ليس يتوب بأن يمحو لك الذنوب فقط لا أولئك الذين يبدل
الله سيئاتهم حسنات هذا يعني دفعت الذي دفعته هذا في معصية كيف تتبدل قال أنت تعرف الرجل الذي أخذها منك أنت وقيته من شر فلان طيب وهذه ليست في يده هذه من عند الله فتحولت عطيتك التي كانت في البداية إثما بعد توبتك حسنة لك لأنك قد أعنته من غير أن تدري ومن غير نية منك ابتداء لأنك لما دفعتها إلى الخطيئة ثم إذا بها تتحول إلى حسنة، تأمل هذا فضل الله يؤتيه من يشاء وكونه يدبره كما يشاء.
بعض السذج يقول لك تواب، أنتم تقولون عن ربنا تواب أي أنه يتوب كثيرا، فماذا نفعل لهم؟ وماذا علينا إذا لم تفهم البقر ما هي طريقة الغيظ، ما هو الآن أي يقبل التوبة عن عباده وهذا القبول متكرر فيأتي يفهم خطأ ولذلك يجب علينا التمكن من لغة العرب وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والحمد لله رب العالمين