سورة البقرة | حـ 73 | آية 41 : 44 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى نطلب منه الهداية ونقف عند كل آية بل كل كلمة منه فهو من كلام رب العالمين وفضل القرآن على كلام الناس كفضل الله سبحانه وتعالى على عباده فالرب رب والعبد عبد وهناك فارق بين المخلوق والخالق يقول ربنا سبحانه وتعالى يا بني إسرائيل كلام جديد اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون بنو إسرائيل أتيح
لهم ما لم يتح لأحد في العالمين وفتح لهم ما لم يفتح لأحد في العالمين أرسل الله إليهم موسى وموسى هو كليم الله وكلم الله موسى تكليما وأنقذهم من فرعون وملئه وأراهم بأعينهم معجزات حسية متتالية من شق البحر ومن نطق الجبل ومن الألواح ومن قصة البقرة وإحياء الموتى أمامهم دليلا على قدرة الله وعلى عظمة الله وفضلهم على عالمي زمانهم ونصرهم
وأنقذهم من التيه بغية أن يخلصوا الديانة لله رب العالمين وأرسل إليهم الأنبياء تباعا كثيرا أي كلما تسير في الشارع تجد نبيا في بني إسرائيل وبعد ذلك لا توجد فائدة ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار ولو أن بني إسرائيل التزموا بالوصايا العشر لما أرسل الله عيسى ولا أرسل محمدا لكنهم لم يمتثلوا فذكرهم بعيسى روح الله وكلمته فلم
يمتثلوا فجاءهم الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم يذكرهم ويأمرهم بأن يعودوا إلى الوصايا العشر عندما تذهب تجد عددها تجدها تسعة أين ذهبت العاشرة؟ سؤال تجدها تسعة فقط فأين ذهبت العاشرة؟ سؤال علامة استفهام لأنها قد تكون الوصية بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ولكن ما عليها من ذلك شيء، فهناك أشياء أخرى كثيرة، ولكن يا بني إسرائيل هذا يخاطبهم إلى يوم الدين لأن القرآن قد تحرر من الزمان والمكان، فلا
يخاطبهم في عصر دون عصر، يا بني إسرائيل أكرمتكم بأن نسبتكم إلى نبي يعقوب وهو أكرمتكم بأن جعلت الأنبياء تترى فيكم أكرمتكم بأن جعلتكم أفضل العالمين في زمانكم أكرمتكم بأن جعلتكم من أتباع الكليم أكرمتكم بأن جعلت وهكذا يعدد عليهم نعمته ويتعجب وكأنه يأمرنا أن نتعجب فالله يعلم وليس في حاجة إلى ذلك يأمرنا أن نتعجب فبقي بعد كل هذا لا توجد فائدة اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم من كل هذه الأشياء التي لا يذكر بعضها في القرآن، فما العجب إذن
في أن يذكر بنو إسرائيل؟ وهم في الأصل لم تتنعم أمة أكثر مما تنعموا، ولم يكرم الله أمة أكثر مما أكرم بني إسرائيل، فبنو إسرائيل هؤلاء أمة بلغت القمة فيما أكرمهم الله وفتح عليهم ولهم وفيما عصوه وقبلوه وظاهروه بالمعصية كفرانا وغلوا والعياذ بالله تعالى ومن هنا فإنه يأمرنا ويقول لا تجعلكم مثلهم فهل من الممكن أن نصبح مثلهم بالطبع والنبي عليه الصلاة والسلام قال لتتبعن سنن الذين خلوا من قبلكم حذو القذة بالقذة
حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه وراءهم قالوا اليهود والنصارى قال رسول الله فمن الأمم غيرهم هؤلاء هم المقصودون لأنهم هم الذين امتثلوا لكلام الله ثم بعد ذلك حدث ما حدث فجاء النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ليؤكد أن مسيرة الرسل واحدة وأن الله هو الذي نعبده جميعا وأننا ينبغي أن نعود إلى طريق الله وإلا فإننا نكون قد خرجنا وعصينا وفعلنا مثل ما نهانا الله عنه يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوفي بعهدكم من عهدهم
أن يحميهم من عهدهم أن يغفر لهم من عهدهم عنده يغفر له من المصائب التي حدثت عندما اتخذوا العجل وعبدوه عندما فتحوا أكثر من خمسة معابد للوثنية عبدوا فيها الأصنام في فلسطين أراد الله سبحانه وتعالى حتى بعد ذلك كله أن يعفو عنهم وأن يغفر لهم فطالبهم بأن يوفوا بعهدهم قال ما هذا العهد؟ طوائف كثيرة من اليهود يعيشون في لندن وفي النمسا وغير ذلك إلى آخره يقولون لك هذا العهد أننا لا نعود إلى هنا ألا نعود إلى أين؟ قال
ألا نعود إلى فلسطين مرة أخرى، وهذا في مقابل ماذا؟ قال في مقابل أن يغفر الله لنا. كيف يكون العهد عندكم هكذا؟ قال نعم والله العهد عندنا هكذا أن لا نعود إلى هنا مرة أخرى، وإن عدنا نصبح ملعونين، وإن عدنا فإن الله لن يغفر نسألهم يعني هل عاهدكم الله في كتبكم ألا تعودوا إلى فلسطين مرة أخرى فيغفر لكم فقالوا نعم فقلنا إذن ما بال هؤلاء الموجودين ويثيرون كل هذا القلق ويقيمون وتسيل كل هذه الدماء هؤلاء مخالفون فقالوا نعم مخالفون ولذلك نحن ضدهم ونحن
بعيدون عن هذه الأمور ولا نرضى ونحن أبناء المعبد القدس إن نحن نخالف عهد الله أوفي بعهدكم، طيب هم هكذا خالفوا وكسروا عهد الله وذهبوا فدخلوا فلسطين وجالسون يحاربون في خلق الله وخلق الله يحارب فيهم وأتعبوا المنطقة كلها وأتعبوا العالم كله إن هذه المحاربة وهذا الدم نهايته ما هي، غير راضين يسكتوا، طيب يبقى ما فيه مغفرة وما توفيق ويبقى لا بد عليهم أن يطبقوا دينهم وأن يعودوا إليه وإلا فلا فائدة، فما هذا ناتج عنه؟ من نسيان الله
الذي فعلوا ذلك ورجعوا إلى فلسطين مخالفين للعهد، نسوا ربهم ونسوا أن يخافوه، ولذلك هنا يقول ماذا؟ وإياي فارهبون، خافوني إن لم توفوا بالعهد فسوف لا تخافوا مني وإذا لم تخافوا مني فلن أوفي لكم بقية العهد وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم لما أنتم ترون ذلك ولذلك ورقة بن نوفل يقول لسيدنا رسول الله لما سمع القرآن والله إنه لمن المشكاة التي أتى بها موسى من مشكاة واحدة هذا صادر من مشكاة واحدة على الكلام الذي سمعناه وآمنوا بما
أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به فيبقى أيضا هذا فيه إشارة إلى لما بدأ في التطبيق ببني إسرائيل أول من يكفر بالقرآن هم بنو إسرائيل ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون فيبقى أيضا فقدان الرهبة وفقدان التقوى يؤدي إلى عدم الوفاء بالعهد ولا تلبسوا الحق بالباطل، الحمد لله تقرأ هكذا فتجد كله تلبيس، كله تلبيس، يأتي بحقيقة ويبني عليها شيئا غريبا، هو محتل وكل العالم
يقول له أنت محتل، ما بعد سبعة وستين وأصبح المحتل هو الذي مظلوم وأصبح الظالم هو الذي مظلوم والمظلوم هو الظالم، وهكذا كل هذه التي تعد وما إلى ذلك لا التفات إليها فما بالكم بالفكر ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون يبقى ربنا عالم الغيوب يقول لنا إنهم يعرفون أن هناك تلبيسا هنا وتلبيسا هناك وأقيموا الصلاة إذا كنتم تريدون أن تسلكوا طريق الله أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة عبادة الله الخاصة وعبادة الله المتعدية القاصرة يعني القاصرة على النفس بها يكون للإنسان علاقة
طيبة مع الله والمتعدية إلى الغير بإيتاء الزكاة واركعوا مع الراكعين يعني كونوا مع العالمين هكذا لا تكونوا أنتم الشاذين الذين فيهم وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والحمد لله رب العالمين