سورة البقرة | حـ 78 | آية 51 : 52 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 78 | آية 51 : 52 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله، مع سورة البقرة ومع قوله تعالى "وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة" وهو يعدد على بني إسرائيل النعم التي قد أنعم بها عليهم ويذكرهم بأنهم ينبغي أن يعودوا مرة أخرى إلى الوصايا التي أمرهم بها موسى وأن يعودوا مرة أخرى من غير تلاعب هنا أو هناك بالكتاب يظهروا بعضا ويخفوا بعضا وهم يعلمون ويخفون صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ويتلاعبون هذا التلاعب المشوه الذي لا أساس له وهم في الحقيقة يتلاعبون مع الله ولكنهم
بذلك التلاعب يؤذون البشر فالله سبحان الله وتعالى يعدد عليهم نعمه ويطلب منهم أن يتوبوا إليه وقد تاب فعلا منهم أقوام فأسلم منهم عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه وكان من أحبار اليهود وأسلم كثير منهم بعد ذلك عبر التاريخ الإسلامي حتى إن رجلا كان يسمى ابن الخياط وكان من المقرئين ولم يكن حسن لكنه كان متقنا في القراءة وفق قواعد التجويد والتلاوة، أسلم على يديه سبعون ألفا من بني إسرائيل وبعضهم يستكثر مثل هذه الأرقام سبعين ألفا، ولكن عندما تعلم أن المسلمين كانوا في حضارة باهرة أبهرت الدنيا وأن المسلمين
قد ضربوا المثل في العدل وضربوا المثل في الرحمة وضربوا المثل في وضربوا المثل في الحياة وضربوا المثل في العمارة وأنهم كانوا مثالا يحتذى به حتى أن كثيرا من غير المسلمين كانوا يرفعون أصواتهم بالعربية أي يتحدثون بالعربية ويرفعون أصواتهم حتى يعلم أهل السوق أنهم من العلماء المثقفين كما هو الحال الآن عندما يتحدث أحدهم بكلمتين من الإنجليزية حتى يقول الناس إن لما كان المجتمع كذلك ما الذي يمنع الناس من أن يدخلوا في دين الله أفواجا ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا ما الذي يمنع هؤلاء أن يسلموا عندما يسمعون
القرآن غضا طريا من صوت ابن الخياط لا شيء الحقيقة هكذا ولذلك هذه أعداد ليست كثيرة ولا خرافية بل هي التي جعلت من طنجة إلى جاكرتا ومن غانا إلى فرغانة ينتشر الإسلام بهذه السرعة وينتشر الإسلام بهذا العدد والكم الهائل لأن الإسلام قد دخل في القلوب بعد أن رأى الناس كيف يعيشون في الحياة الدنيا وهذه مسؤولية عظيمة علينا فإن تخلفنا عن ركب الحضارة وانشغال كثير منا بغير المهم واختلال الأولويات والترتيب لدينا جعلتنا خارج نطاق الشهادة التي أمرنا الله بها وجعلتنا خارج
نطاق الخيرية التي شرفنا الله بها ولكنه كلفنا بها أيضا كنتم خير أمة أخرجت للناس مثلما فضل بني إسرائيل على العالمين ولكنهم لما لم يقوموا بواجب هذا التفضيل سحبه منهم فكذلك أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتي نرجو لها الخير وأن تعود إلى رشدها مرة أخرى وأن تأخذ بأسباب التقدم والحضارة والريادة والقيادة ندعو الله لها هذا إلا أن ذلك لا يأتي بالتمني وإنما يأتي بالعمل فيقول وهو يربطهم بالوحي ويقول لهم إنه لا منجى لكم ولا مخرج لكم مما أنتم فيه إلا إذا ما تذكرتم الوحي الصحيح وإذ واعدنا موسى أربعين
ليلة فما الذي كان عندما ذهب موسى ليتلقى عن ربه اتخذوا العجل بدلا من توحيد الله أشركوا ثم اتخذتم العجل من بعدهم نعم كانوا في أقوام عبدوا العجل وكان يجب عليهم وقد هاجروا إلى الله وخرجوا من دائرة هؤلاء أن لا يقعوا في هذا الشرك، لكن لما كانت النفسية نفسية عبيد ولما كانت النفسية نفسية ضعيفة هشة فإنها مالت إلى التقليد حتى ولو كان هذا التقليد يقدح في هويتهم ويهدم دينهم وكيانهم
وخروجهم أصلا إذا كنتم تعبدون العجل فلماذا خرجتم ما كنتم قعدتم وعبدتم العجل لكنهم عبدوا العجل نفسية عبيد ما زالت في دور التقليد لم تخرج عن الانطباع عن أسيادهم فعبدوا العجل ولذلك هذه مصيبة كبرى نحذر منها أن ينطبع الناس بفكر منحرف بعقيدة مختلة برؤية مضطربة تعادي وتخالف وتهدم ما أمرنا الله به وما حكاية الانطباع هذه يعني ما هو
الانطباع قال لك يروى أن الضبع ينظر إلى فريسته فيعمل شيء كالتنويم المغناطيسي ثم يسير فتسير خلفه فالفريسة تسير وراء مهلكها بإرادتها ولكن دون وعي حتى يصل بها إلى وكره بيته لكي لا يتكلف إذا كان قتلها هناك سيتكلف مصاريف النقل فلا يريد أن يتكلف مصاريف النقل فتركها هي التي تأتي إلى حتفها بقدمها ويفترسها هناك كيف يفترسها من ضمن هذه الأسطورة التي يحكونها أنه يعني ليس ضروريا أن يكون الضبع يفعل ذلك
ولكن هناك أسطورة عن الضبع أنه يفعل ذلك حيث يركب فوق الفريسة تقول الأسطورة هكذا ويبول عليها إهانة والبول فيه مخدر فتصاب بالدوار فيفترسها بهدوء دون مقاومة فاستخرجوا منها كلمة انضبع يعني ما معنى أن واحدا قصر عليه فصار وراءه مثل المدمنين هكذا حتى أوصله إلى حد فيه صورة بشعة إذا هؤلاء انطبعوا بأسيادهم من ضمن نفسية العبيد الانطباع فلا بد على الأمة الإسلامية أن لا تنطبع بالغرب والشرق وأن يكون لها خصوصيتها التي
تستطيع بها أن تهدي وأن تفيد العالمين وأن منها كل أحد وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون لأنه كان ينبغي لمن له نفسية هشة أن يطور نفسه ويقوي نفسه لكن من ظلمه لنفسه أن يستجيب لهذا الانطباع الذي يحطم كل القضية التوحيدية هذا أنا آتيكم لأخرجكم من عبادة الحيوانات وعبادة الحشرات وعبادة كذلك إلى عبادة رب العباد، قوم
تبيعونها سهلة هكذا وترجعون مرة أخرى تعبدون العجل، نعمة أخرى ثم عفونا عنكم، هذا لو كان قطعهم قطعا لكان قليلا، إنما لأن الله لا يصل إليه منا ضر ولا نفع فهو صبور، ولأن الله لا يصل إليه منا أذى نحن نؤذي أنفسنا فهو عفو وغفور ولذلك يقول سبحانه ثم عفونا عنكم فتبقى هذه نعمة وثم معناها أن
ذلك تم بعد انتهاء الجرم أولا واستمرارهم عليه فهم اتخذوا العجل قبل أن يرجع سيدنا موسى بمدة وليس أنهم اتخذوا العجل الآن وبعدها تابوا الآن لا لأن ثم تفيد التراخي ففي فترة جلسوا يعبدون فيها العجل يبقى ما هو ليس خطأ وليس هفوة، هذا تصميم وليس خطأ، أخطأوا هكذا ثم أفاقوا على أنفسهم فقالوا: والله ماذا نفعل؟ لا، هذا تصميم. فمن أين جئنا بالتصميم؟ من كلمة "ثم" التي هي "ثم"، يبقى هناك مسافة ما بين بدء العبادة وبين طلب التوبة وقبول هذه التوبة ثم
عفونا عنكم من بعد ذلك لماذا إذن لعلكم تشكرون تفوقوا العفو هنا مع هذا لا يتأتى إلا لمن قرر أن يكون مفضلا، ربنا قرر أنك تكون أفضل العالمين فكانت تشكره إذن ألم يقل لهم لعلكم تهتدون قال لعلكم تشكرون يعني تبقى تنتبه مع ربك فاللهم يا ربنا فهمنا مرادك وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته