سورة البقرة | حـ 82 | آية 59 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ  82 | آية 59 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله في سورة البقرة نستهديه، حيث يقص علينا نبأ بني إسرائيل وما أكرمهم من نعم متتالية، وذكر أنه قال لهم: ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا، وادخلوا الباب سجدا وقولوا حتى نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين وعرفنا المنهج الرباني فيها ثم قال ينعى حالهم فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم قال لهم ماذا قال لهم اعمروا
ولا تدمروا قال لهم اعبدوا ولا تكفروا قال لهم تمتعوا بنعم الله هذا الذي قاله لهم فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي لهم في التفسير يقولون وكأنهم لم يسمعوا موسى عندما قال لهم حطة قالوا له حنطة أي ما معناه قمح فذهبوا مضيفين حرفا والآية أعمق من ذلك ولكن حتى لو كانوا قالوا ذلك فإنهم يتلاعبون بالأسماء التي علمها الله لآدم وبدأ بها ليبين لنا أن التلاعب باللغة يؤدي إلى
بالمنهج حنطة وهو يقول لهم حطة ولها معنى اجتماعي وسياسي وحضاري وديني فلما تلعب هكذا قم تفسد المنهج وتقطع ما بينك وبين الله ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض انظر إلى المعاني هذا هو القرآن واضح وبعضه يفسر بعضا وبعضه يؤيد بعضا فبدل الذين ظلموا الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون، الخروج عن منهج الله فسق، كلمة فسق تعني خرج، عن ماذا؟ عن منهج الله، خروج
مذموم لأنه خروج من الخير إلى الشر، هذه الآية تنبهني إلى التبديل وتنعى عليه، والتبديل ليس ضروريا أن يترك الشيء كله. بدل حتى لو أنه ترك بعضه أو أدخل فيه ما ليس منه يبقى بدلا أيضا، أي عندما يقول حطة يقول حنطة فهو لا يزال الحاء والطاء والهاء موجودة، ولكن عندما أضاف النون غير المعنى. فما هذا في الحياة؟ أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك؟ منكم إلا خزي في
الحياة الدنيا فشل في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون، يبقى إذن لا بد علينا أن نؤمن إيمانا واضحا وأن نؤمن إيمانا كاملا وألا نبدل سواء كان هذا التبديل بالإضافة التي تفسد المنهج أو بالحذف الذي يضيع المنهج أو بالإنكار كليا ونسير عكس ذلك بدون تلفيق ولا توفيق، كل ذلك باطل وكل ذلك مندرج تحت كلمة فبدل. هذه الآية تعلمنا الإنصاف، لم يقل ربنا سبحانه وتعالى وقد ارتكب بعض بني إسرائيل
هذه الحماقة فبدلوا، لم ينسب هذا إلى كل بني إسرائيل وإنما قال فبدل الذين ظلموا ولم يقل فبدلوا. لأن بعضهم رضي بما قسمه الله له وسار على منهج الله وبعضهم الآخر انقلب على منهج الله وشذ عنه فظلم نفسه وظلم قومه وأمته وظلم القضية التي أرادها الله وخرج عن المنهج الذي رسمه الله وهكذا شأن القرآن يجب أن تقرأه بدقة لما يقول لك وود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم
من بعد إيمانكم كفارا، لم يقل ود أهل الكتاب إنصافا، والإنصاف والعدل أمر به القرآن حتى قال ربنا "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى" وأمرنا أن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، يعني سبحان الله كان العدل سواء على نفسي أو على أهلي أو على المسلمين أو على غير المسلمين كأنه ركن من أركان الأخلاق الإسلامية، ركن جزء لا يتجزأ. إياك أن تظلم، الظلم ظلمات يوم القيامة، ولذلك عندما نتحدث عن الناس
أي ناس، قول الآخر أي آخر، بعض الآخر منصف، وبعض الآخر بعضهم الآخر غافل، وبعضهم الآخر لا يعرف عنك شيئا، وبعضهم الآخر مستعد للتقوى، وبعضهم الآخر غير موفق وبعضهم الآخر موفق، ولذلك من يتكلم وكأنه هو في جزيرة والعالم كله من حوله في جزيرة أخرى وهو عدو للجميع لا يفهم حقيقة الإسلام ولا دعوة الإسلام، ولذلك إذا ما اعتدى على الآخر هذا باعتبار أنه مخالف له فهو ظالم وربنا هنا ينبهنا إلى هذا تأمل ماذا يقول في
شدة التعنيف والتذكير والمؤامرة والعلم لا يقول إلا الحق بالعدل فيقول فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم وهنا كلمة قيل اسمها فعل مبني للمجهول عندما نحللها نقول قال موسى قال الله قال إذن لنرى من الذي قال لكن قيل إذن من الذي قال لا نعرف طيب وهذا يفيد بماذا قال يفيد العموم يعني
هم لم يسمعوا من واحد فقط بل سمعوا كلام الله وسمعوا كلام موسى وسمعوا كلام هارون وسمعوا كلام الأقدمين من المرسلين وسمعوا وليس هناك فائدة فإلى لقاء آخر نستودعكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته