سورة البقرة | حـ 83 | آية 60 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله سبحانه وتعالى نسترشد منه بالهدى في سورة البقرة، وهو يقص علينا قصة موسى مع بني إسرائيل وكيف كفروا بنعم الله سبحانه وتعالى فخرجوا عن الصراط المستقيم الذي ندعو الله سبحانه وتعالى في كل صلاة أن يهدينا إليه اهدنا الصراط المستقيم وأن لا نكون كالأمم السابقة في عصيانها لربها والخروج عن منهجه سبحانه والإفساد في الأرض والطغيان والبغي بغير الحق قال تعالى (وإذ استسقى موسى لقومه) وهو يعدد النعم التي
أنعم الله بها على بني إسرائيل على قوم موسى فذكر هذه النعمة (وإذ استسقى موسى لقومه) استسقى أي طلب السقاية. تعلمنا أن الألف والسين والتاء تدخل للطلب، لطلب الشيء. استخرج يعني طلب خروج الماء من الأرض أو المعدن من الأرض كالبترول، يقول استخرج البترول. استسقى طلب السقاية، فطلب السقاية أيضا هو نوع من أنواع الدعاء: اللهم اسقنا غيثا، يعني ما يحدث الري. ولذلك
هناك عند المسلمين صلاة تسمى بصلاة الاستسقاء وصلاة الاستسقاء يصوم فيها المسلمون قبلها ثلاثة أيام طاعة لله ثم يخرجون في سكينة وتواضع وثياب بسيطة أي ثياب ليست فاخرة جدا تواضعا لله ويخطب أحدهم ويطلب من ربنا السقيا لأنه هو الذي بيده أن يسوق المطر إلى الأرض القاحلة من نعمه الله علينا أن ينزل علينا من السماء ماء فيخرج به من الثمرات رزقا لنا سبحانه وتعالى، وهذا يعلمنا أن نسأل الله سبحانه وتعالى
في كل شيء، وهذا يفرق عندنا بين التوكل والتواكل، والفرق بينهما أننا ندعو الله سبحانه وتعالى مع اتخاذ الأسباب فهو توكل وعبادة ودعاء، لا مع ترك الأسباب. تواكل واختبار لله رب العالمين من قبل عبده وهذا لا يجوز وفيه قلة أدب ولذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه يقول إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة واستدل العلماء بأحاديث كثيرة يعلمنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدعاء دائما يجب معه
أن نأخذ بالأسباب وكما قالوا في الأمثال الفلاح يلقي الحب ثم يدعو ويقول يا رب يا رب حتى تنبت الحبة لكن إذا لم يلق الحبة في الأرض فلا زرع له يبقى بيستعبط الفلاح الذي يجلس يدعو هكذا يا رب أنبتها قطنا كيف ستأتي لا بد أن يبذر القطن أولا ثم يقول يارب استر من الآفة يا رب بارك في المحصول يا رب يسر الأمور وأخرجه كثيرا واحفظه من السيئات والدودة يدعو فقط بعد يلقي يجد الحب أما قبل إلقاء الحب فماذا؟ يكون خارجا عن مراد الله من خلقه فسيدنا موسى يعلمهم الصلة بين العبد وبين ربه وربنا يشير إلى
الصلة باللغة العربية التي إذا ما فهمها الفاهم فإنه يعلم مراد (وإذ وإذ موسى) موسى إذا طلب السقيا من الله أمر مهم، ووصف رسولنا الكريم سيدنا موسى بأنه كان يسأل الله في كل شيء حتى في ملح طعامه، يعني لما كان يحتاج ملحا يقول يا رب يسر يا رب أنا أجد الملح وهو ملح بالكسر هكذا عربي ملح هذا لغتنا نحن ملح ملحا أجاجا فيذهب يسعى في الأرض فيجد الملح على أقرب طريق من الدعاء توفيق يبقى لا بد لنا من الدعاء ولا بد معافصة معافصة
هذه كلمة صعبة قليلا يعني من اتخاذ الأسباب والتلبس بالأسباب فإن ترك الأسباب جهل والاعتماد على الأسباب شرك فإن الفاعل الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى وإذ استسقى لقومه) لقومه يعني من أجل قومه اللام هنا لها معان كثيرة هنا معناها من أجل قومه من أجل خاطرهم فهو لم يستسق لنفسه قيل لك الأنبياء يبيتون عند الله يطعمهم ويسقيهم ولذلك كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام فلا يفطر في المغرب ويبقى صائما هكذا حتى اليوم الثاني حتى اليوم الثالث فأراد الصحابة أن يفعلوا ذلك قائلين
إنه لا يشرب ولا يأكل فقالوا نحن أيضا نفعل ذلك فقال لا تستطيعون فإنما أبيت عند ربي يطعمني ويسقين مالكم دعوة بي هذه حاجة خاصة بي أنا هكذا فرفضوا وواصلوا الصيام تركهم حتى اليوم التالي وعند الضحى هكذا الساعة التاسعة وأخذوا يتساقطون من طولهم لا هم قادرون على أن يفطروا فالنهار هذا رمضان ولا هم قادرون على ألا يفطروا لأنهم قد مضى لهم أكثر من ستة وثلاثين ساعة صائمين ويضحك عليهم صلى الله عليه وسلم سيدنا الرسول كان لطيفا جميلا وكان يقول أنا منكم مثل الوالد للولد وكان رحيما بهم وبنا صلى الله عليه (وإذ وإذ
لقومه) لقومه يقول يقول ألم يستسقي لنفسه ايضا؟ وهو لم يستسق لنفسه أيضا وهو من ضمنهم قال لا هو كان يمكن أن يصبر بموجب النبوة لكن هم الذين لم يكونوا راضين لأنهم محتاجون لا (فقلنا منه بعصاك الحجر) الحجر، (فقلنا) فقلنا يعني في وحي يعني يقول لك هذا ليس إنسانا عاديا هذا حالة خاصة (فقلنا) فقلنا يبقى (اضرب بعصاك الحجر) هل طيب كلام؟ هذا كلام أنا أقول لك أريد لى تقول له اضرب الحجر، فهذا الحجر ضد المياه، قال له سبحان الله الذي سيخرج الماء من الحجر، يعني
انتبه آية ومعجزة هذه معجزة تثبت قدرة الله وتثبت أن سيدنا موسى يعني ربنا يحبه يحبه ويستجيب دعاءه وأنه من عنده سبحانه وتعالى، فالبني آدمين يطيعونه إذا لأنه قد قام الدليل على أنه مستجاب الدعاء ومن كان مستجاب الدعاء كان في رضا الله سبحانه وتعالى ومن كان في رضا الله فإنه يكون على النهج المستقيم والطريق القويم فقل اضرب بعصاك الحجر فتبقى معجزة قال لا قال ما هذا الحجر أتردد فانفجرت منه والفعل التعقيب يعني
ماذا فانفجرت قال له أي فضرب فانفجرت، طيب وماذا لو لم يقل فضرب فانفجرت، ما هو فضرب يعني ماذا؟ التزم أمر الله، قال ما هو أصله هذا سيدنا موسى يجب أن يمتثل فالامتثال مؤكد الامتثال مؤكد، رقم اثنين هذه بلاغية، ما هذه؟ هذا الكتاب هذا ليس من عند بشر لا يصلح، قال فضرب فجاء على الفور فانفجر من أجل أن يبين لك سرعة الانفجار أي فضرب لتوه ضرب العصا على الحجر وبعد ذلك انشق الحجر وبعد ذلك انفجرت منه المياه لا فضرب فانشق فانفجر اختصرها فذهب
يأخذك مباشرة إلى المياه التي خرجت لكي يوصلك إلى السرعة التي حدثت بها (فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا) والحديث طويل في هذا الكلام الجميل فنؤجله إلى حلقة قادمة ونستودعكم الله والحمد لله رب العالمين