سورة البقرة | حـ 90 | آية 74 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، مع كتاب الله نعيش هذه الدقائق مع سورة البقرة وحكاية بني إسرائيل، وبعد أن قص الله علينا قصة البقرة وعلمنا فيها عدم التنقيب في الأحكام الشرعية وفي الأوامر الإلهية، وعلمنا فيها كيف نسارع إلى الله وعلمنا فيها الآيات والمعجزات التي يريها الله سبحانه وتعالى للبشر من أجل أن تدل عليه وعلى وحدانيته وعلمنا فيها كيف أن الوحي معتبر وأن سيدنا موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام قد بذل الكثير
مع هؤلاء الأقوام ولكنهم بعد ذلك كله وبعد ما رأوه من آيات يحكي ربنا سبحانه وتعالى عنهم فيقول ثم قست قلوبكم من بعد ذلك، وذلك تعود إلى كل هذه الآيات التي أوضح الله فيها نعمته على بني إسرائيل وأوضح الله فيها نعمته على البشر، وبعد ذلك كله يقول العلماء فيها ماذا تعود إلى مضمون ما سبق أي القصة بأكملها هكذا بعد ذلك، وذلك اسم إشارة فكأنه يشير إلى مضمون كل ما سبق من الآيات. نحن الآن في الآية الرابعة والسبعين من سورة البقرة، فكأنه
يشير إلى كل الحكاية التي بدأها مع بني إسرائيل وإلى هنا ويقول ثم قست قلوبكم من بعد ذلك. هناك قلوب قاسية وهناك قلوب عليها أقفال. أم على قلوب أقفالها، وهناك قلوب عليها غلف، وهناك قلوب عليها ران، وهناك قلوب عليها حجاب، وهناك قلوب مظلمة، وهناك وهكذا. وكل نوع من هذه الأنواع يشترك في شيء واحد ويتعدد في صفات كثيرة. كل هذا يشترك في الغفلة
عن الله، نسوا الله فأنساهم أنفسهم. كل هذه الصفات تغفل عن سبحانه وتعالى فتتوه في هذه الحياة الدنيا بجزئياتها وتكاثر جهاتها ومجالاتها المختلفة ونكدها وكدرها وشواغلها ومشاغلها، فما دام قد غاب قلبك عن ذكر الله وغاب الله عن قلبك فإنك ستتصف بصفة من هذه الصفات ولا بد. قست القلوب القاسية، قست قلوبكم يعني أنها لم يعد يؤثر فيها الذكر أو
العادة التي فطر الله الناس عليها أنه فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين فعندما تذكر الإنسان يتذكر وعندما تذكره بالله يرجو وجه الله أو يخاف من عذاب الله ولكن هناك قلوب تذكرها بالله فكان في آذانها وقر والذين لم يؤمنوا دائما نجد عندهم أنه في آذانهم وقر فهنا يقول ثم قست قلوبكم يعني لا تنفع فيها الذكرى من بعد ذلك فهي كالحجارة والكاف للتشبيه والتمثيل والحجارة شأنها الصلابة
والحجارة شأنها أنها لا تتحرك إلا بمحرك فلو تركنا هذا العمود هكذا هنا وهو من الحجارة وجئنا غدا وجدناه كما هو فالحجارة صلبة وليست لينة بحيث أنها إذا أصابت أحدنا فإنها تؤذي لكن لو أن ورقة مثلا سقطت على رؤوسنا هكذا فإنها لا تؤذينا لأنها لينة، والماء إذا نزل علينا لا يصيبنا بأذى، أما الحجر عندما يسقط عليك فإنه يؤلمك، وأن من الحجارة يقول ماذا فهي كالحجارة، وبعد ذلك وهو يعلم من خلق ألا يعلم من خلق وهو
اللطيف الخبير، استخسر فيهم انها تكون كالحجارة أي عندما يشبه قلوبهم بالحجارة فكأننا ظلمنا الحجارة لماذا؟ لأن الحجارة لا بل اعتقد أنها كل حجارة، هذا بعض الحجارة هذا نحن لو دققنا مسمارا في الحجارة أيضا يدخل، لا يقبل الحجر أن يستقبل المسمار، لو كسرنا الحجر ينكسر أيضا، ولكن هؤلاء قلوبهم غير راضية وغير راضية. أبدا ليست راضية وحسب، بل هي غير راضية بصفة مستمرة فهي كالحجارة أو أشد قسوة أو أشد قسوة، وهذا يبين لنا نقطة مهمة جدا وهي
الإنصاف في إدراك الواقع في كل آيات القرآن، شيء خفي هكذا يعلم المسلم العدل والإنصاف، ليسوا جميعهم هكذا، قال لا بعضهم فقط وبعضهم على درجة واحد قال لا هذا بعضهم كالحجارة وبعضهم أشد قسوة من الحجارة إذن هذا يعلمني نقطة مهمة في كيفية إدراك الواقع أن لا آخذ الآخر جملة واحدة لا هذا فيه وفيه منه ومنه فالآخر هذا هو منهم
من هو ضدك ويدبر للقضاء عليك ومنهم من هو معك ويؤيدك ويحبك أيضا ومنهم من لا يعرفك ولا يعرف عنك شيئا ولا سمع عنك من قبل، ومنهم من لديه صورة مشوهة لك من الكذب والافتراء الذي يقوله الناس، ومنهم من هو عدوك لكنه شهم لا يؤذيك، ما في القلب في القلب، ومنهم والله إن هؤلاء الناس الآخرين ليسوا جميعا شيئا واحدا في كل آيات هذا المعنى أدرك الواقع الذي حولك ليس بالخداع، الناس سيئون؟ لا الناس ليسوا سيئين، إذن الناس ملائكة؟ لا الناس ليسوا ملائكة، ففيهم الملاك وفيهم الوحش،
منهم الخير أي الطيب ابن الحلال هذا الذي نسميه يا سلام هذا ملاك، ومنهم الوحش، ومنهم النصف نصف، ومنهم الربع ربع وكثير فدائما تعلم الإنصاف فربنا سبحانه وتعالى يأمرك بالعدل ويأمرك بالإنصاف وفي كل الأمثلة عندما تبحث فيها ستجد فيها معاني وهذا هو هداية الكتاب المبين ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة وأيضا من لم يقل كل الحجارة حجارة مخصوصة بشروط مخصوصة موجودة بجوار الأنهار في الشلالات موجودة في منابع المياه موجودة كذلك
عندما تتفجر منها الأنهار ليس كل الحجارة أيضا نحن نقسم ونقول نعم طيب هذه كالحجارة طيب الناس الذين قلوبهم كالحجارة يمكن أن يأذن ربنا بأن تتفجر منها الأنهار الله يفعل ما يشاء يمكن نعم فحينئذ يستطيع هذا الذي قلبه كالحجارة وبإذن الله وعندما يمن الله عليه ويهديه فإنه تتفجر منه منابع الخير، فهذا يؤدي بنا إلى ماذا؟ إلى أننا لا نحتقر أحدا من الناس ولا نحتقر عاصيا وإنما نكره فعله، نقول نحن لا نحب القتل، لا نحب السرقة، لا نحب الكذب
وشهادة الزور، لا نحب الحقد والحسد طيب أنت تكره الحاقد والحاسد والقاتل قال فكيف إذن سأدعوه إن أنا إذا كرهته لا أعرف كيف أدعوه لا أعرف كيف أرشده إلى الخير فأنا أكره الفعل القبيح لكن لا أكره الإنسان حتى ولو فعل هذا الفعل أنكر عليه صحيح وأنكر فعله ويمكن أن أعاقبه كذلك وعقابا شديدا مثل في الشريعة الإسلامية وعقاب القاتل وعقاب كذا، ولكن لا أكرهه ولا أكرهه أبدا. حسنا إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، فلو هداه الله فهذه هي الهداية التي جاءت بسببك أي من كلمة قلتها أو شيء آخر. انظر ربنا يفجر من
هذه الحجارة، الله هذه أحجار. صحيح نعم يتفجر من هذه الحجارة يتفجر منها الأنهار ويجعل منها الينابيع فكانت الآية تشير إلى أننا لا نحتقر أحدا ولا نحقر أحدا من البشر ولكن نحقر أفعالهم وقسوة قلوبهم ولكن نتمنى لهم الخير ونتمنى لهم السعادة ونقول إن هذا الحجر يمكن أن تتفجر منه الأنهار فنفتح له مع هذا كله باب الرحمة وباب الخير وعدم اليأس من رحمة الله وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته