سورة البقرة | حـ 92 | آية 75 : 77 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله في سورة البقرة حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يخاطب المؤمنين ويعلمهم أن يتبرؤوا من حولهم ومن قوتهم وأن يجعلوا قلوبهم معلقة بالله رب العالمين فلا حول ولا قوة إلا بالله وأن يقوموا بواجبهم من الدعوة ومن التبليغ عن الله سبحانه وتعالى ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن السعي في الأرض ومن حمل هذا الدين لمن بعدنا من أبنائنا وأمة الدعوة جميعا وهم كل العالم كل العالمين حتى من الجن والإنس يقول ربنا أفتطمعون أن
يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله أي من الأنبياء لأن أنبياء بني إسرائيل كانوا كثيرين جدا أي كاد لا يخلو عصر ولا يخلو زمان من نبي فتسلموا الوعد ورأوا الآيات والمعجزات وسمعوا كلام الله سبحانه وتعالى بأساليب شتى وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله كلام الله عندما يسمع مع كل هذه الآيات يتشوق الإنسان للحفاظ عليها ويخاف من تحريفها ومن نقصانها، لكن هؤلاء سمعوا ووعوا.
لو كانوا سمعوه واضطربوا لجاء الله بالفاء أو الواو. كلام الله ويحرفونه، لم يقل أبدا ويحرفونه فيحرفونه، لم يقل فيحرفونه، قال ثم. وثم ما معناها؟ معناه أنهم سمعوه وعرفوه ووعوه وضبطوه. وفهموا وأخذوا مدة بعدها ما هي ثم هذه يقول لك للترتيب مع التراخي في الزمن يعني في مدة مضت وبعد ذلك خطر في بالهم أن يغيروه أن يلعبوا فيه ثم يحرفونه فربنا كريم ويريد أن يعلمنا مراده من كلامه
في كل كتابه وهو يعلمنا القرآن يعلمنا كيف نفهم القرآن حتى نفهم عنه سبحانه وتعالى بعد ذلك قوم لم يكتفوا بثم لئلا تفلت من واحد منا لا يأخذ باله منها أو تفلت من واحد لا يعرف أن ثم هذه للترتيب مع التراخي فما اكتفوا بثم فقط بل سيكتفون بعد ذلك وانتبه ثم تبقى في زمن وافهم فتخيل هكذا وافهم ثم يحرفون من بعد ما عقلوه يعني إذا فسر بكلمة من بعد ما عقلوه كلمة ثم طيب ولماذا يكرر لي ما عقلوه تأكيدا وتنبيها واللافت للنظر
تعال انتبه ثم هذه تجعلك تحسب حسابك وأنت تقرأ كلامي أن فيها زمن ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون تأكيد من فوق تأكيد من فوق تأكيد فكم تأكيدا في هذه الآية؟ ثلاثة، ثم تعطيني زمنا من بعد تعطيني زمنا عقلوه وهم يعلمون تعطيني زمنا، إذن هناك ثلاث إشارات أو تصريحات هي في الحقيقة لأن هذا عن عمد وقصد لا عن خطأ وقصور وتقصير أبدأ عن عمد وقصد
كلام الله سبحانه وتعالى الذي صدر منه هو المكافئ لهذا الكون الذي صدر منه، ولكن كلام الله قد صدر منه أمرا والكون قد صدر منه خلقا، ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين، الذي يلعب في كلام الله ويحرفه من بعد ما عقله وعلمه يبقى هو نفس العقلية والنفسية والشخصية التي تلعب في الكون من بعد أيضا معرفته وعلمه وعقله عقل واحد والتي تلعب في الكون هذا اللعب المؤدي
إلى فساده ما هو إلا تحريف يؤدي إلى فساد كلام الله فيكون اللعب في الكون يؤدي إلى فساد هذا الكون الذي خلقه الله وهي عقلية واحدة التي تحافظ على كلام الله كما هو وتتحرى كل حرف فيه بل كل شكله بل كل طريقة نطق هي العقلية التي تحافظ على كون الله وتراعيه ولا يمكن أبدا أن تمسه بسوء ولا تمسه بفساد، العقلية التي تستهين بكلام الله كيفما اتفق هي العقلية التي تستهين بالكون كيفما اتفق. والعقلية التي تدبر تحريف كلام الله هي العقلية التي تدبر
الإفساد في الكون، والعقلية التي تحافظ على كلام الله هي العقلية التي تحافظ على الكون وهكذا. قل كل من عند الله هذه تصدق هنا لأن الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان وفي المقابل خلق الإنسان علمه البيان اقرأ باسم ربك الذي خلق، ثم في القبلة اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم بالقلم يعني الوحي. إذن هذه العقلية التي معنا تفسد الأديان وتفسد الأكوان، تفسد الأديان بتحريفها وتفسد الأكوان بسعيها
الباطل في إفسادها. قال تعالى وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، فإذن ما زلنا نحرف. أو العقلية التي تحرف كلام الله إنها تجذب الكون، هل أنت فعلا آمنت بما أؤمن به أنا؟ قال لا. حسنا ما أنت إذن أصبحت كاذبا، والكذب فساد في الكون. قال والله، أأتيت على هذا؟ إذا كنت أنا أحرف كلام الله، فلن أحرف قلبي، لن أحرف كوني، أنا كائن ها هنا. والذي حدث أنني لم أقتنع بعد بكلامك وسأقول كلاما أقول إنني اقتنعت بكلام كذب شهادة زور نفاق كل هذا
لعب في الكون والله حرم الكذب لماذا قال لأنه غير واقع يعني ماذا غير واقع قال لم يخلقه الله هذا الكون خلقه الله وأنت تقول عن شيء لم يخلقها الله فالكذب حرام ومن تحتها بقيت الغيبة والنميمة قال حسنا وما شأن الغيبة والنميمة قال ما الغيبة والنميمة إلا كذب أو فيها احتمال كذب قال له لماذا أنا أذكر شخصا بالباطل قال له ربما هذا الشخص تاب ربما وأنت تقول إنه تاب فالغيبة والنميمة تندرج تحت الكذب وأنت تقول فلان هذا شر كان هو خير، شهادة الزور لعب في الواقع في الكون ولذلك هي حرام وهكذا، وإذا
لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون، يعني أنتم لا تنتبهون أنكم تذهبون فتقولون لهم أشياء وهذه الأشياء ستحتجون بها عند ربكم أفلا تعقلون فيقول سبحانه وتعالى أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون وكل ما أخفوه في قلوبهم وكل ما أسروا بينهم وبين بعضهم البعض هو مكشوف عند الله ما هم بعارفين هذه المعلومة هم يعرفونها
لكنهم إذا كانوا قد حرفوا كلام الله يحرفون الكلم عن مواضعه ومنهم أميون، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله