سورة النساء | حـ 555 | 1 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، وهذه هي أول سورة النساء افتتح الله بها تلك السورة وهي من الآيات الشعائر في دين الإسلام التي جعلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في
خطبة الحاجة التي كان يصدر بها خطبه ومجالسه، وكان عندما يريد أن يزوج اثنين يذكرها حتى سميت بخطبة النكاح، يرويها عنه عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وكان عبد الله بن مسعود يقول: كان يعلمنا خطبة الحاجة كما يعلمنا القرآن، أي أنه كان يعيدها عليهم حتى يحفظوها، وهذه آية من الآيات الثلاث التي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصدق بها خطبة وما يريد أن يبدأ به في حاجة ملحة وأمر مهم وهذا هو الذي يجعلنا نقول إنها
من الآيات الشعار هناك آيات في الإسلام عليها مدار العمل قل هو الله أحد تلك السورة بآياتها الأربع سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإخلاص وجعلها تعدل ثلث القرآن آية الكرسي فإنها أعظم آية كما ورد في القرآن، وهذه الآية وغيرها كثير من الآيات الشعائرية "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" من الآيات الشعائرية تجدها وكأنها تلخص الإسلام، حتى قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه لو أن الله سبحانه وتعالى اكتفى بسورة العصر لكفت "والعصر إن الإنسان لقد خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق
وتواصوا بالصبر، هذا شعار الإسلام، هذا يلخص كل شيء في الدين ويرسم للإنسان طريق حياته بتفصيل طويل، لكنه شعار للإسلام. فماذا تقول الآية الشعار؟ تقول يا أيها الناس، ونستفيد من ذلك عالمية الإسلام وأن أمة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم كل من على الأرض الآن وبعد الآن إلى يوم القيامة يا أيها الناس المؤمن وغير المؤمن فهذا توجيه رباني وهداية إلهية لكل البشر وهذا يدل على فكرة أمة الدعوة وأمة الإجابة التي يتحدث عنها الإمام الرازي ومن
بعده علماء التوحيد في كتبهم وذكرها البيجوري في شرحه للجوهرة، أمة الإجابة من آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم مليار وثلاثمائة ألف وواحد الآن وأمة الدعوة الستة مليارات الستة مليارات من أمتك من أمة النبي ولكن أمة الدعوة ولذلك فهذا معناه أن المسلم إذا دخل إلى العالمين اعتقد أن جميعهم من أمته إنما منهم من آمن بالنبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم فكان من أمته الإجابة ومن الله عليه بذلك ومنهم من لم يكن فإذا لم يكن فبلغوا عني ولو آية حتى يصل إليه أمر الدين ببيان هذا بيان للناس وحتى يصل إليه أمر هذا
الدين بصورة لافتة للنظر تلفته إلينا لا عنا لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وهكذا يا أيها الناس تجلسون تتأملون هكذا في يا أيها الناس وتعرفون أن ما الذي سيأتي بعد ذلك إنما هو خطاب للبشر في ذواتهم وأنه تأصيل للعلاقة بين الناس سواء من الله عليهم بالإيمان فهداهم أم لا، اتقوا ربكم، سبيل سعادة البشر تقوى الله، وهذا هو الذي قرره في سورة البقرة أن هذا الكتاب هدى للمتقين، ذلك
الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، فإذا أردتم أن تستهدوا بهذا الكتاب فلا بد أن تدخلوا معه مؤدبين طالبين للهداية، والناس إذا تلاعبوا مع هذا الكتاب وجعلوه موضع اختبار وجعلته موضع أخذ ورد، فإنه يغلق عليهم أبوابه، وإذا أرادوا الهداية منه فإنهم يذهبون إليه في سكينة يطلبون منه الهداية، فإن الله يفتح لهم أبواب الهداية منه. قال تعالى في شأن أولئك الذين يختبرونه وهو عليهم عمى، إذا هو لا يزيد الظالمين إلا خسارة. سبحان الله هو هدى لكنه عندما جاء مع أولئك المتلاعبين أغلق نفسه وهذا
من آياته وإعجازه إلى يوم الدين سبحان الله ولذلك هم يتعجبون ويستغربون قائلين: الله أنتم مؤمنون به كثيرا هكذا لماذا؟ إنه يفتح لنا أبوابه التي أغلقها في وجوهكم لأنكم أنتم تريدون التلاعب ولا تريدون الهداية، فيصبح النص الواحد هدى لقوم وخسارة على قم فتعيين حسب النية إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم يبقى هنا أثبت الخالقية لله ومعنى الخلق أنه مخالف لنا فالرب رب والعبد عبد وهناك فرق بين المخلوق والخالق وهذا معناه أنه على صفة أخرى جل شأن الله فما تلك
الصفة وضحها في كتابه فيما أسماه بالأسماء الحسنى فعرفنا من نعبد وصدر ذلك كله فقال بسم الله الرحمن الرحيم وليس الرحمن المنتقم، الرحمن الرحيم وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته