سورة النساء | حـ 596 | 15-16 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء، والله سبحانه وتعالى يعلمنا أسس العلاقات الاجتماعية بين البشر أساسا وبين المسلمين بعضهم مع بعض أيضا، وبينهم وبين الآخرين من أمة الدعوة ثالثا. ربنا سبحانه وتعالى يشرح لنا ما تستقيم به نفس الإنسان ولعل هناك رأيا آخر غير الذي ارتضاه رب العالمين يراه مفكر أو تراه جماعة أو
يتفق عليه مجتمع ولكن المفاسد التي رأيناها بأعيننا عبر التاريخ تؤكد هذه العبارة البليغة التي يصف الله بها نفسه فيقول ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وهذا هو الإيمان المسلم أنه يثق في الله وفي تكليفه ووحيه وفي نقل هذا الوحي إليه وإن اختلفت الآراء وتعددت المذاهب ورأى بعضهم أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد وضع القرآن من عنده ونحن لا نرى هذا ونرى أن هذا القرآن منزل من عند رب العالمين على قلب نبيه الكريم
ليبلغه إلى العالمين إلى يوم الدين ويرى بعضهم أنه قد أرسل إلى العرب خاصة أو أن القرآن قد ناله شيء من التغيير ونحن نؤمن أن القرآن هو للعالمين وأنه وصل إلينا غضا طريا إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ولذلك فإننا نشرح ما عليه العقل المسلم الذي يفهم كتاب ربه ويؤمن بغض النظر عن أن هناك من يختلف معنا من أولئك البشر، لكم دينكم ولي دين، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، لكن المسلمين
كانوا ولا يزالون أهل علم، ولذلك لم يتبعوا أهواءهم وتبرؤوا منها واتبعوا المناهج العلمية الرصينة التي تركوها لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلمهم فيقول ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا من هذا لا تتحدث بما لا تعرف لا تتقول على أمور معقدة بكلام بسيط ولا على أمور مركبة لها امتداد في التاريخ بكلام يخدم جانبا دون جانب قد يراعي جانب الشهوة في الإنسان لكنه لا يراعي العلاقات التي بين البشر
ولا بين الذكر والأنثى ولا بين القوي والضعيف قد يحقق مصلحة طبية لكنه لا يحقق أبدا مصلحة اجتماعية لأنه وإن حقق مصلحة طبية وأزال الألم فإنه مكن الأغنياء من الفقراء أو الحكام من المحكومين أو الأقوياء من الضعفاء أو سلط بعض البشر على بعض، والله يأبى إلا العدل والعدل أساس الملك. تقدمة كان لا بد منها وأنا أقرأ قوله تعالى: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم، فإن شهدوا فأمسكوهن في
البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا. واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما وهنا يختلف العلماء فيرى
بعضهم أن هذه الآيات نزلت في من ارتكب معصية الزنا والعياذ بالله تعال وإنه ما دام قد ارتكب معصية الزنا فإن ذلك يحتاج منا إلى شهادة وإننا لا نأخذ بكلام الناس في مصيبة خطيرة كمعصية الزنا وكأن الله سبحانه وتعالى حدد أربعة من الشهداء لأن الحكمة في أن هذه المعصية عادة تتم في الخفاء وفي الستر وأن الستر هو أساس الشريعة إنما
إذا تجاهرا بها الاثنان وأعلنا عصيانهما أمام الخلق فإننا نحتاج إلى أربعة من الشهود أربعة لماذا كانا يفعلان أين هؤلاء في الشارع يبقى إذن يلفت الله نظرنا عندما يحدد هذا العدد الكبير أن هذا الأمر في منتهى الخطورة وأن الستر هو الأساس وأن العفو هيا بنا نفعله وأن هذه الجريمة إذا ارتكبها أحدهم وشهد أربعة فإنها خرجت من كونها زنا إلى كونها دعوة للفحش والفجور
العام، وهنا إذا ما شهد الأربعة فإننا نقيم عليهم حكم الله، ولكن علماء آخرين قالوا لا ليس معنى الآيات هكذا، فإلى لقاء آخر نستودعكم الله ونرى ماذا قال الآخرون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.