سورة النساء | حـ 602 | 18 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 602 | 18 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى بعد أن قرر فتح باب التوبة للتائبين وشرط شروطها وبين أنها واجبة على الله عندما تكون قد صدرت عن جهالة، عن فقدان للإرادة وأن تكون التوبة من قريب وفيها مبادرة ومسارعة وفرار إلى الله سبحانه وتعالى يقول بعدها وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن فلا
يبقى أنه قد تاب من قريب وليس أنه قد فعل المعصية عن جهالة ونقص في الإرادة وتغلب في الشهوة بل هناك استهتار واستمرار في المعصية استهان بعقوبتها أو عدم تصديق بأنها معصية مع أنه عنيد غير راض أن يرجع غير راض أن يتأثر لا تنفع فيه موعظة كلما وجد موعظة سخر منها أو ضحك إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وليست التوبة للذين يعملون
السيئات حضر أحدهم الموت فقال إنني تبت الآن يعني هو يتناصح على الله ولما اقترب الموت واستلقى في الفراش قال يا الله أنا أريد أيضا أن أحسبها صحيحة هذه ما هي بصفقة تجارية قال أنا أريد أن أحسبها صحيحة قال الحمد لله أخذت من الدنيا أكثر من الذي أريده وأنا أيضا لربنا وادخل الجنة يا رب أنا تبت هكذا وهو على فراش الموت باستهانة ويتعامل وهو لا يعرف كيف يتعامل مع ربنا إذ أن هناك أناسا كلامهم يبدو
عليه أنه يعرف ربنا ويعرف كيف يتعامل معه وكيف يخاطبه وهناك أناس آخرون لا يعرفون ربنا ولا يعرفون كيف يتكلمون مع ربنا حتى لا يعرفون كيف يدخلونه فالله هنا يشرح أمر الطائفتين طائفة عملت الصواب وكل شيء وطائفة أخرى عملت السوء أيضا مثلهم لكن طائفة أحسنت التعامل مع الله فغفر الله لها وطائفة لم تحسن النيات مع الله فلم يغفر الله لها حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن والله رب وتعلم وهذا ما يعنيه، إن
الله لن يتوب على هذا الصنف أبدا. قال لا، هذا حسب النية، أمره إلى الله، لكن الله لم يكتب على نفسه التوبة، يعني لا أحد سيعرف يوم القيامة أن يقيم الحجة على الله، ولله الحجة البالغة، لا أحد له حجة مع الله، سيقول له أنت قلت إنك أنت ستتوب علي ما دمت قبل الغرغرة يقول له لكن ليس على سبيل الوجوب نعم ممكن وممكن لا فيبقى أمره إلى الله إنما ليس هناك كتابة بعد إنما الكتابة نعم هذا في الصنف الأول إنما التوبة على الله نعم هذا كتب على نفسه بعد نعم والصنف الأول هذا لن يتحاسب مع ربنا سيقول له استرها معي يا رب هكذا بخضوع وخفوت، أما الصنف الآخر فيقول له يا رب أنا لا أريد
رحمتك أنا أريد عدلك، ما كتبوها بالتفاخر هكذا والغرور يريد عدله هكذا، طيب تعال أنت عملت ماذا في دنياك أعطيت للفقراء قال له أنا أعطيتك عيناك كافيتان هاتان في هذا آه وماذا أيضا لم تفعل شيئا آخر ادخل النار إذن من المصائب التي كنت تفعلها حسنا ألن تنجح الحكاية هكذا أليس نحن الخاسرين هذا نحن نقول له يا رب استر يا رب نحن عبيدك دخلنا برحمتك نحن مخطئون يقوم الآخر يقول لك الله ما العلاقة هذه التي بينك وبين ربك هذه علاقة ليست صحيحة، حسنا، مهما يكن، موعدنا يوم القيامة لنرى أصحيحة هي أم غير صحيحة، أما الذين يموتون وهم كفار فلا فائدة،
لا يريد أن يتوب أيضا، أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما، إذن هنا ندعو الناس المؤمنين أن يبادروا إلى التوبة وإلى الرجوع إلى الله وإلى الالتزام بطريق الله سبحانه وتعالى لأنهم لو فعلوا ذلك فإن الله كتب على نفسه الرحمة وكتب على نفسه الغفران وإن لم يفعلوا فما أضروا إلا أنفسهم ولذلك يقول أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما عذابا أليما قال لك حسنا لماذا لم يقل لماذا عذابا وسكت قال إن الله لا
يعرفه أحد معرفة حقيقية، فالله رحيم رحمة عجيبة الشكل. فيأتي إليك أحدهم ويقول لك: ما معنى أنه رحيم؟ هل هذه الرحمة خاصة بالمسلمين فقط أم بجميع الخلق؟ نقول له: لا، بل بجميع الخلق، فهو يقول "بسم الله الرحمن الرحيم"، رحمن الدنيا ورحيم الآخرة. رحمن الدنيا يعني يرحم المسلم وغير المسلم والمؤمن والكافر والملحد وجميعهم يرحمهم، حتى العذاب من العذوبة، العذاب مشتق من عذوبة الماء، العذب الماء الطيب الحلو، فهل هو عذاب أم عذوبة؟ قال لك فلا بد أن يقول عذابا أليما كي يخيف، لأنه لو قال
عذابا فقط لحملوها على أنها من لرحمة الله لشدة رحمة الله التي تتخلل كل شيء حتى الذي يعذبه، لو فهم الناس هكذا لآمنوا بالله ودخلوا في دين الله أفواجا، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.