سورة النساء | حـ 633 | 22 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى في التعامل بين الرجل أثناء قيادته للأسرة وبين المرأة خاصة تلك التي يخاف الرجل نشوزها فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا واضربوهن هذه الأوامر فعظوهن واهجروهن في المضاجع يسميها العلماء بالإرشاد وفهم
بعضهم منها الوجوب بعض المحدثين ليس العلماء طوال عمرهم فاهمون منها الإرشاد والإرشاد معناه أن هذا أحسن أن تعظ وهذا أحسن أن تهجر وهذا أحسن أن تضرب أو تؤدب والضرب بمعنى التأديب ينقسم إلى جهتين، الجهة الأولى في كنهه وحقيقته، ما معنى الضرب ومتى يكون الضرب مؤذيا ومتى يكون الضرب تأديبا. ضرب التأديب لإظهار
الغضب، اشترط فيه العلماء ألا يضرب الوجه وألا يحدث أثرا في الجسد، وقالوا يكون بنحو سواك. السواك يعني مثل قلم رصاص هكذا، يفعل لك هكذا، ما هذا؟ أي أنه غاضب جدا فيكون الضرب هنا معناه أنه سيجلدها بالسوط لا معناه أنه سيضربها بالعصا على رأسها حتى تغمى عليها لا معناه أنه سيطعنها بشيء كذلك والدم ينزل لا معناها أنه يصفعها على وجهها لا هذا معناها أنه سيمسك السواك الخاص به أي فرشة الأسنان ويفعل لها على يديها
هكذا عندما تقوم هي ترى في عينيه الغضب وترى أنها أغضبته فتحزن لأنها تحبه يبقى هذا كنه الضرب شرط فيه العلماء حتى يكون للتأديب أن يتقي الوجه وألا يحدث أثرا في الجسد وأن يكون بنحو سواك هذا الضرب الشرعي الغرض منه التأديب والوسيلة به يعني كأنها مداعبة لكنها لإظهار الرد قضية الثانية في الضرب هذا إرشاد وإباحة يتفق
مع ثقافة المجتمعات في الزمان والمكان، لكن المسلم الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة له ماذا يفعل؟ مباح حتى تكون مسلما محمديا تماما، قال لسيدنا رسول الله، طيب سيدنا رسول الله ماذا فعل مع نسائه التسع؟ تسعة يعني إذا واحدة فوتت شيئا كذلك فإن الأخرى لا تفوته، لو واحدة لم تغضبه فإن الأخرى تغضبه، لم
يضرب واحدة منهن قط لا بسواك ولا بفرشاة أسنان ولا بيده كذلك كما نلمسه ولا أي شيء، ما هذه الحلاوة؟ إذن الذي يضرب هذا يعني هو هذا الدين؟ لا هذا عكس يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يضرب خياركم، انظر كيف يقول هكذا ولا يضرب خياركم، فيكون الإنسان الذي يضرب زوجته هذا قليل الأدب، قال ما الأدب لأنه ينفذ كلام الله؟ لا، قال ما الأدب لأنه لم يتبع رسول الله عليه الصلاة والسلام، أباح الله
لك شيئا وعلمك عن طريق نبيه وقدوته وقدوتك الحسنة فإذا بك لم تتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يضرب خياركم ولما قابل أنس وأرسله في مهمة تأخر قليلا تأخر قال له أرهقتني ولولا أني أخاف الله لأوجعتك بهذا السواك كان واضعا سواكا على أذنه الشريفة وقال له والله يا أبتاه أعلم لولا خوفي من الله لضربتك بهذا السواك، هل ضربوه؟ لا، بل قال له لو كان عليه الصلاة والسلام هكذا النبي، إذن قضية الضرب هذه قضية وقائية قضية فلسفية
قضية مرتبطة بنظام عام، إخراجها من سياقها وجعلها تعكر صفو العلاقة بين الرجل والمرأة ليس بسديد وظلم للقرآن وللسنة ولحال المسلمين فقد أصبح الذين ساعدوا في هذا الظلم من المسلمين يضربون النساء ويجلدونهن ويفعلون أشياء سيئة كثيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن هذا وقال: لا يضرب أحدكم زوجته كالأمة ثم يبيت معها في آخر النهار، ما هذا الذل؟ ولذلك ذهب بعضهم إلى أن الرجل إذا ضرب
زوجته من غير فلها أن تستعين بأهلها فيؤدبوه فمن الذي سيضرب إذن في هذا الوقت هو الرجل تأتي بأخيها وأبيها فيمسكونه ويضربونه ضربا هكذا عابرا انظروا كيف تضحكون نعم وهذا الضحك يعني أن هناك شيئا مستقرا لديكم مخالفا لهذا الظلم بعضهم قال هكذا ولكنهم اتفقوا انظروا هؤلاء بعضهم قال حسنا ماذا تفعل المرأة إذا ظلمت؟ اتفقوا على أن الرجل إذا ضرب زوجته خارج نطاق التأديب، فهذا ليس تأديبا، بل أن يضربها على وجهها حتى يسيل دمها، فتشتكي إلى القاضي، وهذه جناية، تشتكي إلى القاضي
والقاضي يعاقبه لكي لا يضربها. ولكن ألا يقول الله تعالى "واضربوهن"؟ لا، هذا ضرب تأديب، لا ضربة انتقام، نعم يبقى إذن هذا لها حق باق في عنقه إلى يوم الدين، وهنا نفهم الدين على وجهه الصحيح، لكن لا بد أن نفهم أننا كنا حجابا بين الخلق والله بأفعالنا الرديئة وفهمنا الذي غلبتنا فيه شهواتنا ولم نحترم فيه نساءنا، نساؤنا والله تعالى أعلى وأعلم، وإلى لقاء آخر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته