سورة النساء | حـ 634 | 35 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 634 | 35 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
التي تختلف باختلاف هذه الجهات الأربع وتحدثنا عن حقيقة الضرب وأنه لإظهار الغضب وليس للانتقام وأن بعض الثقافات كانت المرأة فيها ترى من كمال الرجولة ذلك وأن الله سبحانه وتعالى قد علمنا أن هذا جائز، فجاء بعض المعاصرين المحدثون وظنوا أن هذا هو الضرب الذي هو انتقام وعقاب والذي هو اعتداء على الإنسان وخروج على حقوقه والأمر ليس كذلك والله أعلم بما هنالك فلقد نص الفقهاء على
أن الضرب الذي يتحدثون عنه خارج عن نطاق إظهار الغضب وإظهار المعارضة كما تقتضيه الأحوال النبوية الشريفة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤدب أحدا قط وهدد أنسا وهدده بالسواك ولم يضرب امرأة ولا خادمة وهذا حاله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول ولا يضرب خياركم إلى آخر ما هنالك من سنة وضحت مراد الله سبحانه وتعالى ووضحت كيفيته، يقول الفقهاء إن من خرج عن هذا فإنه يكون قد اعتدى على إنسان، هذا الإنسان هو زوجته، فإذا ضرب ذلك الضرب الذي يعد
جريمة فإن للمرأة أن تشكو أمرها إلى القاضي فيعامله معاملة المعتدي وكذلك لها أن تشكو إلى أهلها في مجتمعات قد يتعذر فيها الرفع إلى القضاء ولأهلها أن يؤدبوه كل هذا الكلام غشي عليه بثقافة سائدة حولت المرأة عندنا إلى سلعة تباع وتشترى كشأن الجاهلية الأولى فشوهنا نظام الإسلام أمام العالمين فكنا حجابا بين الخالق وخلقه سبحانه وتعالى وكنا قدوة سيئة فأنزلنا الله من مقام الشهادة على الناس أجمعين إلى ما نحن فيه من أزمات ومشاكل في
الداخل والخارج من بني جلدتنا ومن أعدائنا ومن أصدقائنا حتى اختل الميزان بأيدينا فنبدأ فنقول حسبنا الله ونعم الوكيل الخاص بطفل فوق معي لأجل هكذا ستضلل الله، نحن سننزل أعداء لبعضنا البعض أم ينزل الله العظيم أعمالنا، ولنا أن نقول حسبنا الله
ونعم الوكيل، سيغنينا الله من فضله ورسوله، ولنا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون باعتبار أن هذه مصيبة قد أصابتنا، بها نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى فنطلب الصبر إذا ما نزلت ولكن هذا لا يكفي، بل لا بد لنا من أن نصحح المفاهيم وأن نعيش عصرنا وأن نبلغ ديننا كما أراده نبينا صلى الله عليه وسلم وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وكان أسوة حسنة لنا صلى الله عليه وسلم وكان شهيدا علينا ولم يضرب لم يؤذ أحدا قط وكان صلى الله عليه وسلم
كالحبيب فلماذا تحولت المسائل إلى نوع من الذكورة والأنوثة يسيطر فيها قوي الجسد على ضعيفه دون مراعاة الأخلاق النبوية المصطفوية صلى الله عليه وسلم ولذلك يقول ربنا سبحانه وتعالى فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا يعني جعل الزائد على هذا الحد بغياً وخروجاً عن الحد وطغيانا ثم يذكر ذلك الرجل الذي اؤتمن بأمانة الله، وفي نص العقد نقول على كتاب الله وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم استحل هذا واستوجب هذه القوامة بكلمة
الله وبكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالله يذكره بصفاته جل في علاه فيقول إن كان الله عليا كبيرا أي أنه أعلى منك، ومن كان عاليا عنك يراك من علو، فالله سبحانه وتعالى مطلع عليك اطلاعا كاملا، ومن هو أعلى منك فهو أقوى منك، ومن كان في العلو كان متمكنا منك، أي حتى الآن في الجيوش عندما يصعد سلاح الطيران يصبح متمكنا ممن في الأرض إن من في الأرض يعني لا يتمكن منه التمكن التام فالله
سبحانه وتعالى علي عليك وهذا يذكرك بصفة من الصفات تراجع فيها نفسك ومن دعته قدرته على ظلم الناس فليتذكر قدرة الله عليه لأن الله سبحانه وتعالى علي ثم يقول كبيرا بمعنى أنه محيط بك لا تستطيع أن تخرج من تحت سماءه ولا أن تتفلت من فوق أرضه، ولذلك فأين ستذهب؟ لا حول ولا قوة بك، إنما الحول والقوة بالله. فإذا ظلمت زوجتك واعتديت عليها وبغيت وخرجت عن حد الأدب إلى حد البغي، فإنك تحت
سلطان الله سبحانه وتعالى يذكرك بقوته ويذكرك بفعله فيك، فاتق الله سبحانه وتعالى في نفسك. وراجعها قبل أن تطغى، عندما يكون الأمر كذلك يعني والجروح قصاص، الجرح قصاص يعني ماذا؟ يعني أريد أن أصنع لك الجرح مثل الذي صنعته له، فكيف أصنعه؟ هذا غير ممكن، لا أستطيع أن أصنعه بالضبط، فماذا أفعل؟ ماذا أفعل؟ لقد قال اعفوا، ما دمت لست قادرا على أن تفعل بالضبط يجب أن تعفوا ولذلك النبي لم يضرب أبدا وقال ولا يضرب خياركم، فما هذا؟ إنه تشريع للعالمين إلى يوم الدين وليس منهجا يتخذ، ولكن أكثر
الناس لا يعلمون. وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.