سورة النساء | حـ 637 | 35 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء، والله سبحانه وتعالى يرشدنا إلى مجتمع قوي يدخل إلى داخل الأسرة ليقوم حالها ويساعدها. تأتي فكرة يفتحها لنا الله سبحانه وتعالى، وعندما نبحث عنها في دين الله نجدها شائعة ذائعة معتبرة معتمدة من المنهج الرباني وهي فكرة المعونة، أي أن
الإنسان في حياته لا يستطيع أن يعيش وحده من غير معونة. هذا ما فضل بعضهم التفكير فيه والتأمل، وبعد ذلك قال إن الإنسان حيوان اجتماعي، حيوان يعني كائن حي واجتماعي يعني لا يعيش إلا بالناس وفي الناس وللناس، إنك تحتاج إلى معونة وحينئذ فلا بد أن تكون مهيئا نفسيا وتربويا لبذل المعونة للغير وأن تكون مهيئا نفسيا وتربويا لقبول المعونة من الغير، لذا
لا بد أن نبحث معا فيما يسمى بقابلية العطاء وقابلية الأخذ، يجب أن تكون قابلا للنصيحة، الدين النصيحة، لمن يا رسول الله؟ لله ولرسوله ولعامة وعامة الناس، الله ينصحهم نصيحة يؤلف فيها العلماء الفرق بين النصيحة والتعيير، وبعضهم يقول الفرق بين النصيحة والفضيحة لكي تكون موزونة، ويقول لك إن النصيحة لها شروط، فيكون يعلمك الأداء، فهل أنت نصحتني النصيحة بطريقة ملائمة في وقت مناسب في
جو مناسب وبيئة مناسبة، ليست فضيحة وليست تعييرا وليست إماتة الله مخلص، طيب والقابلية الخاصة بي ما أنني يمكن أن أرفض النصيحة، نعم إذن يجب على الإنسان أن يتربى على إعطاء النصيحة وكيف يكون، وعلى تلقي النصيحة وكيف يستفيد منها. بعض الإخوة الذين لديهم فجوة بين التربية والتطبيق تتحول الأمور عندهم إلى ظاهرة صوتية. انظر هناك فرق بين أن أربي قابلا للعطاء وقابلا للأخذ وبدلا من أن نقوم بتمثيلية سخيفة حول هذا تجد واحدا يمسكني من يدي ويأخذني بجانب المنبر ويقول يا أخي أنصحك ويهز لي هكذا
وبصوت خفيض لأنها ليست فضيحة يعني أنصحك أن تعمل كذا وكذا يا أخي لأنه كذا وكذا فيقوم الآخر فيقول له ماذا أيضا إكمالا للتمثيلية بارك الله فيك يا أخي بارك الله فيك هذا تضييع لدين الله وهذا نصح صحيح نصيحة ظاهرية غير مبنية على أساس ليست لديه الملكة للأداء وإنما بصورة يمكن أن نسميها كذلك بلغة العصر صورة كاريكاتيرية والآخر تمادى معه لأنه سمع أنك يجب أن تسمع النصيحة ويجب أن تقبلها قلبه لا يقبلها ولا يفهمها ولا هو يريدها وقال له أنا أنصحك في الله كانوا يهددونه بأن
إياك ألا تقبلها لئلا تدخل النار والآخر يقول له بارك الله فيك يا أخي بارك الله فيك وليس هذا نصحا وليس هذا قبولا للنصيحة فهذه نسميها الظاهرة الصوتية شكلا أما القضية لا القضية فعليك أن تجلس وتفكر بأنك تريد أن تبني منهجا تقول هكذا، طيب كيف أنشئ في الإنسان قابلية العطاء، ادرس إذن وجرب وقل أين البرنامج الذي تستطيع أن تربي فيه ابنك وتكون منتبها إلى أنك تربيه على قابلية العطاء، وأين البرنامج الذي لا بد عليك أن تجعله أيضا قابلا للأخذ
والتلقي، تحدث عنها علماء الحكمة العالية وتحدث عنها علماء الكلام، لكنها لما انفصلت عن سياقاتها أصبحت تعني مجرد أيضا ظاهرة صوتية كما لمسنا هكذا. الأمر ليس كذلك، أين إذن هذه القابليات وكيف نعملها؟ يجب أن نعمل، يجب أن نفكر. إنما القرآن ماذا يفعل؟ يهدينا ويقول لنا "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا" الإرسال ابعثوا يعني أرسلوا والإرسال هنا معناه الانتقال فابعثوا يعني أن هؤلاء الناس يجب أن يكونوا
من الخارج وليس من الداخل فابعثوه هذه فيها نوع من أنواع الانتقال يعني أنه سينتقل وهذا سببه أن ذلك أجدر لعدم التحيز تماما الذي داخل المشكلة يكون متحيزا لأحد الطرفين لثقافته لمفاهيمه تماما خارج المشكلة يجب أن يكون أبعد عن التحيز، الذي داخل المشكلة تماما يكون مع تحيزه، أي عاطفي، لكن الذي خارجها يكون عقلانيا، الذي داخل المشكلة تماما يكون طرفا فيها، لكن الذي خارجها
محايد، ولنجلس إذن ونتخيل عندما يكون الحكم من داخل المشكلة وعندما يكون الحكم من خارجها، نحن قلنا ثلاثة أشياء فحسب، ولكن لا، فإنك ستجدها عشرين شيئا بالبحث والعلم والآخر وتوليد المعلومات وتطبيقها ومحاولة الجمع والتراكم المعرفي. هذا الكتاب من عند الله وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.