سورة النساء | حـ 649 | 43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 649 | 43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا" يخاطب المؤمنين، يستثير فيهم إيمانهم "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون" فالله سبحانه وتعالى أمرنا بحفظ العقل وابتداء حفظ العقل يفيد في العبادة، فبدأ بها. أرادنا إذا
ما ذهبنا إلى الصلاة أن نذهب ومعنا كمال عقلنا، والذي يذهب وليس معه كمال العقل لا تقبل صلاته. فأمرنا أن نبتعد عن السكر وقت الصلاة ابتداء "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى". في هذه العبارة من الآية الكريمة أمر لغوي مهم. وهو وجوب تمام الإسناد، كان مشايخنا يقولون لنا هكذا: يجب أن يتم الإسناد، يعني أن يتم الإسناد، يعني أن
تنتظر حتى آخر الكلام. هناك فرق بين "لا إله" وبين "لا إله إلا الله". "لا إله" هذه قلة أدب وإلحاد، أما "لا إله إلا الله" فهذه قمة التوحيد. فيجب أن تنتظر ما لم أنته من الألم لا تقربوا الصلاة وذهب صامتا، الله هو ربنا أمر بعدم الاقتراب من الصلاة، هذا ربنا أمر بالصلاة يعني كثيرا في الكتاب والسنة أقيموا الصلاة وأقيموا الصلاة، أين هذا لا تقربوا الصلاة هكذا؟ هو لا يجب أن نقول وأنتم
سكارى لا تقربوا الصلاة، ليس المعنى تاما، الإسناد لم يكتمل، المعنى اكتمل في ماذا؟ في جملة مثل "لا تقربوا الصلاة"، لن تكون جملة مفيدة، لكن تمام الإسناد لم يكتمل لأن هذا يعلقها على حال "وأنتم سكارى"، هذا يسمونه جملة حالية، حال كونكم سكارى، الواو هنا بعدها جملة حالية "وأنتم سكارى" أي حال كونكم في هذه الحالة الآية لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فكثير جدا مما يذاع ويشاع في عصرنا الحاضر يتم مع عدم كمال الإسناد حتى فقدت اللغة
معناها وأصبح التفكير تفكيرا غير مستقيم فكثيرا ما نقرأ ونجد أن الناس فهمت عن الناس من غير تمام الإثبات وهذه مشكلة اجتماعية نعم عندما تفقد اللغة وظيفتها وعندما نصبح نتكلم مثل الصم حوار الصم، وعندما لا نفهم بعضنا البعض يضيع الاجتماع البشري. الله سبحان الله! ما الذي جاء بهذه الآية إلى هنا؟ أليس أننا في سورة الاجتماع البشري، ما الذي جاء بـ "ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى" هنا في سورة الاجتماع البشري؟ هذا ينبهنا
من طرف خفي لأن الكتاب كتاب هداية، كتاب تقف أمام كل شيء فيه وتتأمل وتتدبر وتفهم وتبني، بالإضافة إلى حفظ العقل وهو أساس من أسس الاجتماع البشري، إلا أنه في إشارة لشيء آخر وهو أنه لا بد من تمام الإنسان حتى لا نرى واحدا يتلاعب ويشرب الخمر وينسى نفسه هكذا لكن قال ويل للمصلين، هو قال ويل للذين يشربون الخمر، قلنا له لا، قال ألم يقل أيضا فويل للمصلين، قلنا له نعم، قال إذن يجب أن أشرب الخمر ولا
أصلي لئلا أدخل النار، نعم هذا عكس المقصود، هذا تلاعب باللغة، ما رأيك أننا نعيش في هذه الحكاية ليلا ونهارا، نعم ثم ينتشر الكذب، أناس يكذبون على بعضهم البعض. حسنا ولماذا هذا؟ لأنهم لم يفهموا. حسنا ولماذا لم يفهم؟ لأنه لم يتم الإسناد. حسنا وهذا يكون مثل ماذا؟ مثل "ولا تقربوا الصلاة" وصار مثلا عند المسلمين عندما يختل الفهم ولا يريد أحدهم أن يفهم أخاه يقول له ماذا ستفعل إذن؟ ولا تقربوا الصلاة يعني أنك تتكلم كلاما مبطورا حتى يفهم الناس عكس المراد، هذا يأمرك أن تصلي وأنت بعيد عن المسكر، لا يأمرك أن تسكر وتبتعد عن الصلاة،
أليس كذلك؟ الإسناد عندما يصبح هذا الكلام هذا العلم هذا ننزله في الحياة، يقول هؤلاء الجماعة هؤلاء ماذا يفعلون يتلاعبون بالإسناد. يتلاعب بتمام الإسناد تلاعبا به، ولذلك ينبغي علينا أن نرجع إلى الوعي، والوعي هذا من أين يأتي؟ يأتي من العقل الذي أمرنا الله أن نحفظه، ليس من أجل العبادة فقط، بل من أجل صلاح الدنيا أيضا وصلاح المجتمع البشري. "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى" لماذا؟ حتى تقولون حتى تعلموا ما تقولون يبقى إذن
لا بد للإنسان من أن يكون واعيا بما يقول مريدا له قاصدا إياه ويجب على السامع أن يتم إسناده حتى يفهمه على وجهه ثم انتقل إلى شيء آخر فقال ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وهذا مقامه في حلقة مقامه في حلقة قادمة إن شاء الله، فنستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.