سورة النساء | حـ 650 | 43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 650 | 43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون". وهنا يعلمنا الله سبحانه وتعالى عندما نأخذ الآيات نقوم بتحليل مضمونها فنرى أنه قد وجه الكلام للمؤمنين وليس للناس أجمعين، ومن هنا أخذ الفقهاء أن العبادات تحتاج إلى شروط
صحة وأول هذه الشروط الإسلام، فإذا توضأ شخص فإن هذا الوضوء ولو استوفى أركانه لا يكون مقبولا مهيئا للصلاة إلا إذا كان قد صدر من مسلم "يا أيها الذين آمنوا إذا فنحن نتعامل هنا في دائرة الإسلام في دائرة الإيمان بهذه العبادات، ولذلك إذا دخل أحدهم الإسلام وكان قد توضأ قبل إسلامه فإن هذا الوضوء عند الفقهاء لا يكفي، بل لا بد له أن يتوضأ مرة أخرى بالرغم من أنه قد غسل وجهه ويديه ومسح رأسه وغسل رجليه، وذلك لأن الخطاب
هنا وذلك من عند الله قد توجه للمؤمنين فأصبح الإيمان شرط صحة، يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، إذا فقد أوجب علينا أن نكون مستحضرين العقل واستحضار العقل له درجات فقد يكون استحضار العقل بعدم السكر وهذا هو العقل الظاهر فالذي لم يسكر يستطيع أن يفكر من غير تشويش ولا تغبيش ويفكر التفكير المستقيم يستطيع العقل حينئذ أن يؤدي وظائفه فيفهم ويتذكر ويسترجع ويؤدي ويرتب أركان الصلاة وهكذا،
لكن لما أمرنا الله سبحانه وتعالى بحفظ العقل كان هذا الأمر أكبر من حفظ العقل الظاهر فلا بد علينا من أن نحفظ على الأمة عقلها فلا بد إذن من التعليم ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما يسر الله له طريقا إلى الجنة وحتى في الحالة السياسية العسكرية فإنه أمر من يتعلم القراءة والكتابة من الأسرى أن يعلم في مقابل الفداء المسلمين حتى يخرجهم من دائرة الأمية إلى دائرة القراءة وهي أول طريق العلم والله
سبحانه وتعالى يقول إنما يخشى الله من عباده العلماء ويقول قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وليس هناك دين أكد على العلم وأمر به أكثر من دين الإسلام والعلم في لغة القرآن في غالب الأمر يتعلق بالعلم المستنير فهناك علم يرى الظاهر وهناك علم يتعمق في الأعماق وهناك علم يربط ذلك برب العباد وهو العلم المستنير لأنه ينير لصاحبه طريق الله وحفظ العقل من مهمات الأمة إذا فالدجل والشعوذة والقضاء
على المصادر التي منها المعرفة والتشويش على الفكر المستقيم كل ذلك حرام منهي عنه لأنه يقدح في العقل سواء كان فردا أو جماعة أو أمة. فالعقل ليس فقط هو العقل الظاهر لأن العقل الظاهر هو أقل عقل، فإذا أمرنا الله بالمحافظة على أقل عقل فمعناها أنه يجب علينا أن نأتي بالعقل الكامل وهو عقل الأمة. قال تعالى بعد ذلك "ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى
تغتسلوا" وهنا يشير إلى أننا بعد معرفة الشروط وبعد معرفة الأحكام فإننا نعرف المآلات ونعرف الغايات فاستعمل حتى في عبارة واحدة متصلة للدلالة على المآلات وللدلالة على الغايات، كل ذلك وكأنه يبين لنا الأدوات التي بها الفهم. لماذا نحافظ على العقل؟ من أجل هذه غاية، من أجل أن نعلم ما نقول، من أجل الوعي
السابق للسعي، لأن كل سعي سليم. لا بد أن يسبقه وعي قويم فالوعي القويم مع السعي السليم يحقق الهدف الوعي والسعي إذا فحتى هنا دلت على الغايات ما الغاية من أجل ماذا يعني لماذا أجابت على السؤال وحتى الثانية أظهرت المآلات فقال لا تفعل هذا إلى أن تغتسل إلى أن دلت على المآل سيؤول الأمر إلى الاغتسال حتى نرفع الجنابة
التي هي مانع من موانع الصلاة عند المسلمين حتى يكون الإنسان مهيئا للدخول في الصلاة فقد استعمل حتى مرتين مرة للغايات ومرة للمآلات حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ليس من أجل أن تغتسلوا لا من أجل أن تغتسلوا أي هو فرضت علينا الصلاة لكي نغتسل لا هذا يقول لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا حتى تغتسلوا يؤول أمركم إلى الاغتسال حتى تعلموا ما تقولون ولا
جنبا يعني أصابه الحدث الذي نسميه الحدث الأكبر أو الأوسط لأنه باعتبار ما يمنع الجنب يمتنع عليه الصلاة ويمتنع عليه الطواف يمنع عليه حمل المصحف يمنع عليه المكث في المسجد وهكذا تمنع عليه أمور في الشرع اغتسل إذن الاغتسال يزيل الحدث وهذا الحدث الذي أزيل سيأخذ عندما زال عن جسدك الحدث سيأخذ للدخول في الصلاة إذن فهناك شروط وهناك أحكام وهناك غايات وهناك مآلات ها فليبق ذهنك بدأ يستقيم ويبقى عقلك قد بدأ يعمل فقس الآن وانظر إلى كل شيء بهذا العقل المستقيم وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله