سورة النساء | حـ 651 | 43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يعلمنا الصلاة ويعلمنا شرطها ويعلمنا أحوالها ويعلمنا كيف نتهيأ لها ومن خلال ذلك يعلمنا التفكير المستقيم يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة في حال كونكم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، ولا تقربوا الصلاة وأنتم جنب إلا
عابري سبيل أي وأنتم في حالة السفر، وهكذا كلما كلفنا خفف عنا، فالتخفيف مع التكليف، والتكليف فيه تيسير تيسير مشقة الاغتسال وطهارة عابر السبيل يعني عابر السبيل يبقى أنت في السبيل راكبا وتعبر من مكان إلى مكان وتنتقل من نقطة
إلى نقطة ومن مدينة إلى مدينة مشقة لا يجمع الله عليك مشقتين فخفف التخفيف نراه في الشريعة كلها بكل أجزائها ولذلك صار قاعدة مطردة أن الشريعة مبناها على التخفيف معه تخفيف دائما هكذا إلا استثناء وكأن الاستثناء يعبر عن جملة يمكن أن تكون معترضة لكنها في النهاية تبين أن الحياة على وجوه
وأنها ليست في حالة واحدة أبدا ومن هنا فإن الحكم الذي يتناسب مع حالة قد تكون هي الحالة العامة المعتادة لا يتناسب مع حالة أخرى قد تكون حالة خاصة ومن هنا جاءت الذهنية والعقلية المميزة لعلماء المسلمين، يفتقد كثير من الناس عندما يسمع العلماء أنه يتحدث عن حالة الاعتياد وعلى ذلك فلا يتحدث بعموم وتعميم، ومن
أخطاء الفكر المستقيم التعميم، عندما تأتي لتقول كل الناس طيبون هذا تعميم، كل الناس سيئون، يا الله! أليس كل الناس طيبين؟ لا، ليس كل الناس طيبين، وليس كل الناس سيئين أيضا، فهذا تعميم كذلك، والتعميم من علامات الفكر غير المستقيم أداء وفهما. يعلمنا الله سبحانه وتعالى ألا نعمم وأن هناك حالات للحكم العام، ولا نتجنب هذا الحكم العام لأن عموم البشر قادرون على الاغتسال فيغتسلون ويحضرون الجنازة ولكن
ليس في كل حال، هذا في حالات وإن كانت تعني خلاف الشائع المعتاد أن أكون عابرا للسبيل، ولذلك لا يوجد عندي ماء أو الماء الذي عندي إنما هو للسقيا وليس للتطهير، فقد أفتقد الماء حسا أو شرعا، انظر التفكير المستقيم: حسا يعني ما معي مياه، شرعا يعني معي مياه لكن أعرف أستعملها لماذا لأنني محتاج إليها أنا أو البهيمة حتى أي روح محترمة لماذا لأنني لا أقدر على الاغتسال لأن عندي جرحا ولو اغتسلت وصل الماء إلى الجرح فأموت لماذا
لأن الدنيا شديدة البرد جدا والله كل هذه حالات الماء موجود ولا أقدر على استعماله فيكون قد فقدته شرعا أو ولا جنبا إلا عابر سبيل حتى تغتسل، حسنا ولو كنت عابر سبيل، عابر سبيل كل عابر سبيل لا يغتسل، لا عابر السبيل الذي فقد المياه حسا أو شرعا، حسنا افترض أنك لم تفقدها ونازل في فندق سبعة نجوم مغتسل والله، أيضا التعميم هنا لا يسير، لا يسير، إذن ما علمكم لا يزال قال لا تعمموا فكذلك في المستثنى لا تعمموا يبقى إذا
عابر السبيل هذا نفسه يغلب عليه فاقد الماء حسا وشرعا ليس دائما يعني يمكن إذا طورنا الكلام نقول ولا جنبا إلا عابري سبيل إلا إذا وجد الماء يبقى الاستثناء من الاستثناء ولكن الله سبحانه وتعالى أراد لنا أن نفكر وأن نستنبط وأن نعمل العقل والقواعد التي علمنا إياها ألا تبقى كل شيء بالنص، وإنما هناك أيضا بالاستنباط بمعرفة المآلات والغايات والمرادات والحكم والعلل وبمعرفة الأسباب والمبررات والأهداف وهكذا، أي أعمل
عقلك. أمرنا الله سبحانه وتعالى بهذا "ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى" فيبقى هنا فقد الماء شرعا مريض لا يعرف كيف يستعمل المياه وهي أمامه أو في سفر ليس معي مياه فيكون قد فقدها حسا أو جاء أحد منكم من الغائط فيكون هنا قضاء الحاجة أو لامستم النساء واختلف العلماء في لامستم النساء هل معناها الحدث الأكبر أم الحدث الأصغر فلم تجدوا ماء تجدوا يعني يا حسا يا شرعا فتيمموا
صعيدا طيبا مع التكليف تخفيف وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته