سورة النساء | حـ 653 | 43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 653 | 43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه اللهم اشرح صدورنا واغفر ذنوبنا واستر عيوبنا واهدنا إلى أقوم طريق فأنت المعبود لا رب سواك ولا نعبد إلا إياك مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يعدد علينا ما ينبغي علينا أن نلتفت إليه أثناء التهيؤ للصلاة يقول أو لامستم النساء ذهب الإمام الشافعي إلى أن كلمة لامستم إنما
تعني التقاء البشرة بالبشرة فالتقاء البشرة بالبشرة يكفي لنقض الوضوء عنده فلو أن رجلا صافح زوجته وبالرغم من أن مصافحة الزوجة حلال باتفاق إلا أنه يكون قد نقض وضوءه عند الإمام الشافعي ويقول إن لامس في لغة العرب وفي لغة القرآن تعني التقاء البشرة بالبشرة في حين خالفه في ذلك الإمام أبو حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه وكان يقول لامستم يعني التقاء الرجل بالمرأة التقاء أن يستوجب الجنابة
أو الحدث الأكبر وجرى النقاش بين مدرستين في مسألة قد تكون مسألة جزئية، لكن المناقشة التي وراء هذه المسألة الجزئية تبين لنا منهج العلم وتبين لنا قواعد التفكير المستقيم وتبين لنا أدب الاختلاف وتبين لنا حرية الفكر التي علمها المسلمون للعالم
وتبين لنا الالتزام بالمنهج وتبين لنا إجراء الأدوات في المصادر وتبين لنا الفرق بين العقل العلمي والعقل الخرافي. ذلك من تأملنا في الجدال العلمي الرصين في مسألة جزئية فما بالك بذلك الجدال عندما يتم على مسائل الأمة أو على عمارة الأكوان أو على تزكية النفوس أو
على الأمور التي تهم البشرية وتنقلها نقلة وعقولنا وأعيننا وأرواحنا على الكلي وعلى المناهج التي وراءها الإمام الشافعي يقول أميل إلى أن لا مس هكذا لأنني أراها هكذا في لغة العرب إذ إن لغة العرب أداة من أدوات التفسير هذه قاعدة ثانيا أن لغة القرآن كذلك أما الذي هو لقاء بين رجل وامرأة فقد عبر القرآن عنه وليس باللمس من قبل أن يتماسا وليس يتلامس ولم
يمسسني بشر ولم أك بغيا السيدة مريم عليها السلام يمسسني وليس يلمسني فلغة القرآن إذا أرادت أن تعبر عن اللقاء بين الرجل والمرأة بما يوجب الحدث الأكبر تعبره بالمس في حين أن اللمس يعني التقاء البشرتين فقط فتخلص من ذلك أن لا مس لالتقاء البشرتين نمس لالتقاء الرجل مع المرأة فماذا تقول يا أبا حنيفة، حسنا ما معك حجة أخرى يا إمام الشافعي، نحن نقول لكي نأخذ الذي معه
على الفور جميعا قال معي أن القرآن لم يعودنا على التكرار وهنا قال ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا إذا فلا بد أن يشير إلى شيء آخر غير الجنابة وحكم زائد فوق قضية الجنابة لأن الجنابة ذكرها خلاص ولو كانت لامستم بمعنى الجنابة لأصبحت الآية ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو كنتم جنبا أو إذا لامستم النساء فما معنى ذلك أم كنتم بجانب، فإذا
كرر جنبا إلى جنب فلا توجد فائدة جديدة، وأنا أرى أن القرآن هذا الإمام الشافعي الذي يقول إن القرآن لا يكرر هكذا بل يضيف لي ويأتي لي بحكم جديد، سيدنا الإمام أبو حنيفة ما رأيك في هذا الكلام قال هذا كلام معقول على العين والرأس ولكنني لا أميل إليه، أميل إلى أن "لا" ليس هنا معناها الجناب، فكيف ترد؟ هذا كلام مقنع الذي سمعناه. قال سأرد: هل نحن نأخذ بالقرآن فقط أم بالقرآن والسنة؟ قلنا له: لا، بالقرآن والسنة طبعا، يعني هل يصح أن نترك السنة ونأخذ القرآن؟ لكن قلنا له لا، هذا
لا يصلح عندنا، أنت علمتنا أنت والإمام الشافعي والإمام الأوزاعي والإمام الطبري وجميع الأئمة أنه يجب أن نأخذ بالكتاب والسنة، لماذا؟ لأن الله قال "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"، إذن فالسنة واجبة علينا "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"، إذن بدلا من أن نتبعه أطيعوا الله وأطيعوا الرسول يجب أن نعمل ماذا يجب السنة قال حسنا في السنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندما يأتي يصلي بالليل قامت السيدة عائشة مدت رجليها هكذا فكان إذا أراد أن يسجد غمزها يعني
لمس رجليها هكذا غمز رجليها لكي يسجد مكانها ما هي الأحجار الكريمة ضيقة كان زاهدا صلى الله عليه وسلم في دنياكم فلما يأتي ليسجد وهي مستعرضة برجليها كسروها هذه الآلة وأحضروا مكاتبها
نقول من أين قل لي حسنا ماذا تشرب أنا أعرف انتهى الأمر أنا سأتكلم وتبقى تعمل إنتاجا عليها فما دامت السنة أخت القرآن ولا بد نعود إلى السنة ونرى ما الحكاية،
فالسيدة عائشة كانت تستلقي برجلها وهو يصلي صلى الله عليه وآله وسلم، فعندما أراد أن يسجد يلمس رجلها وهو في الصلاة، فلما يلمس رجلها تقوم فتسحب رجلها هكذا رضي الله تعالى عنها فيسجد، إذن هذا يلمس رجلها إذن هو البشرة التقت بالبشرة وهو يصلي لم ينتقض الوضوء ولا شيء، ذهبنا جارين إلى الإمام الشافعي فقلنا له يا إمام الشافعي في ورطة وقعت فيها، قال ما هي؟ خيرا، كأنه يعني توقف، فقلنا له هذه الورطة كبيرة جدا، هذا أن السيدة عائشة كان يغمز رجلها يا رجل، قال ألستم منتبهين؟
السيدة عائشة هذه لم تكن لابسة طويلة قلنا له نعم قال إذن من فوق الثياب رجعنا إلى الإمام أبي حنيفة يا سيدنا الإمام هذا كان من فوق الثياب قال لنا من فوق الثياب من الذي قال لكم هذه الحكاية هذا واحد يعني عالم متمكن قلنا قالوا الإمام الشافعي يقول هذا من فوق الثياب قال حسنا الحديث الثاني أنها افتقدته صلى الله عليه وسلم بالليل فخرجت تبحث عنه فوجدته ساجدا فوضعت يدها على قدمه صلى الله عليه وسلم تتحسس هكذا وجدته ووجدت قدمه هكذا
فلما وجدت قدمه وضعت يدها عليه وهي بيننا وبينكم خائفة أن يكون قد توفي أي مات لأنه أطال في السجود فلتطمئن عليه هكذا لكي تروه سيتحرك هكذا عليه الصلاة والسلام فستقولين ما هذا إذن هو أيضا كان إزاره إلى منتصف ساقه السيدة عائشة كانت الثياب طويلة صحيح طيب وهذا النبي إذن لم تكن الثياب طويلة كانت إلى نصف ساقه هكذا إذن إذا كانت الرجلان مكشوفتين وضعت يدها لم تكن هناك قفازات حينئذ سيكون هناك تماس، فماذا تقول؟ ذهبنا إلى الإمام الشافعي، أدركنا يا فضيلة الإمام،
أنا أريكم التفكير، قد يقول بعض الناس ماذا يعني الكلام، أي هل ينقض أم لا ينقض؟ لا، هذا علم وخطوات ستفيدنا بعد ذلك عندما نتحدث في المفاوضات السياسية وفي الأمور العسكرية وفي الحياة الاجتماعية وفي الترتيبات الاقتصادية ولكن بعلم فقال ما رأي فضيلة الإمام الشافعي، ماذا تفعل في هذا الحديث؟ قال: هل هذا لامس أم ملموس؟ قلنا له: لا، هذا ملموس. قال: إذن غاية ما يدل عليه أن الملموس لا ينقض الوضوء. وذهب مستعملا إياها في الحج عندما كنت متوضئا وأطوف فوجدت أحدا قد أمسك بي من خلفي أنظر فأجد واحدة
ذهبت واستندت علي، فما دمت قد أصبحت ملموسا، هل انتقض وضوئي أم لا؟ فبهذا الحديث لا ينتقض وضوئي وبه نفتي في الحج. أتدرك أننا رجعنا إلى الإمام أبي حنيفة فقلنا له يا أيها الشيخ الإمام هذا ملموس يا مولانا، فقال حسنا خذ كان يقبل ويكبر هكذا كان يقبل عائشة مثلا من خدها وهكذا وبعد ذلك يخرج قائلا الله أكبر داخلا في الصلاة أي أنه لا توجد فترة يتوضأ فيها فيبقى هناك لمس والتقاء بشرتين وفي الوقت نفسه توجد صلاة رجعنا إلى الإمام الشافعي قلنا له كان يقبل ويكبر قال هذا
حديث ضعيف لا تقوم به هذا يعلمنا ماذا، يعلمنا أدب الخلاف ويعلمنا سعة الصدر ويعلمنا أن اختلافهم فيه رحمة ويعلمنا أن الأمور لا بد أن يكون لها مصادر وأدوات بحث وهكذا، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.