سورة النساء | حـ 655 | 43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 655 | 43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء، والله سبحانه وتعالى يعلمنا التخفيف مع التكليف، وقد كلفنا بالوضوء عندما يحدث عندنا حدث، وكلفنا بالاغتسال عندما نكون على جنابة، ثم بعد ذلك استبدل بذلك كله التيمم إذا ما فقدنا الماء فقال: "فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم". والباء هنا يسميها أهل العربية باء الإلصاق، وبعضهم
يرى أنها هي الأصل في معنى الباء، يعني ملصقين أيديكم بوجوهكم. من أين أتت "فامسحوا ملصقين أيديكم بوجوهكم"؟ أتت كلمة "ملصقين" هذه من الباء لأن الباء معناها الإلصاق. فلو فككناها فكأننا ألصقنا أيدينا بوجوهنا فامسحوا بوجوهكم أيديكم ملتصقة بوجوهكم. حسناً، هل الإنسان له وجه واحد أم وجوه متعددة؟ عادةً يكون
له وجه واحد، لم نرَ أحداً له وجهان حتى عندما نذم شخصاً نقول له إن لديك وجهين، أي أنك منافق، فيكون معنا بوجه. ووضع مع الآخرين بوجه آخر وضع آخر، قال: ترتيب الجمع على الجمع يقتضي القسمة أفراداً. لما قال "فامسحوا" يخاطب جماعة وليس واحداً. جماعة يعني بوجوهكم، يعني وجوه هنا جمع على الجمع، فيقتضي القسمة أفراداً، فيكون كل واحد له وجه واحد. ولكن أيضاً الناس تترك
العادة هكذا هو. يعني نحن طوال عمرنا نرى هكذا أن الإنسان له وجه واحد، ونبحث عن الغرائب والعجائب، ويقول لك: يعني ألا يمكن أن يكون للإنسان وجهان؟ هو في الحقيقة ممكن، وقد حدث في التوائم السيامية، لكن هذه حالة نادرة جداً منسوبة إلى أرض تسمى سيام، تنكسر فيها هذه الآية (الظاهرة) أن الإنسان عندما يأتي فيكون هناك توأمان ملتصقان ببعضهما التصاقاً تاماً بدورة دموية واحدة بحيث يكون له وجهان أو شخص له رقبتان هكذا هو وجهان فقط، وهذا نادر جداً، والنادر لا حكم له، ولذلك تكلم الفقهاء هنا على من له وجه ووجهان وما شابه، لماذا لا؟ فهو ليس حاصل قال
يدرب ذهنك بشغله يعني لا يجعل ذهنك هكذا راكضًا. الذهن العلمي يفترض، الذهن العلمي يتخيل ويجري وراء الخيال لكنه خيال منضبط، ليس خيالًا مريضًا. فامسحوا بوجوهكم. ترتيب الجمع على الجمع يقتضي القسمة أفرادًا. خلاص حفظنا هذه. وأيديكم امسحوا بوجوهكم وأيديكم، إذًا ماذا نفعل؟ قال وامسحوا بـ... منها الكف وتطلق ويرد منها إلى المرفق وتطلق ويرد منها إلى الكتف،
هذه يد وهذه يد وهذه يد. فلما جاء وقال: "السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما"، يكون القصد الكف فقط، فالقطع من هنا، ليس من هنا ولا من هنا. ولما جاء هنا قال: "وأيديكم" يكون المقصود إلى المرفق. ما الذي يضع هذه هنا وهذه هنا، فيلزم وجود بيان، إذ هذا إجمال لا يغني عن تفصيل، وهذا يحوجنا إلى السنة التي يريد بعض الناس إنكارها. ماذا ستفعل؟ ويقول لك: فلنجعل القرآن وحده. هذا لا يصح، فالقرآن استخدم الاستعمالين على حد سواء، فلا بد من أن نخرج من
نص القرآن معتمدين على نص السنة المشرفة المطهرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أُوتيَ القرآن ومثله معه حتى يفسره. طيب، فيكون وأيديكم يعني إلى المرفقين. وكان مشايخنا يقولون لنا ماذا؟ يقولون لنا أنك تضرب هكذا على الأرض ثم تمسك يدك اليسرى وتفعل هكذا إلى هنا. هو هكذا الذي نسميه المرفق وهكذا، وتفعل هكذا، هو، وبعد ذلك هكذا، هو، وتفعلها هكذا، هو، وتجعل يدك هكذا، هو، فيكون إذا مسحنا اليمين بالشمال
ومسحنا الشمال باليمين وهي بضربة واحدة، يكون ضربة للوجه وضربة لليدين بسيطة جداً، تم التيمم هكذا، نعم، التيمم هذا نفعل به ماذا؟ قال أنت. ما نويته؟ قال: نويت صليبه. قال: إذًا تؤدي الصلاة وما دونها، فتصلي الفرض وتصلي السنة وتطوف بالبيت. البيت يحتاج إلى طواف، والطواف يحتاج إلى وضوء وطهارة. ما استطعت، ممنوع، ليس لدي مياه كثيرة، لا أعرف كيف أستعملها أو غير ذلك. قال: نعم، حسنًا، إذًا نتيمم أيضًا. إذًا
نحن نتيمم لكل ما... يحتاج إلى طهارة كالصلاة والطواف وقراءة القرآن ومس المصحف ونحو ذلك. حسناً، فأفعل الأهم فالأهم، فتكون الصلاة هي أعلى شيء، فأؤدي الفريضة ثم السنة وأقرأ القرآن وألمس المصحف وأذهب لأطوف، كل ذلك بتيمم واحد. وهذا الشخص يريد أيضاً أن يضايق الشيخ بعض الشيء. قم. يقول له: "إنني نويت نية عجيبة الشكل". قلت له: "ما هي؟ ماذا فعلت؟" قال: "نويت التيمم للسنة فقط". قلت: "ولماذا ضيَّقت على نفسك؟ أي لا يمكنك أن تصلي إلا السنة فقط. أنت الذي ضيقت على نفسك. كان يجب أن تتيمم لتستبيح الصلاة كلها.
لماذا تفعل هكذا؟" قال ما حدث، فقلنا له. إذاً، يجب عليك أن تتيمم مرة أخرى إذا أردت أن تصلي صلاة الفرج. سنكمل أيضاً في موضوع التيمم في حلقة قادمة. إلى لقاء، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.