سورة النساء | حـ 658 | 46 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول الله سبحانه وتعالى وهو يعلمنا الإنصاف وهو يعلمنا كيف نتعامل مع الخلق وأن الأمر بيننا وبينهم قضايا لا يتعلق بذواتهم ولا بمعتقداتهم ولا بأحوالهم بقدر ما يتعلق لإرادتهم الخير أو الشر فننكر على الشرير شره ونؤيد الحق حيثما كان سواء أصدر ممن اتبع ملتنا أو خالفها يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يعلمنا الإنصاف والعدل ويجعله مكونا أساسيا من العقل المسلم وهو يتعامل مع الأشياء والأشخاص
والأحداث والأفكار يقول من الذين هادوا يعني لم يقل إن اليهود وهكذا يجب عليك أن تكون واعيا أن الله سبحانه وتعالى إنما أنكر الشر حيث كان ومن أي فريق صدر للإبعاد، يعني بعضهم، إذ أن الله سبحانه وتعالى يبني لنا قواعد الفكر المستقيم وأن التعميم خطأ، فلا بد لك عند دراسة الواقع ألا تنزلق في مزالق التعميم بأن
جميع الناس سيئون خطأ، كل الناس طيبة، حسنا خطأ، ما هذا إلا خطأ وذاك خطأ، من الذين هادوا ما يأتي أحد فيقول إن القرآن ضد السامية لماذا؟ لأنه تحدث عن طائفة، تحدث عن موضوع، تحدث عن شيء ناقص مرفوض يجب على كل العقلاء وعلى أصحاب الفكر المستقيم أن ينكروه من الذين هادوا. بحث تاريخي أنثروبولوجي من الذين هادوا يحرفون الكلمة عن مواضعها فهو ضد الحق ضد الشفافية ضد الصدق الله سبحانه وتعالى يقول اتجه
يمينا وهو يحرفها فيقول اتجه شمالا فما هو إلا خطأ يحرفون الكلمة فهل هو ينعى هنا على اليهود أم ينعى على المحرفين إنه ينعى على المحرفين من اليهود من النصارى من البوذيين من المسلمين من أي أحد، التحريف خطأ، الكذب خطأ. أيكذب المؤمن يا رسول الله؟ قال لا. إذن هل هذا شتم للمسلمين؟ لا، هذا شتم للكاذبين. ليس في المسلم أحد يكذب، يوجد فقط من يكذب، لكن الإسلام لم يأمره بالكذب، الإسلام قال له إياك أن تكذب. حرام أن نعين هنا على المسلمين ولا نعين على الكاذبين، نعين على الكاذبين. انتبه لئلا
يستدرج بعضهم هنا فيقول إنكم شتمتم غير المسلمين، لا لم نشتم غير المسلمين، بل نحن جالسون نمدح العالم كله إذا أقام الحق، فرسول الله صلى الله عليه وسلم خلع عباءته الشريفة ووضعها لابنة حاتم وقال لها إن أباك كان يحب مكارم الأخلاق وحاتم مات، فطمعت الفتاة وقالت له يا رسول الله أهو في الجنة إذن، لماذا تمدحه هكذا وتكرمني هكذا؟ قال هو في النار، هذه حكاية أخرى وهي أنه كان يفعل ذلك للسمعة ليسمع، وما شأني أنا إذن بالنار وفي الجنة هذه التي هي لله وليست لي، لا أدخل الجنة ولا أدخل النار، أنا الذي أعرف أن حاتما رجل كريم كان يحب مكارم الأخلاق، وحبه لمكارم الأخلاق
محل تقدير يصل إلى أن يخلع العباءة ويستقبل ابنته أحسن استقبال من أجل والدها، حكاية الجنة والنار هذه تصبح حكاية تتعلق بالعقيدة بالنية تتعلق بأمر آخر بينه وبين ربه، بعض الكتاب يقولون لكم أنتم تدخلونهم النار، نحن أدخلنا هو في الأصل عندنا نار حتى ندخله؟ نحن لا دخلنا جنة ولا دخلنا نارا، هذا الذي يدخل الجنة والنار ربنا، وهذا في يوم القيامة، والله هناك قوي وقاهر ومالك يوم الدين. وملك يوم الدين ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون وفعال لما يريد لا تتدخل وأنا مليء ويعفو عن كثير سبحانه وتعالى ويدخل
من يشاء الجنة ويدخل من يشاء النار لا يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ونحن من نحن نقول لكم إن الطريقة هي المستقيمة التي قالها ربنا ولا نحرف الكلام عن مواضعه لأنها أمانة وربنا بعد ذلك يدخل كل الناس الجنة أو يدخل كل الناس النار أو يفني النار هذه تماما فعال لما يريد لا يوجد أحد يقول له لا فهل تجرؤ أن تقول له لا وما جئت يوم القيامة وجاء لك بالنار هكذا وأدخل فيها بعض الناس وأخرجهم وأغلق النار وأطفأها لك دعوة أنت ستقول له لا أي ساعتها والله ولن تعرف أن تتكلم ولله الحجة البالغة وأنا ما
لي الحصان ليس ملكي قالوا ما الظلم قال التصرف في ملك الغير التصرف في ملك الغير ونحن فينا ليس ظلما فماذا إذن؟ ماذا نريد؟ نرجو رحمته ونخشى عذابه. هذا الذي نريده منا. من الذين هادوا انظر إلى الكلام انظر إلى الإنصاف انظر إلى العدل احذر أن تغفل عن كلمة واحدة وإلا ستختلط الأمور كلها. من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه فهذه علة فعلها الذين هادوا هكذا تاريخنا نحن أصبحنا نعمل مثلهم احذروا أن يكون هذا ما
هو هذا مرض هذا انحراف يجب علينا أن نوقن وأن نصمم بعدم الوقوع فيه فلا نحرف الكلم عن مواضعه لا نصا ولا تأويلا وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة