سورة النساء | حـ 664 | 47 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 664 | 47 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب الآية تظهر ملامح الدعوة الإسلامية من كونها دعوة عالمية تخاطب الناس أجمعين، ولذلك قال تعالى "يا أيها
الذين أوتوا الكتاب" فلم يخاطب طائفة دون طائفة، بل خاطب كل من أوتي كتابا، وهذا أمر يدل على أن هذا الدين قد بني على نسق مفتوح في الدعوة، فإنه يريد أن تصل الحقائق الناس والأمر الثاني أنه يتكلم بمعقولية حيث أنه يخاطب أولئك الذين آمنوا بالله وآمنوا أن الله سبحانه وتعالى يرسل الرسل وأن الله سبحانه وتعالى ينزل الكتب وأن الله سبحانه وتعالى يوحي بهذه
الكتب مراده من خلقه إلى خلقه وهذا هو مفهوم من آمن بكتاب فمن آمن بكتاب معناه أنه أولا آمن بالله ومعناه أنه آمن بالوحي ومعناه أنه آمن أن هذا الإله لم يخلقنا ويتركنا عبثا بل لما خلقنا أرسل إلينا الهداة المهتدين والنبيين والمرسلين وأنه لم يرسلهم من أجل البركة فحسب بل من أجل البركة والحركة ومن أجل الوعي والسعي ومن أجل التشريع ومن أجل البيان ولذلك فإنه أنزل معهم الكتب التي تأمر بالإقدام وتنهى عن الإحجام، إذن فالكتب تأمر وتنهى وتقول لك افعل ولا تفعل
وتقول لك أقدم وأحجم، ومن هنا تأتي ملامح الحلال والحرام، فيخاطب الله سبحانه وتعالى أولئك الذين تكون لهم هذه الصفة الذين يؤمنون بالله، لأن خطاب الله مع غير المؤمنين بالله يعد عبثا أن آخر يدعوهم إلى التأمل في الأكوان وفي الحياة وفي أهدافها يدعوهم إلى الإيمان المبني على التعقل والتدبر والتأمل والتفكر أولا ثم يدعوهم إلى الإيمان بالرب وقال لا يفرقوا بين أحد من رسله وقال لا يؤمنوا ببعض ويكفروا ببعض وقال لا يؤمنوا ببعض ويكفروا ببعض بل يأمرهم أمرا متتاليا بالإيمان بالله
وكتبه ووحيه ورسله وتكليفه ثم بعد ذلك يخاطبهم بأن يؤمنوا بالإسلام إذا فمن قوله يا أيها الذين أوتوا الكتاب نأخذ عالمية هذه الدعوة ونأخذ عقلانية هذه الدعوة ونأخذ أن المخاطبين هنا هم من كانت تتوافر فيهم تلك الصفات بالأساس وهي كلمة واحدة موجزة لكن التأمل والتدبر فيها واستخراج ما تستلزمه من معان تجعلنا نقول ما نقول ونحن مطمئنون إليه، لا يستغرب هذا عقل سليم ولا يرفض هذا ذوق سليم وتتقبله الفطرة السليمة كما هو، يا أيها
الذين أوتوا الكتاب، وكلمة أوتوا الكتاب فيها إشارة إلى أن هذه الكتب التي أنزلها الله تشتمل على الهداية وعلى النور وأن هذه الكتب التي أنزلها الله تشتمل على الحقائق وأنه لا بد وأنها قد أرشدت الخلق إلى دين الحق، إرشاد الخلق إلى دين الحق لا بد لأنه يذكرهم بها وكأنه يأمرهم أمرا جازما أن ينفذوا ما فيها، ومن هنا يأتي العدل والإنصاف أننا لا
ننكر على الأديان في ذاتها بل نصف كتبها بالهداية وبالرحمة ولكن ننعى على أولئك الذين خالفوا بعدما عرفوا وأبوا بعدما علموا وحادوا عن طريق الله بعدما اتضح لهم يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا ولو أنه قال آمنوا فقط لكان في ذلك أمرا بالاستمرار يا أيها الذين آمنوا ما هذا ربنا يقول هكذا إذن آمنوا كيف وآمنوا كيف سيستمرون في الإيمان يعني أحب
الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، وعلى هذا الحد يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا يعني استمروا في إيمانكم ولا تنقصوه بتكذيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بل استمروا في طريقكم فأنتم أقرب الناس إليه. مشكلة إنكار الألوهية غير موجودة، مشكلة إنكار الوحي غير موجودة. مشكلة إنكار التكليف غير موجودة، مشكلة إنكار الكتاب غير موجودة، مشكلة إنكار يعني هذا الله هذا قريب جدا، هذا ما يوجد تقريبا إلا أن يتأمل ويستمر "يا أيها الذين آمنوا، الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا" حسنا الذي أنزل هذا مخالفا
لما معكم يريد يعني جهدا كبيرا "مصدقا لما معكم انظر كيف أنه يصدق هذا وكما قال أبو بكر التونسي هذا كتاب هو خلاصة الكتب الإلهية السابقة وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته