سورة النساء | حـ 668 | 49-50 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 668 | 49-50 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو ينظم الاجتماع البشري "ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا" ثم يقول "انظر كيف يفترون على حرم الله الكذب وكفى به إثما مبينا، أي أن الذي يزكي نفسه على غير الواقع ويريد أن يحمد بما لم يؤت فإنه يكون قد خالف الواقع وافترى واختلق على الله سبحانه وتعالى، والكذب أساس من أسس هدم المجتمعات
كما أن الصدق أساس من أسس بناء المجتمعات، ولذلك ناسبت هذه الآيات أرادت صورة النساء من بناء المجتمع البشري على أسس قوية وسليمة فلا بد من أن يكون هناك صدق بين الحاكم والمحكوم ولا بد أن يكون هناك صدق بين المجتمع ونفسه ولا بد أن يكون هناك صدق بين هذا المجتمع والمجتمعات الأخرى ولا بد أن يكون هناك صدق بين الجميع حتى تسير البشرية في نطاق الله وفي طريق الله، فإذا لم يكن وكان هناك الكذب فإن الأمر يكون قد بني على هشاشة
تؤذن بالسقوط، ولذلك يقول ربنا سبحانه وتعالى وكفى به إثما مبينا، يعني كفى بهذا الحال من الكذب والافتراء من بناء الأمر على الهشاشة دون الصلابة وعلى الكذب دون الصدق إثم واضح لا شك فيه، وذلك لأن هذا الإثم سوف يتعدى ضرره إلى غيره. لا يقتصر ضرر الكذب على الإنسان في ذاته، بل إنه يتعدى إلى غيره، ولذلك حرم الله الكذب بكل مراحله وفي كل أحواله، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستعرض الآثام والمعاصي ويسأله السائل
أيزني المؤمن قال نعم قال أيسرق المؤمن قال نعم قال أيكذب المؤمن قال لا يعني إذا هذه كبائر الزنا والسرقة معاصي وفواحش وكبائر جعل الله بإزائها حدودا ولما جعل الله بإزائها حدودا فقد استعظم أمرها ونهى عنها نهيا مطلقا وجعلها من الكبائر وإذ بالكذب يكون أشد منها فيجب علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا ويجب علينا أن نكون صادقين مع ربنا ويجب علينا أن نكون صادقين مع الناس ويجب علينا
أن نكون صادقين في حالة الفرد ويجب علينا أن نكون صادقين في حالة الجماعة ويجب علينا أن نكون صادقين فيما بيننا ويجب علينا أن نكون صادقين مع غيرنا ولا بد علينا أن نكون صادقين في العلاقات التي تحكمنا فالصدق من جانبه كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر ولما قال لنا انظر فهو أمر مباشر لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم بالنظر باعتباره أنه مهبط الوحي وأنه قد نزل عليه هذا القرآن لكنه لكل فرد من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من بعده أن ينظر
وأن يعتبر، والنظر قد يكون بالعين المجردة بعين البصر وقد يكون بالعين عين البصيرة والقلب، فقد يكون بعين البصر أو يكون بعين البصيرة، فإذا كان بعين البصر فهو في مجال المحسوس حيث يرى البصر ولو كان المقصود بعين البصيرة فهو في مجال المعاني والمفاهيم حيث ترى البصيرة فيجب علينا أن نمتثل للأمر بنظر صحيح في مجال الحس والتتبع وبنظر صحيح في مجال البصيرة والتفكر فلا بد من الاعتبار ولا بد من تصحيح الأفكار يقولون هكذا لا بد من الاعتبار ولا بد من تصحيح
الأفكار انظر فلا لا بد لنا أن ننظر بصورة تامة كيف يفترون على الله الكذب، نعم يبقى إذن لا بد لنا أن ننشئ الدراسات حول الكذب لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك، متى يكذب الإنسان؟ لماذا يكذب الإنسان؟ كيف يكذب الإنسان؟ وهناك دراسات قام بها الناس في الكذب، يقول لك الطفل الصغير لا يكذب حتى سن معينة، وما إن يصل إلى هذا السن حتى
يبدأ بالكذب، فلماذا يكذب؟ لأنه يريد تحصيل منفعة، فنكتب هذا رقم واحد: الكذب من أسبابه محاولة تحصيل المنفعة. ثانيا، أنه يريد أن يهرب من العقاب، فالأولى كذب طلبا والثانية كذب هربا، فهذا سبب وذاك سبب، فكيف يفيدنا هذا في ما الذي نريده أثناء التربية؟ نريد أن نربيه ونقول له: لا، الكذب خطأ وحرام وخاطئ ولا بد من ذلك. طيب، وهذا كيف ستحققه؟ لا بد أن تقنع هذا الطفل الصغير لأنه بدأ يكذب وقد يكون
قد فعل هذا، يكذب عمدا وقد يكون يكذب خطأ، ولذلك رسول الله صلى الله عليه كذبا، فلما قال سعد: اليوم يوم الملحمة في فتح مكة، قال: كذب سعد، يعني أخطأ سعد، فالكذب هو الخطأ بلغة قريش. يبقى في كذب خطيئة وفي كذب خطأ، وهكذا كل هذا تحت قوله: انظر. يبقى انظر معناها ابحث بحثا حسيا وبحثا بصريا. وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة السلام عليكم