سورة النساء | حـ 671 | 51 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يعلمنا "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت" وهنا يعبر ربنا سبحانه وتعالى بالإيمان في موضع هو موضع كفر. ويعبر سبحانه وتعالى بالكفر في موضع آخر هو موضع إيمان فيجعل الذين يكفرون بالطاغوت هؤلاء مؤمنين، أما
الذين يؤمنون بالطاغوت فهؤلاء قد ارتكبوا عملا من أعمال الكفر وهم كافرون، ومعنى هذا أن الإيمان والكفر نسبي وأنه عندما أقول هذا إيمان يجب أن أسأل إيمان بماذا لأن الإيمان بالله هو الإيمان المعتبر المعتمد أما الإيمان بالجبت والطاغوت وقد سماه الله إيمانا من أجل الرد على الشبهات التي تثار في عصورنا هذه المتأخرة الإيمان بالجبت والطاغوت هو الكفر بعينه
الكفر بماذا الكفر بالله والكفر بالجبت والطاغوت هو الإيمان بعينه الإيمان بماذا الإيمان بالله فعندما يأتي أهل دين ليصفوا أهل دين آخر يخالفونهم في المعتقد بأنهم كفار، شخص واحد يقول لي لا تقل عنهم إنهم كفار، فماذا أقول عنهم؟ أأقول عنهم إنهم مؤمنون؟ قلت له حسنا إذن سأكون قد كذبت، أناس لا يؤمنون بمحمد فكيف يكونون مؤمنين؟ هم يريدون أن يقولوا نحن كفار بمحمد أنت أتعلم
لو قلت لهم أنتم مؤمنون بمحمد لكان فرضت عليهم الإسلام فرضا، أليس هذا تدخلا في حرية العقيدة أم لا؟ إنه تدخل في حرية العقيدة وسنخلط الأمور، وهو يقول لي أنت لست مؤمنا بعقائدي، قلت له لا أنا لست مؤمنا بعقائدك، قال أنت كافر، قلت له هذا شيء يشرفني لأن أنا كافر بما يؤمن به في عقيدته وهو كافر بما أؤمن به في عقيدتي فهذا فيه حرية أم لا يوجد فيه حرية، فيه حرية لا تستوجب النزاع والخصام، أن أمسك له السكين وهو يمسك لي السكين، لا هذه قضية أخرى، إمساك السكاكين هذه قضية أخرى ليست موجودة هنا،
أقول له أنت كفرت بما أنزله الله على محمد، يقول لي نعم أنا كفرت فعلا بما أنزله الله على محمد، لن نخدع بعضنا البعض يعني. أقول له حسنا أنت كفرت بما أنزله الله على محمد فأنت عندي كافر، وأنا كفرت بعقائدك التي ترى أنها هي أصل دينك فأنا عندك كافر. فالإيمان والكفر نسبيان، فيبقى ربنا ينبهنا إلى حقيقة أنه لا داعي لأن نتلاعب بالأسماء قبل المسميات، فنسمي غير المؤمن بأنه مؤمن، لا مؤمن بماذا؟ ونسمي غير الكافر بأنه كافر، لا كافر بماذا؟ فيتقرر من هنا معنى
جليل يجب أن نفهمه جميعا، وهو أن الإيمان والكفر نسبيان، أي ما معنى لا بد أن تقول إيمان بماذا وكفر بماذا إيمان بالله وكفر بالطاغوت هذا معنا إيمان بالطاغوت وكفر بالله هذا ضدنا حسنا الذي ضدك ماذا تفعل معه أتنصحه وتبلغه وتدعوه أم تخنقه قال لا تخنقوه لا تخنقوه وإنما ادعوه إلى
الله وجادلهم بالتي هي أحسن ادعوا إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن قل إنما أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني والدعوة هذه تكون كيف بالحكمة بالموعظة الحسنة بالتكرار بالوضوح بالجدال الحسن إذن أنا هنا أقرر حقيقة فلسفية عميقة وهي أن الإيمان والكفر نسبي وأنه عندما أصف أحدهم بأنه كافر إنما أقول هو كافر بماذا فأعطيته بذلك حريته في أن يؤمن أو أن يكفر فمن شاء فليؤمن
ومن شاء فليكفر في حرية لكم دينكم ولي دين لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي بعد ذلك يأتي دور الدعوة ندعو بالحكمة وبالموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن وبالحرية لكن يأتي ليقول لك لا تتعالي نحن نريد جميعا أن نصبح هكذا نسمي أنفسنا مؤمنين طيب لا هو يقول عني مؤمن ولا أنا أقول عن نفسي مؤمن إذن نحن نكذب أولها كذب آخرها ظلمة لا توجد فائدة أولها صدق آخرها نور الصدق من جاء أعطني الحكاية فليس نحن نقول ضد الناس أو نكره الناس أو يعني
بيننا وبين الناس دم، لا هذا نحن نقول هكذا للصدق كي يكون هناك حب، كي يكون هناك رحمة، كي يكون هناك في النهاية هداية، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.