سورة النساء | حـ 672 | 51 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 672 | 51 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت". شيء غريب أن يكون الإنسان قد عرف ربه وعرف أنه يوحي إلى البشر. عن طريق الرسل باختياره واصطفائه للنبيين والمرسلين وأنه ينزل الكتب وأنه يبين الشرائع وأنه يكلف بالأحكام والإقدام والتكليف افعل ولا تفعل بالأمر والنهي وأنه سبحانه وتعالى نعود إليه يوم القيامة كل ذلك يظهر في من أوتي نصيبا من الكتاب وأوتي نصيبا من كتاب يعني يعرف
هذه الحقائق ثم بعد ذلك نراه يؤمن بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا بالله وباليوم الآخر وبالوحي وأشركوا وعبدوا الوثن أو أنهم ألحدوا فأنكروا الله أنكروا الرب سبحانه وتعالى، هؤلاء الملاحدة أهدى من الذين آمنوا سبيلا وهذا حاصل عندنا الآن أن المعيار يختل في أيدينا وأراد الله أن يستقيم
المعيار في أيدينا. يقول تعالى هذا الذي ينكرون الأديان والذي ينكرون ربنا والذين يقولون أنه ليس هناك سوى هذه الدنيا فينكرون الآخرة أهدى من الذين يؤمنون بهذه الأشياء كلها وبهذه الموضوعات وبهذه القضايا الإلهية والنبوة والوحي والكتاب والآخرة والتكليف سبيلا، هذا الكلام موجود معنا الآن لماذا؟ قال والله أنا يخيل إلي كذلك أن هؤلاء الناس أرحم من هؤلاء
أصحاب الأديان لديهم قسوة والذين ليس لديهم أديان لديهم إنسانية فينبهني ويقول لي اعدل الميزان لا تدخل بالمعيار الخاطئ هذا الذين لديهم أديان لديهم رحمة وإذا نسوا الرحمة فقد نسوا أديانهم والذين ليس لديهم أديان هؤلاء ليس لديهم رحمة هذه لديهم مصلحة وإذا تحلوا في الظاهر أن بعض الناس يفهمون الرحمة ويتحلون بها ليس لأنها رحمة حقيقية بل
لأنها توصل إلى مصلحة، فتنبه واعدل الميزان حتى إذا ما أنكرت على أولئك الذين يعلنون أنهم أصحاب أديان ويفتقدون الرحمة تخاطبهم بصواب وتقول لهم ارجعوا إلى دينكم وإلى رحمة الله، وحتى تخاطب أولئك الذين ينكرون وجود الله رحمة غير مقبولة إلا بالإقرار بقضية الكون الكبرى، وحتى يكون هذا على أساس متين فلا بد لنا أن ندخل المدخل الصحيح وأن نؤمن بالله فندعوهم إلى الإيمان بالله. هذه من أدق المسائل وأشدها
وأكثرها التباسا على أهل عصرنا الحاضر، حيث شاع وذاع أن أصحاب الأديان قساة القلوب على فكرة كل الأديان ليست المسلمين فحسب ولا أهل الأديان السماوية فحسب بل لديهم أخيرا الدين أصبح الوجه الآخر للتعصب والعنف وما إلى ذلك، وكذلك عدم الدين يعني يكون أرجى للإنسانية وحقوق الإنسان وما إلى ذلك، وهذه الكلمات تنبه البشر أن يعيدوا حساباتهم. ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون
بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا، اعدلوا الميزان وأنكروا المنكر وادعوا أهل الأديان أن يرجعوا إلى رحمة الله وادعوا أهل الكفر بالأديان إلى أن يؤمنوا بالله ولا تقعوا فيما وقع فيه الآخرون من وصف الذين آمنوا بأنهم أدنى وأقل شأنا من الذين كفروا بل دائما المؤمن بين جوانحه قلب يحركه إلى الله ويمنعه من الفساد في الأرض ويتغير
فورا إلى الصلاح بالموعظة الحسنة وبالتذكير فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين وليس كذلك من لم يؤمن بالله فإنه من الصعب أن تهديه إلى سواء السبيل إلا أن يريد الله سبحانه وتعالى شيئا آخر وإلا أن يريد هدايته وهذه من أعقد النقاط الفلسفية التي وقع فيها أهل العصر وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته