سورة النساء | حـ 673 | 51-52 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا". وقلنا في هذه الآية أنه ينبغي علينا أن ننكر المنكر على أهل الأديان إذا ما نسوا رحمة الله سبحانه وتعالى وعلى أهل الكفر إذا ما نسوا الله سبحانه وتعالى وإلا يختل بأيدينا الميزان فنصف كل فريق بما يستحق وننكر على كل فريق ما يستحق لا أن نصف الذين آمنوا
بأنهم أشد ضررا من الآخرين كفروا والله سبحانه وتعالى يصف أولئك الذين اختل بأيديهم الميزان فيقول أولئك الذين لعنهم الله واللعنة كما يقول ابن فارس علامة من علامات الكبائر فإذا ما قرن الله سبحانه وتعالى فعلا من أفعال البشر باللعنة فإنه يشير إلى أنها كبيرة من الكبائر فالكبيرة تختلف عن الصغيرة في أنه قد ورد والسرقة والقتل أو إنها قد ورد بشأنها لعن كعقوق الوالدين والسحر وشهادة الزور أو أنه قد ورد بشأنها تخليد في
النار كشأن الانتحار ونحو ذلك فإذا كان الأمر كذلك والله أعلم بما هنالك تميزت الكبيرة عن الصغيرة وعظائم الأمور عن سفاسفها واللمم فاللمم يغفر بالصلوات الخمس أما هذه الكبائر فتغفر بالإقلاع عنها فورا وبالندم على فعلها وبالعزم على ألا نفعلها بعد ذلك أبدا، وإن تعلقت بحقوق العباد رددنا الحقوق إلى أصحابها. أولئك الذين لعنهم الله، يبقى إذن هذا الفعل الذي اختل فيه المعيار ومالت القلوب فيه إلى الكافرين دون المؤمنين، اختل فيه المعيار فلم ننكر المنكر
على أهله، ففيه كبيرة. من الكبائر ومن يلعنه الله فلن تجد له نصيرا إذا ومن يلعنه الله يعني الذي يلعنه ربنا لن تجد له نصيرا وأطلق وإذا أطلق فقد عمم أطلق يعني لا ستجد له نصير في الدنيا ولا ستجد له نصير في الآخرة يبقى لن تجد له نصيرا في الدنيا أو الآخرة لأنه لو أراد أن يخصص لأخصص وقال لن تجد له نصيرا في الآخرة يوم القيامة أو في الدنيا ولكن لما أطلق عموما أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله
فلن تجد له نصيرا ولن تفيد التأبيد عند الزمخشري ولا تفيده عند الجمهور لن فلن معناها أنك أنها سوف تكون للمستقبل البعيد المدى الذي يجمع بين هذا يقول أبدا وانتبه كيف لا هو ليس أبدا كما يقول الزمخشري لا كما يقول الجمهور أنه مسافة بعيدة جدا فلن تجد له نصيرا ومعنى هذا أن النصير ليس في حد الغوث ما يقوله لن يعني عندما أمشي هكذا أبحث عن نصير في حد الغوث لا أجده، المرء
يريد نصيرا متى؟ عندما يكون في أزمة، في شدة، فأريد النصير فورا، لن أجده، لن أجده، معناها سأبحث في حد الغوث. ما حد الغوث هذا؟ حد الغوث هذا كلمة نجدها في الفقه، حد الغوث قيل عندما تصرخ في الصحراء تصرخ هكذا صراخا تصوت الحقوني إلى أي مدى يصل صوتك، إلى أي مسافة يسمع الشخص صوتك. هذا هو حد الغوص وهو عندما يقف الواحد في دائرة هكذا في مركز دائرة ويقول الحقوني بعلو صوته، إلى أي مدى سيصل؟ أربعمائة
متر، ثلاثمائة متر. هذا هو حد الغوص. حسنا والبحث عن الماء تقرأ هذا الكلام في باب التيمم قال لك هذا أنت تمشي ميلا هكذا يعني شيئا مقداره كيلو ونصف تبحث عن الماء طيب أنا مشيت هكذا كيلو ونصف مشيت هكذا كيلو ونصف ومشيت هكذا والله ما يوجد بئر ما يوجد في هذه المنطقة بئر طيب ما أنا يكون السبع أكلني أو اللص سرقني ولا يبقى ما ليس هناك نصير أي معناه أنك لن تجد النصير أبدا لأنه في كلمة لن هذه تجعلك تعلم أنه لن يغيثك مغيث وهذا ما هو الكرب هذا الإنسان عندما يكون في
كرب يكون محتاجا لنصير لكن هذا من شؤم المعصية من شؤم الكبيرة فإن الطاعة لها شؤم ومن شؤم المعصية اللعنة، ومن شؤم اللعنة فقدان النصير، فمن بركة الطاعة الاستجابة، ومن بركة الاستجابة وجود النصير. يبقى إذن هذه الطاعة بركة والمعصية لعنة. أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا. فاللهم يا ربنا انصرنا على أعدائنا وانصرنا على أنفسنا ومكن لنا. في الأرض كما مكنا للذين من قبلنا،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإلى لقاء آخر أستودعكم الله.