سورة النساء | حـ 675 | 53 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 675 | 53 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو ينبه الناس أجمعين، ينبه المؤمن وينبه الكافر، ينبه المهتدي وينبه الضال "أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا" أي إذا فرضنا على خلاف الحقيقة أن أحدا منهم له نصيب من الملك، أن أحدا من البشر له نصيب من الملك، وهذا ليس الأمر
الواقع، إنما الأمر الواقع أن الملك كله لله، فهو مالك يوم الدين، وهو الملك على الحقيقة، وهو الذي يملك الدنيا والآخرة. أم لهم نصيب من الملك لو فرضنا؟ أن لهم نصيبا من الملك وهذا هو قوله فإذا يعني حينئذ حينما يكون لهم نصيب من الملك لظهرت خاصية أخرى في النفس البشرية وهي الشح والشح مجبول عليه الإنسان كجزء لا يتجزأ من غريزة البقاء كل
شيء حتى هذه المعاني لها وجهان وجه حسن قد يكون قليلا ووجه سيئ قد يكون كثيرا والذي يحدد لنا ما الذي ننميه في نفوسنا أو نقضي عليه فيها هو الله ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فالشح في النفس البشرية راسخ هذا الشح له فائدة وهو أن أبقي فمعي طعام فأدخره إلى الغد لأن الغد قد لا يكون
معي طعام وتفعل ذلك لماذا لا ترمه واصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب، لا، نفس الإنسان ليست هكذا، لا تخرج كل يوم من مالك وتتوكل على الله كل يوم هكذا، تصبح في الصباح فترى رصيدك كم هو فتقول توكلنا على الله، هو لله صدقة، طيب وبعد غد سيرزق إن شاء الله فلا نصرف اليوم الذي فيه في الرصيد قم يأتي لغد لا ذهبوا مطلعين له مثل آخر البخل يعمل ولكن هذا البخل نافع قال له القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود يبقى لازم ماذا نحرص وندخر إنما هذا البخل يجب
أن يقف عند حد ما هذا البخل هو الذي يدعو الناس إلى الإمساك لأمسكتم خشية الإنفاق، إنما الذي ليس من صفته البخل أبدا. أنا لدي بخل عشرة في المائة، تسعون في المائة ليس بخلا. حسنا وهذا لماذا؟ لأنني أقوم بتقويم نفسي وأقول وأخطب يوم الجمعة وهذه موعظة في الدرس وهكذا إلى آخره. ومن يوق شح نفسه فقد كان ماذا؟ يأمر الناس. إنها تقلل الشح تقلل الشح تقلل ولكن لن يقدر أن ينعدم فالشح الذي هو الإمساك له فائدة عندما
يكون في حدوده التي خلقها الله فيها أما أن نتركه ينمو حتى يكون أحدنا شحيحا بخيلا يعني فذلك بئس الأخلاق هيئة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الكرم كان يحب الطائي وقد مات على الشرك والكفر حتى قال لابنته إن أباك كان يحب مكارم الأخلاق وأبوها كان يفعل ماذا كان كريما وشاع عنه كرمه إنما كان يفعل هذا من أجل أن الكرم صفة طيبة يمدح من أجلها الناس والشح بخلاف ذلك ولذلك فمن أسمائه تعالى الكريم لكن ليس هناك من أسماؤه
الممسك ولا البخيل، حاشا لله جل وجه الله، فهو الكريم وذلك أنه لا يخشى الإنفاق وذلك لأنه يقول للشيء كن فيكون وذلك لأنه الملك على الحقيقة. إذن فكلمة فإذا تعني لو أنكم قد ملكتم نصيبا من الملك وجعل لكم الأمر فيه لأمسكتم خشية الإنفاق ولانقلب عليكم ما فيكم من الشح إنما الذي هو أجدر أن يكون الأمر بيده هو من ليس عنده شح وليس انعدام الشح عنده من قبيل ما هو ممكن أن يكون انعدام الشح عندنا نحن
من قبيل سبحان الله لو لم تعد بخيلا خمسة في المائة تصبح مسرفا لكن هو لا يوصف بأنه مسرف لماذا ما هو ما ليس فيه بخل لماذا لأنه قادر لأنه ملك على الحقيقة قادر فيقول للشيء كن فيكون وملك لأن هو الملك على الحقيقة يعطي من يشاء ويمنع من يشاء ولذلك لم يناسبه البخل ولم يناسبه أن يوصف بالإسراف ولم يناسبه أن يوصف بالإمساك ولم يناسبه سبحانه وتعالى إلا كما لنا نفسه ليعلمنا من نعبد إلها كريما قادرا مالكا محييا مميتا سبحانه وتعالى جل وجه الله الأسماء الحسنى هذه والأسماء التي موجودة في القرآن والسنة
مهمة لأنها تعلمك من تعبد وأيضا تعلمك من أنت لكي تخشى قليلا فأنت البخل عندك وعلى فكرة البخل هذا يمكن أن يكون جيدا أيضا قبلك ولكن يجب أن يكون في إطار ما خلقه الله فيه تحيطه ومن يوق شح نفسه فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ما النقير هذا؟ النقير هذا يقول لك عندما تأكل التمرة قم في جوفها نواة والنواة عندما تمسكها تجد فيها يعني أخدودا هكذا النواة فيها أخدود الأخدود هذا هو النقير ليس
النواة بحالها ولا التمرة بحالها بل حتى النقير هذا لن تعطيه لأحد فالنقير الذي هو القطعة التي في النواة الصغيرة هذه والنقير هذا تجد فيه غلالة بيضاء صغيرة هكذا هي خارجة منها فيقول لك هذه الشروة ويصبح اسمها شروة نقير ويقول لك والله لا أعطيك شروة نقير شروة النقير التي هي شيء تافه جدا حتى أن الإنسان لا ينتبه إليها، ولو أن كل البلحة بنواتها قوام هذه تبتلع ولا تظهر شروة النقير هذه، فالنقير وشروى النقير تبقى وقعتنا بيضة لأنه يقول لك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا، هذا ليس نواة وليس بلحا، هذا نقير، فاللهم قنا
شحا أنفسنا واجعلنا من الكرماء وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته