سورة النساء | حـ 679 | 54 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول الله سبحانه وتعالى: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما. إذا رزق الله سبحانه وتعالى آل إبراهيم وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو من آل إبراهيم، رزقهم الكتابة مرة بالإنزال كما أنزل التوراة والزبور والإنجيل والقرآن، مرة بالفهم وإدراك الأسرار والحكم والأحكام
كما كان شأن الأنبياء والحكمة. يبقى رقم واحد الكتاب ورقم اثنان الحكمة، الكتاب هو النص وهذا النص يأمرنا الله سبحانه وتعالى أن يكون في واقعنا، والحكمة هي أن يكون لدينا القدرة على كيفية تطبيق ذلك النص على الواقع يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة
فقد أوتي خيرا كثيرا يبقى إذن في نص وهذا النص معنا أول هدف فيه أن نؤمن به وثاني هدف أن نسلم له وثالث هدف أن ننفذه وأن نطبقه في حياتنا حسنا آمنا وصدقنا وسلمنا له فلم نجد في قلوبنا حرجا مما يقضي علينا وسلمنا تسليما فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما
يرفعون أيديهم هكذا سلمنا نحن راضون حتى قال بعض العلماء إن هذا حقيقة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال تعالى إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وهنا فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما تبقى الآيتان فلما نأتي لنقارن بينهما تبقى الصلاة على النبي معناها في الواقع إن ترضى بما حكم الله ورسوله فيك فإن الصلاة لها حقيقة قولية ولها حقيقة فعلية لم
تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون فإنه لا بد أن يتوافق القول مع حقيقة العمل إذن فالحكمة هي كيف تطبق ما آمنت به من الكتاب ما نطبقه انتهى قال تماما، إذا طبقته انتهى تذهب مقاصده ويختل الأمر ونصل إلى عكس مقصود الله ومراده من خلقه، فتكون هذه حكمة، فلو أنك
قد أوتيت الكتاب دون الحكمة لم تكن صالحا للتطبيق، وهذه قد نجدها في بعض العلماء الذين حبسوا أنفسهم بين كتبهم وحفظوها وفهموها وأدركوا معانيها إلا أنهم لم يدركوا الواقع وابتعدوا عنه تماما لما نأتي به ونخرجه من صومعته ومن برجه العاجي الذي عزل نفسه عن الناس فيه وأردنا أن نمسك بيده التطبيق فإنه يفسد أكثر مما يصلح سيطبق ما في الكتاب في حين أن الواقع ليس كما هو في الكتاب فتبقى إذن هذه كبرى وبلية عظمى
نعيشها في عصرنا الحاضر أن من قرأ وفهم يجب أن يضيف إلى ذلك قضية الحكمة التي تؤتى بالخير كله وبالخير الكثير وذلك بأن يفهم الواقع ومقاصده فإذا لم يفعل فإنه يضل أكثر مما يهدي ويفسد أكثر مما يصلح وينتبه إلى هذا الإمام القرافي فيذكر في القاعدة السادسة والثلاثين من كتابه الأحكام أو في الفائدة في تمييز الفتاوى عن الأحكام يذكر هذا وينبه
العلماء إلى أنهم لا يجب عليهم إلا أن يذهبوا إلى الكتب ثم يطبقونها في واقع مختلف ويعتبر أن هذا من الضلال المبين ونرى سيدنا عيسى جاء فوجد الرجم في التوراة الرجم من شريعة الله إزاء يجب أن نسلم له هذا التسليم فما فائدته؟ فائدته أن هذه كبيرة من الكبائر، هذه مصيبة من المصائب، هذه قاذورات يجب القضاء عليها ولكنها تقع نعم هي تقع ولكن يجب علينا أن ننكر بشدة عندما نقول إن الذي يزني وهو محصن له الرجم أي إذا
كانت هذه تحدث في النفس كبيرة وإنها خطيرة ولا تحدث استهانة وماذا يعني ألا يحدث شيء إذا كانت هذه مهمة أن تقول هذه فيها الرجل طيب فأتوا بامرأة يريدون أن يرجموها طبقا للكتاب لا يوجد خطأ ولكن سيدنا عيسى الذي يعلمنا والذي يوضح لنا هذا الكلام أنه قد أوتي الحكمة يقول من كان منكم خطيئة فليرمها بحجر، يعني إذا كان هناك شروط للراجمين أن يكون نقيا من الخطيئة، ما هذا الشرط الصعب؟ نحن
نريد أن نرجم ونرى دما، لا هذا هو الله فعل ذلك لأنه أراد أن يعرف الناس أن هذه كبيرة وأنها تغضب الله، ليس من أجل أن يعني الدم هذا الله رؤوف، ابتعدوا عن الفساد، أي لا تطبقوها، بل ليكن فيكم أناس بلا خطيئة، وعندما تصلون إلى هذه الدرجة أحضروا هذه المرأة وارجموها بالحجارة، فأحجم الناس جميعهم لأنه ذكرهم بالشرط. هكذا فعل عمر بن الخطاب حينما أوقف الحدود في عام الرمادة لعدم توفر شروطها، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وإلى لقاء آخر. نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته