سورة النساء | حـ 682 | 56 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يحذر الناس من الكفر، يحذرهم من الكفر بآياته في كتابه المسطور الذي أنزله وحيا على أنبيائه وعلى خاتمهم صلى الله عليه وآله وسلم. سيدنا محمد ويحذرهم من أن يكفروا بآياته التي أظهرها في كونه ليرى كل أحد دلائل وحدانية الله وعظمته في كل شيء وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد يحذرنا لأن هذا هو مفتاح منهج الله بعد ذلك وأبدا إن الذين كفروا بآياتنا
يعني سواء في الكتاب المسطور أو المنظور سوف نصليهم نارا كلما وكلما كلمة في اللغة العربية تفيد التكرار كلما يعني مرة بعد مرة بعد مرة نضجت جلودهم إذا كلمة نضجت ترشح أنها نار حقيقية يعني لا يأتي أحد من الناس ويقول لعلها أن تكون نارا مجازية تعذب الأرواح وإنما كلمة نضجت جلودهم هذا أمر لا يكون إلا في المحسوس وهنا
يتحدث أهل البلاغة عن كلمة الترشيح، يعني أن هذا يؤكد ذلك، كلمة نضجت تؤكد أن النار نار حقيقية وليست مجازا وليست تختص بالأرواح دون الأجساد، نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم، إذ طبيعة الجلد مع النار أن يصل إلى حد يكون قد تآكل فيه نضجا وتفكك. أنسجتهم بدلناهم جنودا غيرها عندما
يصل الإنسان إلى قريب من الضمور وقريب من الاحتراق التام ينتهي حسه فينشئه خلقا آخر ويبدأ معه عذابا آخر لماذا؟ لأنه ينشئ الذنب مكررا يعني الواحد يعمل الذنب، هذا عارض لا يبقى زمنين انتهى عملت الذنب وانتهى اسكت الآن ادخل في الطاعة لا، إنه يرتكب الذنب مرة أخرى، حسنا لقد ارتكبناه مرة ثانية وهذا كاف، لكنه يرتكبه مرة ثالثة ويقيم على الذنب، وكلما أقام على
الذنب كلما تكرر ذلك الذنب، فوافق ذلك أن يتكرر العقاب "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب"، هذا المظهر والحقيقة والآيات البينات بعض الناس يفصلونها فصلا مجمل القرآن الكريم وبعد ذلك يقول يا أخي أنتم لماذا تشددون هكذا كثيرا فكلنا نخطئ ونذنب وهكذا يعني هكذا هو نار ونصلاها وبعد ذلك يأتي الجلد ينضج ثم لا يتركنا يصنع لنا جلدا آخر لكي يعذبنا مرة أخرى
نعم ذلك يخوف الله به عباده يا عبادي فاتقون هذا للتخويف وهو ليس الأمر أنه خلقك ليعذبك، بل هو خلقك ليرحمك أصلا، أنت الذي لا ترضى أن ترحم نفسك. هو يقول بسم الله الرحمن الرحيم، لماذا تنساها؟ هذه وضعها في أول كل سورة، لم يضعها مرة واحدة في القرآن، بل في بداية كل سورة تقول بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله الرحمن الله الرحمن الرحيم ستنساها هذه وعندما تتجلى عليك تتجلى برحمتين لا برحمة واحدة فعندما نقرأ
آيات العذاب إنما نقرؤها في حالة المعصية أن الذين كفروا بآياتنا ليس بآية واحدة بل بآيات كثيرة ليس كفرا وتاب بل كفر واستمر سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما مع كونه سبحانه وتعالى كان رؤوفا رحيما وكان عفوا غفورا لكنه أيضا عزيز حكيم لو لم يخوف الله العباد لبغوا في الأرض وأفسدوا وطغوا ولتسلط
أناس مع نسيانهم ذكر الله على أناس آخرين وتسلط القوي على الضعيف والغني على الفقير والحاكم على المحكوم ولا نجد ما نخوفه به فلما نزلت هذه الآيات لا ينطبع عند أحد من الناس إذ أخذها فآمن بها ولم يؤمن بسواها أن هذا دين عنف ودين قهر ودين بعيد عن الإنسانية وهذه التهم التي تذكر بالرغم من أن الله حذرنا من ذلك فقال أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فماذا قال بعض هناك من يؤمن بالترغيب دون الترهيب، وهناك من يؤمن بالترهيب دون الترغيب. أفتؤمنون
ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا، ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب، وما الله بغافل عما تعملون. فلا بد إذن من قراءة آيات العذاب مع آيات الرحمة، ولا لا بد أن نضع الأمور في نصابها وهذه الآيات إنما أنزلت من أجل تخويف الفاسقين والعاصين والكافرين حتى يرجعوا إلى أمر الله سبحانه وتعالى وعلى الرغم من ذلك فإننا نرى وإلى يومنا هذا أن الناس فيهم الفساد ظهر الفساد في البر والبحر إذا فهذا كتاب قد توازن في ترهيبه مع ترغيبا
نبئ عبادي أنني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته