سورة النساء | حـ 684 | 58 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول الله سبحانه وتعالى وهو يعلمنا مقتضيات الاجتماع البشري في مجتمع رباني إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها يقرر
لنا أسسا لكل العلاقات ويتحدث كما عودنا القرآن الكريم بطريقة القاعدة الكلية التي تشتمل على صور وجزئيات كثيرة، ما الأمانة؟ الأمانة قد تكون وديعة أودعها إنسان عندك، وقد يكون هذا الإنسان مؤمنا وقد يكون غير مؤمن، قد يكون صديقا وقد يكون عدوا، قد يكون صاحب حق عندك وقد يكون أنت صاحب حق عنده وأطلقه، وقد تكون ليست الأمانة وديعة إنما تكون سرا قد
وكلت به من أي إنسان كان، فهناك أسرار للمهنة، أسرار للطب، أسرار للقضاء، أسرار للإفتاء، أسرار في التعليم، أسرار وهكذا. فمن أتى إليك وأنت طبيب فلا تكشف سره ولا مرضه لأحد، ومن استفتاك عن مسألة فلا تجلس تحدث الناس بما يستفتيك فيه هذا الإنسان حالة حتى لو أنه قال أنت لا تقول، حتى لو أنه أذاع أنت لا تذيع، أمانة. ولذلك قالوا المجالس بالأمانات، فإذا ذكر عندك شخص شخصا آخر بكلام سيء فلا
تنقله لأن هذه أمانة. حتى أنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك في الاجتماع البشري وهو أن الإنسان لو اغتسل ميتا فإنه يجب عليه ألا يتحدث بما رآه في هذا الغسل، أي أن هذه قطعة إنسانية لطيفة جدا ولكنها أيضا تدخل في الأمانات، إذ إن الأمانة قد تعظم حتى تكون من أمانات الأمة وقد تكون على مستوى فردي لشخص قد مات، هو قد لا يتأثر في حياته الدنيا ولكن أنت أمام ربك وأمام الناس إنك لم تقدر أن تصون السر أو أن تصون الأمانة أو أن تؤدي الأمانة إلى أهلها فكلمة
أمانة كلمة واسعة أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نحافظ على الأمانات وضد الأمانة الخيانة والعياذ بالله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها العامل الذي لا يتقن صنعته هو خائن لا يؤدي الأمانة إلى أهلها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول المستشار مؤتمن، فإذا استشارك أحدهم ولم تكن قادرا على الاستشارة فلتعتذر، فإذا أنت دللته دلالة غير صحيحة فأنت مؤتمن على هذا وتكون قد خنت الأمانة إذا ما قصرت فيها، حتى أنهم عدوا من الأمانات المسترشد لك. في الطريق أي أن أحدهم يسألك عن مكان
عنوان معين فإن كنت لا تعرف فقل لا أعرف أما أن تقول له نعم امش هكذا مباشرة حتى تجد عمارة تنعطف من عند بائع الفول وهكذا وتظل تتيه فهذه خيانة للأمانة يتغنى بها الناس ولا يلتفتون إلى هذا المعنى أنه هكذا قد خانه إنما سخر منه وضحك عليه وضحك الناس من هذه الفكاهة من العمدة عند صلاح جاهين في أوبريت الليلة الكبيرة فيبقى ما لا ينفع الكلام ما نحن هنا عكس ذلك يقول إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها حتى دلالة الطريق عدها رسول الله صلى الله وسلم من الخير ومن الصدقة قال ترشد ضالا
في الحديث الطويل الذي هو فإن لم يكن في صاحبي خير يا رسول الله قال سبحان الله أما في صاحبك من خير فليرشد ضالا حتى قال له كف أذاك عن الناس فكف الأذى عن الناس من أداء الأمانة إلى أهلها فالأمانة تبدأ بأمانة تحمل مسؤولية قضايا الأمة وتنتهي بإماطة الأذى عن طريق الناس وإماطة الأذى عن طريق الناس من شعب الإيمان إن الله يأمركم أمر صريح هو حتى ليس فعل أمر يستفاد منه الوجوب من عدمه وكذلك والآخرة وهو يستفاد منه الوجوب أو يستفاد منه الندب أبدا هذا يأمركم أن تؤدوا الأمانات ليست الأمانة الوحيدة، بل الأمانات كلها يجب
أن تكون أمينا فيها، وهكذا كانت صفة رسول الله، كانت صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمانة، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، فيكون الأول الأمانة والثاني العدل، ومع من إذن؟ وإذا حكمتم بين الذين آمنوا فلا وإذا حكمتم بين الناس أبدا هذا بين الناس يبقى إذا أقر مبدأ العدالة مع العالمين ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى إذا هذا المسلم هذا يطمئن إليه الناس لأنه أمين حتى مع غير المسلمين ولأنه عادل حتى مع غير المسلمين
الإسلام علمنا أن نكون هكذا نكون بحيث يطمئن إلينا الناس عندما ننزل وهكذا الذي حدث عندما نزل المسلمون في شرق آسيا وفي أفريقيا وفي أوروبا نزلوا فاطمأن إليهم الناس فأسلموا ودخلوا في دين الله أفواجا من التجار الذين اتصفوا بالصدق والأمانة والعدل والله لو أن فاطمة بنت محمد قد سرقت لقطع محمد يدها عليها السلام بين الناس
أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به أي يا للروعة لو عرفتم بماذا يعظكم هذه موعظة جليلة أنزلوها منزلتها لأنها هي التي سوف تفتح عليكم العالم وسوف تحسن علاقاتكم بالآخرين إن الله كان سميعا بصيرا فاللهم اجعلنا من الأمناء العادلين يا رب العالمين ومكن لنا في الأرض على هذا حتى نبلغ عنك دينك ولا نكون حجابا بينك وبين خلقك، فاللهم اغفر لنا، اللهم اغفر لنا، اللهم اغفر لنا، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.