سورة النساء | حـ 691 | 61 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: "وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا، وإذا قيل لهم تعالوا" بعد النزاع والمخالفة يقول المؤمن للناس أجمعين تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله يقول المؤمن للناس أجمعين تعالوا إلى ما
أنزل الله وإلى الرسول وهناك طائفة من الخلق لم يطلعوا اطلاع إيمان على ما أراده الله ولم يطلعوا اطلاع إيمان على ما أرشده إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك فإنهم يرفضون هذه الدعوة رفضا تاما، مرة بالتصريح ومرة بالتلميح، مرة بالكلام ومرة بالفعل، وحينئذ فإنهم يقعون في تناقض، ولذلك
قال العامة في أمثالهم وهم يبينون تلك الحيرة: أسمع كلامك فأصدقك، أرى أعمالك فأستغفر الله وأتعجب، هل أنت أم لست مؤمنا بأنه يأبى أن تصفه إلا بالإيمان، حسنا، أنت مؤمن وقد صدقناك، ونحن لا نصدق أن نجد شخصا مؤمنا، تعال إذن إلى الله وإلى الرسول، يقول لك لا، وهذا تارة صريح وتارة تلميح، تارة بالقول وتارة بالفعل، لكن لا، وهذا الرفض إنما هو رفض حقيقي، ما الفرق؟ بين الرفض الحقيقي والرفض
غير الحقيقي، الرفض غير الحقيقي يأتي مثلا من الكسل، ربما كسلا لا يريدون، لا يريدون أن يرجعوا إلى الله ورسوله لأنهم لا يريدون أن يعملوا أي شيء. لا، الرفض الحقيقي رفض للمبدأ ورفض للحكم ورفض للرجوع ورفض للتكليف ورفض لأن يكونوا مندرجين تحت كلمة الله بوعي هم يعرفون ما الذي يفعلونه ويعرفون كيف يرفضون وعندما يرفضون، هذه الحالة حالة الرفض التام، حالة الرفض الحقيقي هي التي سماها ربنا يصدنا، أنه لا
يرفض فحسب، بل يرفض كذلك أن ترجع أنت إلى الله والرسول، هذا هو الصد، ولذلك فهو يتخذ جميع الإجراءات لكي يعطلك عن تنفيذ مراد الله ورسوله في الكون رأيت المنافقين وليس الكفار، لا يفعلون هذا، كفار أحيانا يتركونك تفعل ما تفعله وتأخذ تجربتك، أنت مؤمن بالله ومؤمن برسوله، حسنا انظر إلى حالك أنت حر، لكن المنافق الذي في الوجه يؤمن وفي الباطن يكفر يرفض
ويصد، يصدون عن سبيل الله، حسنا يصدون عنك وانتهى الأمر؟ قال ما هو صدودا؟ قال العلماء أنه إذا أتى بالمفعول المطلق، ما هو المفعول المطلق هذا الذي هو المصدر الذي هو ضربت ضربا، أكلت أكلا، شربت شربا، المصدر الذي يأتي من نفس الفعل إما من ذاته وإما من معناه، جلست قعودا، جلست جلوسا، فيكون من لفظه جلست قعودا وقعدت جلوسا، من معناه هذا مفعول يسمونه المفعول المطلق والمفعول
المطلق هذا فيه ماذا قال فيه تأكيد أين التأكيد قال ما هو إلا أن الفعل يشتمل على مصدر مرتبط بزمن هو المصدر هو عبارة عن ماذا حدث صرف أكل شرب نوم نام نوما فنام هذه وأكل وشرب فيها النوم والشرب والأكل إذن الصد صد صدودا فالصد الأولى تعني فعل الصد والصد الثانية صدودا تعني صد فيبقى كأنه قال ماذا فعل نوما فعل أكلا فعل شربا فعل صدا
صد كأنه هكذا حسنا والعرب عندما تكرر الشيء مرتين فيبقى تريد ماذا التأكيد فيبقى المفعول المطلق فيه تأكيد لأن الحدث مرة ذكر مع الفعل في ضمن الفعل ومرة ذكر وحده يصبح تكرارا مرتين مرة في الظن ومرة بالصريح المريح فيصبح المفعول المطلق يفيد التأكيد لأن فيه تكراره والتأكيد هذا يفيد ماذا قال يفيد الحقيقة وليس المجاز لا يصلح استعمال المفعول المطلق في المجاز يقولون هكذا فيصبح كلم الله موسى تكليما فيصبح كلاما حقيقي
لأنه لو لم يكن حقيقيا لما قال أي تكليم يبقى التكليم هذا كلم الله موسى حقيقية وما الذي جعله حقيقية جاء بها من أين من تكليمه يبقى إذن المفعول المطلق يفيد التأكيد وهذا التأكيد يفيد الحقيقة يبقى الصد الخاص بهم صد حقيقي أم صد مجازي حقيقي ومعنى الصد الحقيقي متمكن صدود شديد صدود من كل الجهات صدود مبني على وعي صدود لم يكن ناتجا عن كسل ولا عن ضعف ولا عن هذا بل عن عقيدة رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا فاللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون
أحسنه وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته