سورة النساء | حـ 699 | 66-67 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول الله سبحانه وتعالى "ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا". هذا في الدنيا، أي أن الإنسان إذا التزم بشرع الله وجد نفسه في زيادة مطردة يوما بعد يوم على جميع المستويات، على مستوى النفس إن كان فردا أو على مستوى الجماعة إن كانت جماعة تريد أن تلتزم بمنهج الله أو على مستوى الأمة. الجماعة
منها جماعة الأسرة، ومنها جماعة العمل، ومنها جماعة المسجد، ومنها جماعة الحي، ومنها الجيرة وهكذا. لكن الأمة لو التزمت بمنهج الله لن أجد خيرا وقد كان، وأرى أن الله سبحانه وتعالى يلزم الأفراد مع وجود الفساد، فأبو نعيم الأصفهاني وهو يؤلف حلية الأولياء وفي العصر نفسه أو يكاد يؤلف الأصفهاني الأغاني، يذكر الأول لو قرأته وكان الناس جميعا صاروا من الملائكة الكرام، ويذكر الثاني المجون والفجور بحيث تظن أن قد ذهب وذهب الصالحون فيه والأمر
ليس كذلك والله أعلم بما هنالك فإن من الخلق من هو من الصالحين ومنهم من هو من الماجنين ومنهم من خلط عملا صالحا بآخر سيئ حتى إن الإمام الشافعي يقول عن أبي نواس وكان ماجنا محبا للفجور والخمر لولا مجونه لرويت عنه لماذا لأنه كان عالما متمكنا من اللغة ومن أشعار العرب، لكن الله قدر عليه ما قدر، لم يكفره ولكن أبى أن يروي عنه بمزيد التوثيق، غلبته نفسه فأنزله منزلته واعترف بعلمه مع إيقاف الروايات
عنه لأن الأمر دين، فرضي الله عن علمائنا الأكابر الأجلاء الذين علمونا الصبر على المخالفين وأن الصبر من شيم الأتقياء الصالحين وليس الخروج عن الصبر إلا من شيم الفاسدين، ولذلك فمن الواجب على العلماء أن يصبروا على الناس لا على سبيل التكبر والتميز وإنما على سبيل التخلق بما أراد الله أن يكون أخلاقا للمؤمنين، ولو أنهم فعلوا ما يعظون به لكان خيرا لهم على جميع المستويات فرديا وجماعيا. جماعة
أمته وأشد تثبيتا كان خيرا لهم في حاضرهم وكان خيرا لهم في مستقبلهم، لأن الثابت الباقي شيء لما يبقى ثابتا يبقى دائما خيرا لي، نعم خيرا لي الآن طيب وغدا ما هو ثابت أشد تثبيتا يبقى يتكلم عن الحاضر وعن المستقبل، طيب هذه دنيا وفي الآخرة وإذا لآتيناهم من لدينا أجرا عظيما، فهل تعتقد والله أن سيدنا محمد يعرف أن يكتب هذا الكلام؟ والله إنه لا يعرف أن يكتب هذا الكلام، فالأحاديث التي لدينا منه ليس
فيها هذا الجزء المحكم مثل هذا، إعجاز من الله، هذا كلام الله يا إخواننا، فهل يعرف أن يكتب هكذا ويقول هكذا ولو أنهم إذا فعلوا ما يعظون به لكان خيرا لهم أي في الحاضر وأشد تثبيتا أي في المستقبل ثم هذه الدنيا فيأتي ليقول وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما أي في الآخرة ما هذا ذهنه متقد وهذا الكلام نزل في ثلاث وعشرين سنة وهذا يحتاج إلى ثلاثمائة سنة حتى ما هذا نحن جالسون نفكر فيه حتى الآن ثلاثمائة من هذا ألف وأربعمائة ونحن جالسون نقول ولا يريد أن ينتهي ولن ينتهي لا ليس ثلاثمائة بعد هذا لأن تنشئ شيئا مثل هذا فإنك تحتاج
إلى أضعاف ما تتصور وهكذا تجد أن القرآن أبدا أكبر من كل فقه وفكر الله يكون ليس من كلام البشر لأن البشر فكره أكبر من كلامه، لكن هذا تكلم فإذا بالكلام أكبر من الفكر. ما هذا إذن؟ هذا عكس كلام البشر، عكس كلام البشر. تجد الإنسان فكره عندما يأتي ليعبر عنه يقول لك ما معناه قصدي والله. فما كانت العبارة الأولى إذن؟ أي لم يوجد الذي يفكر كثيرا، أي أن فكرك أكبر منها، نعم، فماذا تعني؟ أي قصدي أن أقول ويقول مرة أخرى ويقول لك أي يشرح لك هذه
الحكاية ويقول مرة ثالثة، فالفكر يظل أكبر من الكلام، ولكن هذا صار كلاما، فإذا بالكلام تتزايد معانيه كل يوم ولا يريد أن ينتهي شيء نعم هذا يكون ليس من البشر إذن هذا ممن خلق البشر جل جلاله الله نعم وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما حسنا قال من لدنا لماذا لكي يبين لك قيمة العظمة من الذي سيجازي إذن قال لا لن يجازيك إلا الله نعم هذه حاجة مفتوحة إذن شيء لا نهاية لها ولا يتصورها قلب بشر، قوم يطمئنونك أكثر وأكثر، قوم
يدفعونك إلى الالتزام بمنهج الله، فاللهم يا ربنا احشرنا واجعلنا من الملتزمين بمنهجك وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين ومن الصادقين يا رب العالمين، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة السلام عليكم