سورة النساء | حـ 702 | 69 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 702 | 69 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى: "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين". إذن في هذه الآية يتبين لنا من الذين أنعم عليهم فقد أنعم الله سبحانه وتعالى على النبيين بتدعو في الفاتحة وتقول اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم من هؤلاء الذين أنعم الله عليهم الذين أنعم الله عليهم من النبيين والأنبياء
مقربون عند الله في تصور وعقيدة المسلمين بخلاف ذكر الأنبياء عند غير المسلمين فالأنبياء عند غير المسلمين يعصون ربهم وعند غير المسلمين يرتكبون حتى الكبائر، وعند غير المسلمين نسبوا إليهم الفظائع. أما عند المسلمين فإن كلمة نبي لها القدسية والطهر في الظاهر والباطن ولها العصمة، وهم جميعا إخوة نعتقد فيهم ما نعتقد في النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى
الله عليه وسلم من أنه منزه عن الخطأ وعن الفحشاء. وعن المنكر وأنه موصوف بالفطانة والذكاء والطهر وسلامة الأعراق والأخلاق، هذا في شأن نبينا وفي سائر الأنبياء وفي سائر الأنبياء لا نفرق بين أحد منهم وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. يتعجب غير المسلمين من المسلمين في هذا الحال لأنهم نشؤوا وتربوا على أن الأنبياء يفعلون المعاصي ويرتكبون الآثام. ويكذبون ويفسدون ومصيرهم
كيف هذا قرآننا جاء ليصحح أفكارا وأخطاء وقع فيها السابقون ومنها اتهام الأنبياء الكرام بما ليس فيهم وهنا يبين لنا الله سبحانه وتعالى أن هؤلاء هم الصحبة الطيبة والصحبة الطيبة من النبيين إذا فهم صحبة نفتخر أن ننتمي إليهم وأن نجلس معهم بل إن من نعيم الله علينا أن نسمح بالجلوس معهم والمرء على دين خليله فلينظر
أحدكم من يخالل، من جليسك؟ فإذا كان جليسك من الصالحين فذلك مجلس حسن، أما إذا كان من الأشرار فاللهم سلم والصديقين والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ولا يزال الرجل يصدق ويصدق حتى يكتب عند الله صديقا، الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة، ولا يزال أحدهم يكذب ويكذب حتى يكتب عند الله كذابا، والكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار. إذن
القضية في تحريم الكذب ووجوب الصدق ليست قضية سطحية، هذه قضية عميقة بالغة العمق، بالغة العمق عندما نقول للناس الكذب حرام وهذا معروف معلوم عند الكافة ولم نر دينا من الأديان يبيح الكذب أبدا ولم نر أحدا يتكلم في الأخلاق والقيم وينهى عن الصدق أبدا ولكن درجة كثيرة من الناس على الكذب والإصرار
على الكذب وعلى الكذب والإصرار على التلبيس بين الكذب والحق يقول لك إنه نحن لدينا ثلاث درجات للكلام: كلام أسود وهو الكذب كله، وكلام أبيض وهو الصدق كله، وكلام مختلط بينهما. أكثر الكلام خطورة هو الذي اختلط فيه الصدق بالكذب، لأنك عندما تسمع الكذب المحض تكتشف أن قائله كاذب، ولذلك قالوا في أمثالنا الشعبية: الكذب ليس له أرجل، أي أنه سينكشف. وإذا كنت كاذبا فكن اليوم وتنسى أنك كذبت وغدا تقول الكذب كل
هذا لماذا لأن الكذب ليس له أرجل هو الكلام الأسود الذي هو كله كذب سهل كشفه سهل والكلام الأبيض لا يأتي منه إلا الخير فإن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة المصيبة إذن لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ما هي صفة أيضا من الصفات البشرية التي اعتاد عليها بعضهم أن يصروا على الكذب وأن يخلطوه بالحق، أمر متعب أنك أنت لا تعرف الذي أمامك أيضحك عليك ويكذب أم يقول الصدق، هذا نوع من أنواع العذاب، ولذلك كان الجلوس مع الصادقين نوعا من
أنواع النعيم، ومن هنا فإن الجلوس مع الطيبين يعني ماذا حقا يصلح لأن يكون جزاء لمن أطاع الله وأطاع الرسول، لن أريك وجوه الكاذبين، يا سبحان الله يا رب، والشهداء الذين يدخلون الجنة من غير حساب جادوا بأنفسهم لأنهم عرفوا حقيقة الدنيا والآخرة وأن الدنيا إنما هي قنطرة الآخرة، والصالحون الذين أطاعوا والذين صلحت أعمالهم، فأصبح الجزاء هنا إذن، وحسن أولئك رفيقا. وقف عندها إذن هكذا وفكر، وحسن أولئك رفيقا. وطبعا وإلى
لقاء آخر، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.