سورة النساء | حـ 712 | 79 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 712 | 79 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء، والله سبحانه وتعالى يعلمنا حقائق النفس البشرية وقواعد الاجتماع البشري وكيفية التعامل مع النفس، مع الأكوان، مع الرحمن سبحانه وتعالى، ويربط كل ذلك بالعقيدة فيقول ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك إذا يتقرر
من ذلك أننا لا ننسب إلى الله سبحانه وتعالى الشر على سبيل الأدب وإنما ننسب إليه الخير وفي تلبية الحج نقول لبيك وسعديك والخير كله بيديك والشر ليس إليك والرغباء إليك لبيك اللهم لبيك وكان ابن مسعود يختار هذه التلبية ويلبي بها في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى وفيها إقرار بهذا الأدب ومعروف أن الله هو الذي خلق الخير والشر ولكن
مع أنه هو الخالق للخير والشر إلا أننا ننسب إليه الخير ولا ننسب إليه الشر أدبا وليس خلقا قل كل من عند الله الخير والشر من عند الله والهداية والإضلال من عند الله والإيمان وخلق الإيمان وخلق الكفر من عند الله وهذه يسمونها بالإرادة الكونية ولكن هناك أيضا إرادة شرعية أمرنا فيها بالمعروف ونهانا عن المنكر فأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام والحج ونهانا عن الزنا والخنا والربا والفواحش والكذب وشرب الخمر وشهادة الزور فنهانا وأمرنا
سبحانه وتعالى وهذه إرادة شرعية ويؤخذ من هذه الآية أيضا بالإضافة إلى العقيدة وبالإضافة إلى الأدب يؤخذ منها اعتبار الأسباب فالإنسان وبسبب عصيانه وبسبب تصرفاته الخاطئة المخطئة هو الذي يظلم نفسه ويجلب المصائب عليها فإن الله لما رسم لنا الطريق وشرح لنا الأمر إنما أراد لنا سعادة الدارين فعند المخالفة تأتي المصائب وإن كانت المصائب من خلق الله إلا
أنها بمباشرة أسباب قد نهينا عنها فإذا الأسباب معتبرة وما أصابك من سيئة فمن نفسك أنت السبب طيب من الذي خلق السبب الله ومن الذي قدر لي السبب الله ومن الذي قدر ما بين السبب والمصيبة الله خلقنا لكن لا يجب علينا مع هذه العقيدة أن نلغي الأسباب وأن يجلس أحدنا في بيته ينتظر أن تمطر عليه السماء ذهبا أو فضة، بل لا بد من الأخذ بالأسباب، وليس أن يجلس المريض دون دواء طالبا من الله الشفاء،
بل لا بد أن يأخذ بالأسباب وبعد أن يتناول الدواء يقول يا رب اشفني ويؤخذ من هذا أيضا أن الاعتماد على الأسباب ممنوع، إذ اعتبار الأسباب مطلوب والاعتماد عليها ممنوع، حتى قالوا إن الاعتماد على الأسباب شرك وترك الأسباب جهل، وليس من سنن النبيين وأرسلناك للناس رسولا وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا، وأرسلناك تجمع العقائد
الثلاث لا إله إلا الله لأنه يتكلم من عزته وجبروته وعظمته سبحانه وتعالى فيعبر بتعبير القوة والجمع وأرسلناك ويعبر بتعبير التحقيق الماضي وأرسلناك ولكنه ينسب الإرسال إلى الرسول ويضيفه إليه وأرسلنا رسولا لا وأرسلناك أنت يبقى تكلم عن الماضي الله والحاضر رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله تقول لي من الذي خلقك أقول له الله وأنت ماض الآن كيف أقول له اتبع رسول الله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة هاهو وأرسلناك إلى الناس وهنا تأتي المسألة الثالثة التي تميز بها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أن النبي كان يرسل إلى قومه خاصة وأرسلت إلى الناس كافة وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وأرسلناك للناس ليس للعرب ليس لأهل مكة إذن فهذه شريعة قد تجاوزت الزمان والمكان والأشخاص والأحوال رسولا
وكفى بالله شهيدا أي تجاوزت كل الأدلة ما الدليل على أن الرسول رسول المعجزات التي جرت معجزة الرسول والمعجزة الباقية معجزة الرسالة القرآن الكريم وهذا يقتضي الأمر الثالث وهو الإيمان باليوم الآخر وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته