سورة النساء | حـ 726 | 91 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة النساء | حـ 726 | 91 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله محمد بن عبد الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو ينظم شيئا من العلاقات الدولية في الاجتماع البشري وأساسا من أسس القانون الدولي الذي لا بد أن يتحكم في القوانين الداخلية حتى تتسق الجماعة البشرية كلها في نسق واحد، ومعلوم أن أول من وضع القانون الدولي هو محمد بن الحسن الشيباني في كتابه المسمى السير الكبير، ذكر فيه أحكاما كانت
فيما بعد أساسا لهذا القانون، إلا أنه قد أغفل ذكره على عادة الناس في إغفال جهود المسلمين عبر التاريخ القرون في سائر العلوم والمسلمون صابرون على ما أصابهم من إنكار من الناس، فقد أنكروا الله سبحانه وتعالى وما قدروا الله حق قدره، فمن المعقول أن ينكروا أيضا المسلمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون، سيغنينا الله من فضله ورسوله، يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يضع لنا أسس تلك العلاقات. ستجدون آخرين يودون أن
يأمنوكم ويأمنوا قومهم جماعة من الناس تعيش في دول أخرى غير الدول الإسلامية يريدون ألا يعتدوا علينا ويريدون ألا يرفعوا ضدنا السلاح ويريدون أن يأمنوكم وفي الوقت نفسه لا يستطيعون بطبيعة الحال أن يخرجوا على أوطانهم ولا أن يثوروا على أقوامهم فإن البلاد هذه البلاد التي يعيشون فيها أصلا ليست بلادا مسلمة ولا تريد ولا
تعرف عن الإسلام شيئا وهو ولد هناك فوجد نفسه وسط قومه إلا أنه آمن بالله ورسوله ودخل الإسلام أو كان أبوه مسلما فانتسب إلى الإسلام ولما قرأ فيه وآمن به واقتنع بمبادئه وأحكامه فإنه يريد أن يؤمننا ولكن أيضا يريد أن يؤمن قومه، هذا الحال يجب علينا أن نتأمل فيه أنه يريد أن يؤمننا وأن يؤمن قومه. هؤلاء أصناف فيمكن أن نقول
إنهم ليسوا على قلب رجل واحد وليسوا على صنف واحد، بل منهم هؤلاء ومنهم هؤلاء. كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها. أي أنهم هذه الفئة لأنه كان يتحدث في الآية السابقة إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أي في فئة بيننا وبينهم ميثاق أو جاءوكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم لا يريدون لا أن يخرجوا من القومية والوطنية ولا يريدون أيضا أن يخرجوا من أمة الإسلام وأن على المسلمين بالقرب هناك طائفة ثالثة هذه التي
نتحدث عنها ونلاحظ هنا أن الله لم يعب عليهم أنهم يريدون أن يوائموا قومهم ولا أن يكونوا معهم لم ينههم عن ذلك كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها يعني كلما عرض عليهم أمر من الفتنة وإحداث الحرب ضد المسلمين ترددوا وذهبوا وجاءوا وقالوا وعادوا وانقسموا قسمين، قسم فضل أن يقاتل المسلمين وفضل وطنيته على
انتمائه لأمة المسلمين، وقسم فضل أن يعتزل وأن ينسحب وأن الانسحاب أحد الحلول الناجعة في هذا الموقف، فهو لا يريد أن يكون ضد وطنه وله هذا، ولا يريد أن يكون ضد المسلمين وله هذا، فإن لم يعتزلوكم فسيبقى في طائفة ستعتزل وطائفة لا تعتزل فلنبق في طائفة من لم يعتزل فهو لم يعتزل ويلقوا إليكم السلم ما اعتزل ولم يقدم السلام على الحرب بل انضم لجيش العدو المتوجه
إلى بلاد المسلمين لقتالهم ويكف أيديهم هذه درجات إذن ويكف أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا يبدو أنه ليس فيها صعوبة، إذا جاء يعتدي علي فسأقتله ولو كان مسلما، لأنه وإن جاء مع جيش وطنه وإن لم أنكر عليه وطنيته، إلا أنه كان يمكن أن يعتزل وأن يعتذر عن الحضور في هذا الجيش، فإذا أتوا به رغما
عنه فإنه يجب عليه أن يكف يده، فإذا لم ولم يلق السلام فإنه حينئذ حلال القتل لأن الأمر هنا أمر حياة أو موت أمر نصر أو هزيمة أمر عدوان أو رفع للعدوان وليس فيه فصال وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته