سورة النساء | حـ 734 | 92 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

سورة النساء | حـ 734 | 92 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة - تفسير, سورة النساء
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء، والله سبحانه وتعالى يعظم شأن القتل وينبه على مدى جرم هذه الجريمة النكراء، حتى ولو تمت على سبيل الحادث والقضاء والقدر والخطأ، فتعظيما لشأنها في قلوب الناس. وإدراكا لمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم عن أقدس مكان وهو الكعبة المشرفة: ما أشد حرمتك عند الله ولدم إمريء مسلم ريحك، اشد عند الله حرمة منك الله سبحانه وتعالى قد جعل الدية والكفارة جزاء القتل الخطأ، وجعل
الدية والكفارة جزاء وتعالى وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يتصدقوا، ومن هنا أخذ العلماء أن الصدقة قد تكون للغني لأن القاتل قد يكون غنيا إلا أن أهل القتيل لو تنازلوا عن الدية لكان ذلك بمثابة الصدقة. التي تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فمن لم يجد هذه الرقبة المؤمنة حسا أو شرعا فصيام شهرين متتابعين توبة
من الله وهنا معنى هذا أن الله لما قدر علي هذا الحدث، هذا الحادث، فإنه يجب علي أن أستغفر الله سبحانه وتعالى وأن الله ما وضعني في هذا إلا من أجل الاختبار وإما من أجل أن أتحرك وأن أرجع إليه وأن أتوب وأن أنيب إليه سبحانه وتعالى، فمعنى هذا أن التوبة هنا ولو كنت لم أقصد ولو كنت قد صدر مني هذا خطأ إلا أن التوبة واردة ولا بد علينا أن نتبرأ من هذا الفعل الفظيع فما بالكم بمن يقتل المؤمنين عمدا ويخرج على أمة النبي المصطفى بل على البشرية كلها لا يفرق بين مؤمن
وكافر ولا بين تقي وفاجر بل يقتل الجميع في فوضى لا مثيل لها في تاريخ البشرية، توبة من الله إذا هذه الأمور جعلها الله طريق التوبة ومن هنا ذهب كثير من العلماء إلى أن الكفارات تكفر الذنوب فعلا وما دام قد وفقك الله إليها وأديت ما عليك فإن الله يتوب عليك وإذا لم تفعل ذلك فقد خالفت حكمة وإذا خالفت حكمة فقد وقعت في إثم حقيقي متعلق بإرادتك ومتعلق بوضعك ومن هنا كانت هذه الكلمة التي تصف الكفارة وتصف الدية المسلمة إلى أهله توبة من الله يعني هذا هو طريق التوبة وكان الله عليما حكيما
كان الله عليما بحال القاتل وكان الله عليما بحال المقتول وكان الله عليم بعصبة القاتل وعاقلته وعائلته وأحوالهم المادية وكان الله عليما بأهل المقتول وبأبنائه هل يحتاجون أم لا يحتاجون أأغنياء أم يتكففون الناس ما مدى حاجتهم وما مدى تسلية قلوبهم بهذه الدية المسلمة الله عليم ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وهو حكيم فالله سبحانه وتعالى يدبر كونه كما يشاء والله هو الذي قدر هذا الحادث وهو الذي جعل أطرافه هؤلاء الناس إلا أنه رسم لنا تسلية للقلوب وإرشادا للخلق هذا الطريق المبارك ولذلك فإنه عندما يحدث القتل الخطأ وتأتي
ثورة الغضب وثورة الانتقام عند بعضهم فإنهم يقولون لا نحن لا نقبل الدية ونريد القصاص فلما نفهمهم أن في هذه الحالة ولأن القاتل لم يقتل عمدا حتى ولو كان قد ارتكب خطأ، حتى لو كان قد ارتكب تقصيرا إلا أنه لم يقصد هذا القتل فإنهم يرفضون هذا ويريدون الانتقام محض الانتقام. هؤلاء إنما سيطر عليهم الغضب والحقد ولم يكونوا ولم يستطيعوا أن يخرجوا منه وأن يقفوا عند حدودهم. الله واقفون تحت أمر الله سبحانه وتعالى يقفون عند توجيهه وأمره ونهيه لا يفعلون هذا وكان الله عليما حكيما يذكرنا بصفة العلم ويذكرنا بصفة الحكمة التي
يهبها لعباده والتي ينبغي أن نتحلى بها، الصبر عند الصدمة الأولى وجد النبي امرأة تبكي وتنوح على ميت فنصحها فلم تقبل نصيحته ثم عرفت أنه النبي فقالت اصبري يا رسول الله قال إنما الصبر عند الصدمة الأولى وكان الله عليما حكيما وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سورة النساء | حـ 734 | 92 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة | نور الدين والدنيا