سورة النساء | حـ 737 | 94 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون أهلا بكم ومرحبا، وكل عام وأنتم بخير مع كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سورة النساء، والله سبحانه وتعالى يرسم لنا طريقا في التعامل في جميع الأحوال في السلم وفي القتال. وفي السلام ويقول سبحانه وتعالى يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا والتبين معناه التثبت فتثبتوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة إذا فالله
سبحانه وتعالى في ملكه المغانم الكثيرة فالامتثال للأمر يعود علينا بالخير في الدنيا وفي الآخرة وإذا ضاع منا شيء في الدنيا فإننا نحصل عليه في جنة ربنا في الآخرة ومن هنا تأتي أهمية الاهتمام بالجنة بعض الناس يكتبون ويقولون هلموا بنا نلتفت إلى حياتنا الدنيا ولندع مسألة الجنة ونعيمها لوقتها هذا خطأ لأن هناك اتصالا وثيقا بين قضية الجنة والنار وبين سلوك المؤمن الحياة الدنيا فهذه الجنة وهذه النار تتحكم في سلوك المؤمن بالإحجام وبالإقدام وهنا أيضا لا بد لنا أن ننبه إلى أن الصورة الخاطئة المغلوطة التي يفهمها كثير من الشباب عن الإسلام وعن أحكام الإسلام عندما تصدر من غير المتخصصين
فإنها تؤدي إلى بلاء شديد ولذلك أمرنا ربنا فاسألوا أهل الذكر كنتم لا تعلمون أمرنا ربنا فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون أمرنا ربنا سبحانه وتعالى باحترام أولي الأمر وهم العلماء وهم الحكام ومن بأيديهم الأمر وكل ذلك يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم آخر ما هنالك من بناء عقلي إذا ما تركناه أصبح فوضى وأصبح الأمر ذا حدين وأصبح الكلام عن الجنة والكلام عن النار في هذه الحالة مع تلك الصور المشوهة يؤدي إلى فتنة ولا يؤدي إلى رحمة فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل
فمن الله عليكم إذ يذكرنا ربنا سبحانه وتعالى بالرحمة يذكرنا ربنا بالدعوة يذكرنا ربنا سبحانه وتعالى بالهداية وأنها بيد الله كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم كذلك كنتم على غير الإسلام فمن الله عليكم بالإسلام فإياكم أن تبخلوا بالإسلام وأن تبخلوا بالهداية ولو من قلوبكم ولو بتمنيكم للخير للآخرين على البشرية جمعا ولذلك لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه إلى خيبر، وقال له: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم، من حمر النعم، وحمر النعم معناها الأنعام الحمراء، الإبل الحمراء، والإبل الحمراء غالية جدا، إذا كانت الإبل العادية بمائة
فهذه تجدها فتخيل واديا فسيحا مليئا بهذه الثروة الحيوانية الضخمة التي كانت أساس المعيشة في ذلك الوقت، كل هذا هداية شخص واحد خير لك من كل هذه الثروة التي تقدر بملايين الملايين، فإنك لو وفقك الله لهداية شخص واحد فإنك تكون قد حصلت على واد كبير مليء بحمر النعم، كذلك كنتم من قبل فمن الله علينا يبقى إذا أردنا أن نعرف الحقيقة فإن الهداية بيد الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء فتبين لا تأخذ العادل بالباطل والطاغي بالخامل
بل تبين أن الله كان بما تعملون خبيرا مطلعا على الظاهر مطلعا على الباطن مطلعا على الماضي وعلى الحاضر وعلى المستقبل. مطلع ويعلم إذا تصرفت أنت هذا التصرف لنفسك أو لنفسك ووطنك أو لنفسك ووطنك ودينك أو لهما مع شيء من إشراك الذات أو أن ذلك كان خالصا لوجه الله تعالى، يعلم الله سبحانه وتعالى كل ذلك، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، عليم بذات الصدور، ولذلك هذا هو معنى الخبير. فإنه يخبرك ظاهرا وباطنا ماضيا وحاضرا ومستقبلا بكل
علاقاتك وبكل توجهاتك وبكل أفعالك وبكل حالاتك وهذه عقيدة راسخة عند المسلمين أنهم يؤمنون أن الله لا يطلع على الكليات فقط ولم يخلقنا ويتركنا عبثا بل إنه سبحانه وتعالى قادر على أن يسمع حركة النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء وأنه سبحانه وتعالى لا يمنعه من العلم شيء وأنه بكل شيء محيط إحاطة علم ومحيط إحاطة إرادة ومحيط إحاطة قدرة ولذلك هذه الإحاطة التي هي لله سبحانه وتعالى تجعل الإنسان يخشى
ربه ويرجو رحمته ويخشى عذابه وحينئذ يستقيم الإنسان على أمر الله سبحانه وتعالى كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ولا يقل ما يقوله من قبل الإسلام أو من قبل إسلامكم، كذلك كنتم من قبل. وقبل هنا يقطعها عن إضافتها، ولذلك فهي تعم فتصبح كل قبل: قبل الزمان وقبل المكان وقبل الحال وقبل معرفتكم لهؤلاء الأشخاص وقبل الحرب وقبل كل شيء. فمن الله عليكم إذن فهناك هداية من الله والأمر بيد الله وما دام الأمر ليس بيدكم فلا تبخلوا
على البشرية بالدعوة بلغوا عني ولو آية إلى لقاء قريب أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته