سورة النساء | حـ 744 | 97 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة النساء يبين لنا الله سبحانه وتعالى مسؤولية الإنسان عن أفعاله وأن الله سبحانه وتعالى قد جعل السلطة والمسؤولية وجهين لعملة واحدة فما دام قد أعطاك القدرة على الفعل فإنك ستسأل إذا ما قصرت وإذا ما تركت وإذا ما عصيت بناء على هذه القدرة فيقول ربنا سبحانه وتعالى إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة
فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا والنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة ليضرب لنا مثالا إلى يوم الدين لهجرة الأمان أن من ضيق عليه في وطنه آمنا فلم يأمن على نفسه أو ماله أو عرضه فله أن ينتقل إلى بلاد أخرى يكون فيها الأمن والأمان ضرب لنا مثالا بهجرة الإيمان التي فعلها جميع الأنبياء فهاجروا بالمؤمنين من أماكنهم فرأينا إبراهيم صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم تسليما كثيرا وهو يقول إني مهاجر إلى ربي
سيهدين فهاجر فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي هاجر إبراهيم ترك قومه هجرة إيمان وقد تكون أيضا هجرة أمان لأنهم ألقوه في النار وهاجر موسى ببني إسرائيل وهاجر عيسى إلى مصر صغيرا وهاجر نوح بسفينته فرارا من الغرق، هجرة الأنبياء موجودة بتفاصيلها في القرآن، إذا فهذا مما يرضي الله أن تهاجر في سبيل الله أمنا أو إيمانا، لكن الهجرة المخصوصة
التي قسم الصحابة بشأنها إلى المهاجرين والأنصار انتهت بالفتح، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة لا هجرة بعد الفتح وإنما جهاد ونية، لكنه مع هذا فتح لنا باب الهجرة ووسع معناها جدا حتى قال صلى الله عليه وسلم: والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه، يعني بعد ما أغلقت الهجرة المصطفوية لانتهاء زمنها فتح لنا الهجرة الإيمانية لبقائها إلى يوم الدين، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه وفي
حديث ولو أن تهاجر شبرا من الأرض أي تهاجر شبرا من الأرض يعني كيف يعني فكان بعض مشايخنا قديما هكذا كان يوجد وما زال ازدحام في المواصلات واختلاط الرجال بالنساء وتأذ من هذا فكان يقول ها هو ظهر الحديث ها هو ذا لو تحركت فقط تحافظ على حرمة المرأة أختك في الليل لا تضايقها تبتعد فقط شبرا هكذا يعني رجل بجانب رجل فقد هاجرت في سبيل الله والله لقد تبين أن الشبر فعلا شبر حقيقي نحن كنا
نظن قديما أن الشبر مجازي يعني أي شيء يعني القليل والكثير شبر يكون قليلا لا هذا شبر حقيقي تهاجر في سبيل الله يعني بعيدا عن الأذية والضرر والإضرار والمعصية وقلة الأدب وقلة الحياء وقلة الديانة، هاجر، ويحدث أن يتحول أحدهم من مكتبه إلى القضاء الذي بجانبه، الحجرة التي بجانبه، يتحرك فيها هكذا، ينتقل يعني من هنا إلى هناك، ونيته في ذلك ألا يسمع الغيبة ولا النميمة ولا البهتان ولا الذي يعمل طوال النهار قم فليكن مهاجرا مترا من الأرض وهكذا إذا فهذا
شعور ما زال باقيا في صدر المؤمن أن يهاجر في سبيل الله ولو شبرا من الأرض ما كنتم تستطيعون أن تهاجروا استسلمتم لماذا هكذا تحت عنوان الاستضعاف والله خلق لكم العقل والله خلق لكم الأرض الواسعة تهاجروا فيها فإن أرض الله واسعة، هذا ما كان من قولهم قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها. إذا فهمنا معنى الهجرة، قد تكون للأمن وقد تكون للإيمان وقد تكون بعدا عن المعصية وقد تكون طلبا
للعلم وقد تكون برا بالوالدين وقد تكون في سبيل الله طلبا للجهاد. بكل أنواعه وقد تكون طلبا للرزق وقد تكون واسعة المعنى واسعة، ولو هاجر شبرا من الأرض وأتيت لأجد شخصا يعتمد على زوجته في القيام بشؤون البيت وهو جالس هكذا يدخن وزوجته تعمل، فلماذا لا ترضى أن تتحرك؟ يقول لك: هل أنا أجد عملا؟ لا، أنت كاذب لو حدث لك هذا بهذا الشكل المجنون هكذا يجب أن تعمل ستعمل تعمل أي شيء لكنك غير راض ولذلك هذه مصيبة كبرى نقع فيها وكلها دائرة كما نرى حول الاجتماع
البشري وترتد في كثير من الأحيان إلى أصول الاجتماع البشري في العلاقة بين الرجل والمرأة إذن الصورة هذه صورة لأنها تؤسس لنا هذا المعنى من كل جوانبه وبدقة وبتفصيل عميق، ولكن يحتاج إلى تدبر وإلى تداعي الأفكار وإلى الالتزام بدلالات لغة العرب حتى يفتح الله سبحانه وتعالى علينا فهما في القرآن يؤتاه الرجل منا كما يقول علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وإلى لقاء آخر نستودعكم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته