سورة النساء | حـ 745 | 98 - 99 | تفسير القرآن الكريم | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة النساء يقول الله سبحانه وتعالى بعدما بين أن هناك سؤالا ومسؤولية لمن أعطاه الله القدرة وأنه لا يكفيه أن يدعي الاستضعاف، فالله سبحانه وتعالى من رحمته يبين لنا أن الأمر يتعلق بالسلطة والقدرة التي أعطاها الله لك من قدرة جسدك على الحركة أو عقلك على التفكير أو نفسك على استيعاب الأمور فيقول إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا في
حالة حقيقية فعلية من الاستضعاف أنك لا تقدر على فعل شيء حقا على وجهه ليس الأمر أنك لكي تهاجر عليك أن تخالف سنن الكون أو تخالف سير المجتمع، فكيف يسير المجتمع وسنن الكون على قدميه في زمن لم تعد فيه طرق ولا أدوات تؤهلك للمشي على قدميك، فتضل في الطرقات وتموت لأنك خالفت سنة الله في كونه، أو أنك تخالف القوانين الآن في القوانين تقول لك لا تدخل البلد الفلاني إلا بتأشيرة فتذهب أنت هكذا من غير تأشيرة ما هذا يا
أخي أليس من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا لا ينفع هذا الكلام أنت تخالف إما سير الكون وإما سير المجتمع وهذا لا ينفع ولذلك نبهنا تنبيها مستقلا في الآيات المستقلة على هذا أن هذه المقدرة للقادر فعلا قادر أنه يستخرج جواز سفر وقادر على أن يحصل على تأشيرة وقادر أن يحصل على تذكرة لكي يركب وسيلة نقل رسمية ويذهب بها إلى البلد الذي يريد أن يذهب إليه وقادر على أن ينجح هناك على كذا وكذا ماش، إذا كان الأمر يحتاج إلى هجرة أمن أو هجرة إيمان أو إلى طلب علم أو إلى بر بالوالدين أو إلى طلب رزق أو
كذلك، إنما يأخذ بعضه بطريقة غير شرعية، يعني ماذا؟ يعني مخالفة لسنة الله في كونه أو مخالفة لسير المجتمع ويذهب يطلب من غير عقد عمل ومن غير نظام، هذا خارج فيقول له: اقعد، هذا أفضل، فأنت ضررك سيصبح ضررا أبلغ من السكوت. هكذا سأعفو عنك إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، نعم، لا يقدرون وليس لديهم حيلة. تعني ماذا؟ تعني أن تفكر، أي فكر وتدبر، فوجدها مقفلة فحسب. يجب أن تفكر،
حسنا فكرت ووجدتها مغلقة، وعندنا في مصر هكذا تعبير يقول لك هذه مغلقة السيجة يعني تأتي بها هنا تأتي بها هنا لا توجد فائدة، انغلقت معك، نعم مغلقة السيجة هذه خاصة بماذا "لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا" لا يعرفون شيئا، انغلقت معه، من الذي أولئك الأقفال التي منعتهم من فتح سبيل أو من إدراك حيلة، فأصبحت المسألة قد انقلبت إلى شيء آخر وهو التسليم والرضا بأمر الله، فتبقى جالسا في مكانك هذا أمر الله هكذا، الجماعة الكبار آباؤنا وأمهاتنا كانوا يقولون هل الله يريد أن يغير الكون أم ماذا، وكان هذا في
ذاته أي ممنوع وكأنه معصية وهو الاعتراض على أمر الله الذي أعطاك قوة ومكنك وأباح لك وأتاح لك وفتح لك أن تمضي في المسائل بأسبابها أولا تشارك وتأمر وتنهى ولكن إذا ضيق عليك ورأيت أن هناك تهديدا على نفسك ومالك وعرضك وما إلى ذلك فامض بما استطعت وما لم تستطع إلا والنساء والأولاد لا يستطيعون حيلة، هذه واحدة لا قدرة لها، فإذا كان التكليف على قدر الاستطاعة كما قلت، ولا يهتدون سبيلا لا يوجد أحد حتى جاء فحملهم وقال له: تعال أنا سأيسر لك هذا
الأمر، أنت لست قادرا بنفسك ولكنني سأقول لك، ولذلك جاءت التربية التي رباها المشايخ والمرشدون للأفراد عبر التاريخ عن طريق التصوف جاءت في غاية الأهمية، كيف يعلمك الرضا، كيف يعلمك التسليم، كيف يعلمك حقيقة التوكل، كيف يعلمك فيتضح للإنسان الفرق بين القدرة وفتح السبيل والهداية وبين الضعف الذي يفقد فيه الحيلة ويفقد فيه السبيل "لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا" فأولئك عسى الله وعسى من عند الله يعني
انتهى الأمر أصبحنا من عند ربنا عسى خاصتنا عسى أن أفعل لك يعني ربما وربما لكن عسى خاصة ربنا يقين عسى الله أن يعفو عنهم انتهى يعني عفا الله عنهم عسى الله يعني عفا الله عنهم لكن هذه عسى هذه عندنا يعني يمكن ويمكن نعم عندنا صحيح يمكن ويمكن في المستقبل نحن في كلام نحن أما كلام الله فعسى منه يبقى يقين من رحمته فالله واسع لا أناله منا لا ضر ولا نفع عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا ما هذه الحلاوة عفوا غفورا يعفو ويعفو عن كثير ويغفر
عفوا هذا يقول لك ماذا إنها من الأضداد يعني ماذا من الأضداد يعني لها معنيان متضادان فعفا أي ترك الشيء تركا تاما وعفا أي فعل الشيء فعلا تاما انظر هذه سموها الأضداد مثل الأضداد هكذا يسمونها سليم مريض وصحيح الاثنان في اللغة اسمهما ماذا سليم انظر عفا عندما يقول النبي أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى، يعني أعفوا: اتركوا، يعني
وعفا: خذ العفو، آه العفو هنا يعني الزيادة، إذن عفا يعني الترك التام، وعفا يعني الزيادة التامة عكسها، فربنا سبحانه وتعالى عفوه، طيب وعفوه هنا يعني ماذا؟ يعني يترك ذنوبك كلها ويأخذ حسناتك كلها، الاثنان معا وهذا ينفع؟ قال في قبيل البشر لا ينفع، في قبيل الله ينفع. أتدرك ذلك؟ فاحمدوا ربكم أن لكم ربا كريما. وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.